07-04-2020 01:20 PM
بقلم : الدكتورة ماجدة عودةالله ابو جاموس
هي صور قلبتها وانا في هذه الجلسة ، وهذا الحظر الذي نعيشه عنوة ، صور بعضها قديمة اعادتني الى سنوات خلت (ابيض واسود ) ، لكنها رغم قدم تفاصيلها الا ان بقيت برونقها ذات بهجة ونقاء ، واخرى ملونة بالوان فرح تلك الايام ، هو ماضي عشناه بحلو ايامه ، بطيبة اهله ، بنقاء جوه الاسري والعائلي ، بهدوء ربيعه الذي طالما انتظرناه ، لنلهو ونلعب بفناء البيت ، صغار كنا ، لا نعرف للهم معنى ، ولا للخوف طريق ،تجمعنا محبة ، تلفنا بهالة فرح لا تعرف حدود للزمن ، فآفاقها لا محدودة .
كبرنا وكبر الالم ، وكبرت حتى الجغرافية والعالم من حولنا ، ( اسميا ) ، الا انه فعليا غدا قرية صغيرة ، تعلقنا باجهزة صغير ة ، قدموها لنا ، لا ليسعدونا ، بل ليوجهوا عوالمنا الى اينما ارادوا ، (هي سياسات رسمت للاجهاز علينا ) اجهزة تلفون ، او كمبيوتر ، تفتح لنا الافق ، الذي رسموه لنا ، وسمحوا لنا بالتجوال في ثناياه ، وكأنما ما يحدث في اخر العالم ، وابعد نقاطه ، نحن معنييون به رغم انوفنا ، كانما هو في الغرفة المجاورة او في في حينا ، او في المنطقة المجاورة لنا .
نعم باتت همومنا كبيرة ، والمنا اكبر واكبر ، باتت الايام تترى وتمضي ، ولا معنى لها ، هي تشبه بعضها ، تخلو من اي نكهة. ، اصبحنا نحنو الى رغيف امي وخبزها. ، والى زيتنا وزعترنا ، برائحته وطعمه المغموس بطيب النفوس ، والمعطر بالمحبة والالفة ، اصبحت قلوبنا تحن لفرحة قدوم الربيع والازهار تختال فوق السفوح والروابي باقحوانها وجوريها ، تحن لرائحة القيصم والبابونج والنعنع ، اشياء واشياء كنا نراها عادة وعادية ، لم نتوقع بان ياتي هذا اليوم الذي كبرنا فيه وكبر ت اجيال بعمر زهور الوطن ، قبل اوانها ، ترى هل كانت حاسبة الايام سريعة الى هذا الحد ؟ هل كانت دورة الطبيعة ، تسير بنا الى عوالم تجهل المستقبل ، وترغمنا على دخوله رغما عنا ؟ ، رغم ما هيئ به من اختراعات وتقدم ونهضة وضعت العالم بالمطلق في يد كل منا . اشياء وذكريات ، كم اتوق الى عودتها ، ببساطتها وبساطة من كانوا ابطالها ، بامكانها الرائعة ، بسحر ارضها ونقاء اجوائها .
لا ادري ماذا انتابني ، ترى هل ما نمر به اليوم ، من فتك هذا الوباء. ، وهذا الفايروس ، ( كورونا). وفي ضوء الكم الهائل ، ومع ما وصلت له الدول الكبرى من تقدم ، وسباق تسلح ، ورعب نووي ، وتقدم اقتصادي مهيب، وحسابات ذات ارقام فلكية ، وغنى فاحش ، و فقر اوحش ،
في وجه كل هذا الجبروت ، وفي زحمة التكنولوجيا والعولمة ، وتقارب المسافات و الدول ، وصرعاتها المريرة التي وقعنا نحن ضحية لها ، يشرع هذا الوباء الباب على مصرعيه ، ويقف الكل عاجزا عن ايقافه ( او هذا ما تود الدول الكبرى الايحاء به. ) ، وقد تغلغل في ادق تفاصيل حياتنا ، بل ودخلها بلا استئذان ، واكل الاخضر واليابس ، ربما هي حلقة من حلقات الحروب ، التي اتخذت اسماء ومصطلحات ، وانفقت عليها المليارات ، الا انها اليوم وقفت عاجزة ( او انها تدعي العجز ). باتت مكتوفة الايدي ، نرى دولا كبرى ، رسمت معالم ايامنا ، تحكمت بسياسات العالم ، كانت على الدوام سيدة المواقف وحتى موقفنا ( شأنا ام ابينا. )، تأمر وتنهي ، وعلينا ان نذعن لها ، ( السمع والطاعة ) ، ولكنها اليوم ، تقف عاجزة ، عن مواجهة فايروس لا يرى بالعين المجردة ، خلف الدمار ، فتك بالانسانية ، اجتاح العالم ، الغى معه الجغرافية والسياسة والاقتصاد والاجتماع ، الغى كل ما درسناه في علم العلاقات الدولية ، اهو وضع خطط له ان يكون عنوانا للمرحلة ؟ اهي سياسة دول صاغتها مؤسساتها ، لكنها لم تستشرف الى ماذا ستؤول هذه السياسة ، ام هي حرب من نوع جديد باتت ويلا على من صاغ بنودها وخطط لها.
احن الى الماضي ، الذي خلى من هذه التكنولوجيا ، من عولمتها ، من صراعاتها ، احن الى راحة. العقل والقلب ، والى رائحة الخبز ، بقمحه الذي تقف سنابله شامخة في سهول وطني ، احن لماض ، ذهب بحلوه ، ببركة ايامه ، وبطيب قلوب اهله .