07-04-2020 08:45 PM
بقلم : فدوى خصاونة
كنت أتوقع أن أشاهد في حياتي أمورا كثيرة ؛ زلازل براكين حروب،وأكثر من هذا بكثير.
ولكن لم أتوقع أن أشاهد العالم كله يرتدي كمامات وقفازات.
ولم أتوقع يوما أن تكون المصافحة والسلام خطيئة العصر والزمان.
لم أتوقع أن يصبح السير في الطرقات ضربا من الجنون وجريمة يعاقب عليها القانون .
لم اتوقع أن تصبح كلمة مخالط تستوجب تحقيقات وملاحقات .
فهل نحن على عتبات نهاية العالم ؟
يبدو عالمنا اليوم متعفن متداخل غير واضح المعالم . يبدو مضطرب مشوش ؛ هكذا يرى البعض العالم .
كبرتقالة يضربها العفن فتتداخل القشور واللب ولا يعود لها كيان و بلمسة واحدة تفقد شكلها وانتظاماتها.
والبعض الآخر يرونه منتظما معقما،ونظيفا؛يرونه عالما مخلوقا للجميع ،ويلف ويدور ويعود كما يجب ،وكما اعتدنا أن يكون.
و بعضهم يرى العالم مخلوق لهم؛فكان لزاما عليهم تلويثه وتصفيته بمبيدات وحروب وأوبئة .
يرون أن الأرض كلها لهم وهم الأحرار وغيرهم العبيد؛هم السادة وغيرهم الخدم المطيع.
فكيف السبيل إلى النجاة بالنفس من العبودية والتبعية ؟
إنجو بنفسك وابتعد عن هؤلاء العشوائيين العابثين دعهم ينضحون كالإناء بما امتلأت عقولهم من حماقات وتمرد على الإنسان والحياة .
أتركهم يخوضوا ويلعبوا حتى يصلوا عنان السماء.
جاء وباء كورونا بكشف الطابق غير المستور؛كشف ان الإنسان لا زال أميَّا في الحياة ؛ لازال في مرحلة التمهيدي يغفل علوم الارض والحياة .
جاء كورونا هذا الفيروس القذر الوضيع فأظهر كمَّ الوضاعة والسخف والحماقات التي يعيشها من يدَّعون القوة .
من يدَّعون أنَّهم انتهوا من الأرض وهم الآن في طريقهم لتسخير القمر والكواكب ليقيموا فيها .
بالأمس غير القريب قال عالم الفلك هوفمان : حلمي أن يصبح القمر جزءا من المجال الإقتصادي للأرض .
وقال باحثو الفضاء: نحن نسعى لنزهة بشرية إلى القمر وبعدها المريخ فنحن نعمل على إنشاء قاعدة على سطح القمر لتكون مستودعا للوقود وتنظيم رحلات للفضاء العميق .
إنهم يخططون لإنشاء قاعدة تساهم في تثبيت تلسكوبات فضائية للبحث،والدراسة في أسرار الفضاء ؛وكل هذا لأجل العيش على القمر بعد أن ضاقت عليهم الأرض بما رحبت .
فبعد أن كان هؤلاء منشغلين بإعداد رحلات فضائية جاء كورونا لصرف النظر عن أحلامهم بنزهة إلى سطح القمر إلى ضرورة أخذ الحذر من كل الأسطح التي تعتبر مأوىً وملاذاً للفيروس الشرس فأصبح أقصى آمالهم أن يتخطوا عتبة بيوتهم؛لرؤية نور الشمس أو الجلوس على ضوء القمر .
جاء كورونا ليبين للبشرية انها لا زالت تجهل معنى فاغسلوا وجوهكم وأيديكم كما أنها تجهل الكثير عن خبايا الأرض ومكوناتها ، ولم تحط بها علما .
وعند النظر إلى كمِّ الخطايا التي ارتكبتها البشرية على كوكب الأرض من حروب وتلوث واستهلاك ؛أعلنت الأرض تمردها وحربها على البشرية ؛ فالأرض لا تحمي العابثين.
فعندما نعطي الأرض النفايات الأخلاقية ستعطينا الفيروسات الوبائية وعندما نعطيها المحبة ستمنحنا السلام والخير .
نحن اليوم أمام رسالة عميقة المضمون أن علينا أن نعتني بالأرض،وندرجها على سلم أولوياتنا .
علينا أن ندرك أن الأرض مسخرة ومجهزة للحياة ، فنأخذ منها بقدر ما نعطيها.
نحن أمام بطاقة دعوة من الأرض لإعمارها وبث السلام والطمانينة على سنة الله ورسوله؛والأرض سخرناها لتحقيق الكرامة.
فقبل أن نسكن القمر ونأوي إليه علينا أن نتعلم كيف نعيش على هذه الارض المعدّة خصيصا للبشرية .
كورونا يبث رسالته صوت وصورة لمارد المصباح ونمرود العصر ويقول خليك بالأرض.