06-04-2020 03:10 PM
بقلم : د.م عبدالحفيظ حسين الهروط
لقد رحل المناضل العربي الأردني الكبير، ضافي الجمعاني عن الدنيا الفانية تاركها لنا بفسادها ووبائها وظلم طواغيتها وعهر ترامبها وغفلة عربانها وعنجهية أبليسها النتن،وقلة مصليحها وفجرة شعيتها؛ ليلقى محمد صلَى الله عليه وسلم وصحبه بإذن الله سبحانه وتعالى: بريئاً، نظيفاً من وسخ وبراثن هذه الحياة الزائلة. وبما أنني كنت جاراً لهذا المناضل الكبير ووالدي صاحبه من حيث الجيرة الصادقة والقرابة القبليَة (أبناء قبيلة بني حميدة) والاخوة النبيلة بينهما ذات العلاقة المتينة غير الانانية. فاقول الحق: أن هذا البدوي الملثم قد ولد في مضارب عشيرة الجماعين-بني حميدة عام (1927 الذي عُرف بعام الهزة) شرق مدينة ذبيان (قرية أم شجيرة) جنوب محافظة مأدباً، الذي توفي والده وهو في الثانية من عمره، ثم تربى في بيت عمه الشيخ سليمان مبارك الجمعاني احد شيوخ قبيلة بني حميدة،على الصدق والامانة والنضال المجبول بسجايا شخصيته البدوية المؤمن بامته، وباهدافها السامية ذات المصداقية في العمل الوطني. حيث يعد ضافي الجماعي الثائر العنيد على نفسه أولاً ليحولها من النفس الآمارة بالسوء إلى النفس المطمئنة لينال حريته في تحقيق الاهداف النبيلة للامة، وكان دليل عناده الثوري: تَمرده على قائد كتيبته (كتيبة المدفعية الخامسة) الانجليزي ثم تسلم قيادتها، بعد أن التحق في الجيش العربي الأردني عام 1948م. ثم إنضم إلى حركة الضباط الأحرار الأردنيين، ثم إنضمامه لصفوف حزب البعث العربي الاشتراكي في آذارمارس عام 1956، وأصبح عضواً في اللجنة العسكرية التابعة للقيادة القُطرية. وفي 1957م اعتقل ضافي الجمعاني على خلفية الإتهام لحركة الضباط الأحرار بمحاولة الانقلاب على الملك الحسين بن طلال طيب الله ثراه.
ثم خاض أبو موسى تجربة السجن والاعتقال على خلفية ما عرف بانقلاب عام 1956 -1957 في تاريخ الاردن، وكان احد الضباط القوميبن اللامعين، وخرج من الاعتقال في حكومة وصفي التل. ومن ثم انتقل الى تجربة العمل الفدائي معتلياً صهوة قوات الصاعقة كجزء من منظمة التحرير الفلسطينية لتحرير فلسطين من براثن الاحتلال الصهيوني، دافعاً بذلك ثمن فكره الثوري العروبي في القوات المسلحة الاردنية ومنظمة التحرير ثائراً من اجل فلسطين، ورمزاً قيادياً للتيار القومي في الاردن الذي كان أحد المساهمين في إنهاء كارثة ايلول الاسود بين المنظمة والأردن. ومن عام 1971-1994م رجع معتقلا مع نخبة من رفاقه في حزب البعث العربي الاشتراكي في السجون السورية لرفضه الحركة التصحيحية التي قادها حافظ الاسد ليصبح رئيساً لسوريا. وبذلك يكون عدد سنوات الاعتقال لهذا الثائر الكبير 33عاما (أكثر سياسي أعتقل في العالم). عاد إلى الاردن بعد خروجه من السجن، وقد تبدلت الأجيال، ومر الزمن بخطواته المثقلة على كثير من قضايا الأمة الرئيسية، وليستقر في بيته في مدينة مادبا مزارع يأكل مما يزرع، ومصدَراً كتابه (من الحزب إلى السجن) مضيفاً نضالاً فكرياً كجزء من الذاكرة الوطنية في تحقيق أهداف الامة في التحرر الوطني ومقاومة الاستعمار في كل زمان ومكان.