حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الأحد ,24 نوفمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 2301

الرُهاب الإعلامي في ظل تداعيات فايروس كورونا

الرُهاب الإعلامي في ظل تداعيات فايروس كورونا

الرُهاب الإعلامي في ظل تداعيات فايروس كورونا

07-04-2020 10:40 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : قيس بني خلف

منذ إعلان الصين رسمياً عن ظهور فايروس يسمى كورونا، في ديسمبر 2019 في مدينة ووهان الصينية، وتم تصنيفه من منظمة الصحة العالمية في 11 مارس 2020 تحت مسمى جائحة، لم يلقى الفايروس أي أهتمام ولا ترحيب في الصحف والقنوات العربية بالشكل الذي الذي يليق بحجم هذا الفايروس الكارثي، وعند تسجيل أول حالة في الدول العربية، بدأت جميع الصحف والقنوات الرسمية والغير رسمية والمواقع الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي وحتى الأفراد بتدوين وتقصي أخبار هذا الفايروس الغريب القادم من الصين، وبدأت حملات التوعية من تداعيات الفايروس عبر القنوات الرسمية للدول العربية، وإن جاز لي التعبير نجحت الأردن انموذجاً في قيادة الحملات الإعلامية التوعوية الناجحة المستندة إلى دراسات وحقائق وأرقام ومعلومات طبية دقيقة، بالإضافة إلى الصراحة مع المواطنين والمقيمين في الإعلان عن عدد الحالات من خلال إيجاز صحفي شامل لوزيري الدولة لشؤون الإعلام والصحة ومدير عمليات خلية أزمة كورونا يصدر يومياً في المركز الوطني للأمن وإدارة الأزمات ويبث على جميع القنوات ووسائل الإعلام الأردنية، يكشف عن عدد الحالات المصابة والشفاء وآخر التطورات والتعليمات الصادرة عن الحكومة، مما عزز منسوب الثقة بين الحكومة والشعب.



ومنذ تشكيل خلية أزمة كورونا والتي انطلقت بالتزامن مع بداية الأزمة في الأردن لتعمل ليلاً نهاراً لتوعية المواطنين والمقيمين من تداعيات فايروس كورونا، وذلك من خلال الإجراءات الاحترازية والوقائية التي طبقت على أرض الواقع.


وإعلامياً اجتاحت الرسائل التثقيفية والتوعوية مواقع التواصل الاجتماعي عبر المنصات الرسمية التابعة للوزارات والمؤسسات الوطنية الرسمية التي تم العمل بها منذ بداية الأزمة بالأردن بالإضافة إلى دراسة طبيعة تحرك هذا الفايروس في المنطقة وتشكيل فرق التقصي الوبائي لتحديد المخالطين من قبل فريق وزارة الصحة الأردنية، والتي نجحت هذه الرسائل للوصول إلى كافة أبناء المجتمع الأردني بطريقة قريبة لكافة مستوياتهم وثقافاتهم المختلفة.

ولكن بالتزامن مع دخول الفيروس إلى الأردن بشكل رسمي وتسجيل أول حالة مصابة، بدأت مواقع التواصل الاجتماعي للأفراد من الجانب الآخر بتشكيل ما يسمى"بالرُهاب الإعلامي"، والذي عرف " الرُهاب" أو "الرهاب الاجتماعي" بأنه خوف متواصل من مواقف أو نشاطات معينة عند حدوثها أو مجرد التفكير فيها أو أجسام معينة أو أشخاص عند رؤيتها أو التفكير فيها.

هذا الخوف الشديد والمتواصل يجعل الشخص المصاب عادة يعيش في ضيق وضجر لمعرفة بهذا النقص، ويكون الفرد غالباً مدركاً تماماً بأن الخوف الذي يصيبه غير منطقي ولكنه لا يستطيع التخلص منه، كما وعرف مصطلح "الرهاب الاجتماعي" بأنه خوف شديد وقلق دائم عندما يواجه المصاب بعض المواقف الاجتماعية العامة والخاصة.


تكيف نفسي وإعلامي


الفرد بديهياً حينما يشعر بالخطر أو التهديد فإنه يلجأ إلى وسائل الإعلام المختلفة لإشباع النقص المعرفي حول الأحداث الجارية، كل تلك العوامل ستؤثر حتماً على الحالة النفسية للفرد وخصوصاً عند تلقيه آية رسالة أو مضمون إعلامي عن فايروس كورونا بشكل سلبي مما يسبب له الهلع والخوف وبالتالي يسبب له الرهاب من خلال مواقعا لتواصل الاجتماعي، التي قد تحتوي مضامينها لصور وفيديوهات غير إنسانية ليجد نفسه محاط بهالة من الخوف من المجهول من تداعايات هذا الفيروس وتزايد القلق من مخاطر الأصابة له أو لعائلته، ليفرض عليه الواقع الافتراضي الذي يتعرض يومياً له بالتكيف مع طبيعة المرحلة السودوية التي شكلت من خلال مواقع التواصل الاجتماعي ومتكيف معها ولا يستطيع كل من يملك حساب على تلك المواقع أن يكون بمعزل عن ما ينشره الآخر وبالتالي يعتاد الفرد على تلقي كافة الرسائل والمضامين سلباً كانت أو إيجاباً، لينتج بما يسمى في العلوم الاجتماعية "بالتكيف النفسي"، والتي عرفتها الرابطة الأمريكية للطب النفسي بأنه اضطراب يتميز بحدوث أعراض انفعالية أو سلوكية، وتكون الأعراض ذات دلالة إكلينيكية إذا كان هناك اختلال في الأداء الاجتماعي والمهني والدراسي والمزاج المكتئب والبكاء ومشاعر اليأس، والعصبية والقلق.


وظهر ذلك جلياً لمتابعي وسائل التواصل الاجتماعي التي تحولت منصات البعض من أصدقائهم أو حتى الصفحات الذين يتابعونها إلى منصات تحتوي على فيديوهات لمصابين يعانون من صعوبة في التنفس، ومرضى لا يتلقون أي علاج سوى البقاء بمنازلهم ويستنجدون بدولهم الكبرى وهذا ماحصل بالفعل في إيطاليا، وكبار السن وقد تخلى عنهم ذويهم خوفاً من نقل الفايروس لهم، وأطفال يغادرون بيوتهم دون مرافقة الأب والأم لهم، وآخرون ينتظرون طوق النجاة داخل أروقة المستشفيات والمتمثل بسرير فقط، وأشخاص يلتقطون آخر أنفساهم وأموات من دول أجنبية يتم حرقهم أو حتى دفنهم بطريقة غير لائقة، هذه المضامين لا يكاد أي حساب لم يتعرض لها سواء بشكل مقصود أو غير مقصود.



ترويج الإشاعات


وصل الأمر لدى البعض في ظل الزخم الإعلامي الذي يشهده العالم حالياً بترويج العديد من الإشاعات ونشر بعض من الفيديوهات والاشارة إلا أنها محلية، فضلاً عن نشر والتصريح بإعداد المصابين والموتى وأسمائهم ، والتطرق أيضاً لعوائلهم والتشهير بهم والتنمر عليهم، مما جعل الحالة النفسية تتفاقم وأثر بشكل سلبي وكبير جداً على الأفراد.


إغتيال الشخصية وإصدار الأحكام المسبقة من خلال ترويج الإِشاعات ونسبها إلى مصدر موثوق غير موجود بالأصل من آجل إثارة الرأي العام وزيادة عدد المتابعين عبر صفحاتهم الشخصية، والحصول على نسبة اعجابات لمناشيرهم، كان من أبرز الأمور ظهوراً على المشهد الإعلامي المحلي، الأمر الذي دعى الأجهزة الأمنية مشكورة لمتابعة وتعقب كل من ينشر إشاعة من شأنها نشر معلومات مغلوطة تؤدي إلى إثارة الخوف والهلع لدى المواطنين.


كل ماتم ذكره يشكل ما يسمى بالقلق الاجتماعي والخوف من المجهول، لتجد البعض من الأسر وحتى الأطفال منهم أصيب بهذا الوسواس ألا وهو الخوف من عدو مجهول قد يطرق بابهم في أي لحظة، نتيجة المنشورات الكاذبة وغير الصحيحة، التي يبثها البعض سواء بقصد أو بدون قصد نتيجة عدم الوعي الكافي بنشر وتناقل المضامين دون التأكد من مصادرها لمجرد كتابة منشور فقط وهذا النوع أخطر من النوع الأول لانه يتناقل أي معلومة وأي منشور بشكل عشوائي ليخيم الجهل على أفكاره ويصبح ناقل لمرض الإِشاعة و أخطر من مرض كورونا نفسه.



نظريات إعلامية تفسر العلاقة


الإنسان بطبيعته يبحث دوماً عن الأمن والأمان والاستقرار النفسي، ونتيجة تعرض الفرد لوسائل الإعلام بشكل كبير جداً في الأيام الماضية القليلة والتي تفسر علمياً من خلال نظريات الإعلام المختلفة والتي تقوم بدراسة العلاقة بين الفرد ووسائل الإعلام.


على سبيل المثال تأتي نظرية الاستخدامات والإشباعات والتي تؤكد على فاعلية الجمهور أثناء تعرضه لوسائل الإعلام وتفترض أنه ينتقي المضمون والرسائل بناءً على دوافع قد تكون دوافع منفعية أو طقوسية تناسب احتياجاته لإشباع رغبات معنية كاملة، وبالتالي فالجمهور ليس مجرد متلق سلبيا لمضامين وسائل الإعلام. فالجمهور يعتمد على معلومات وسائل الإعلام ليلبي حاجاته ويحصل على مايحتاج إليه.

ونظرية الاعتماد على وسائل الإعلام تتمثل في أن استخدام وسائل الاتصال لا يتم بمعزل من تأثيرات النظام الاجتماعي الذي نعيشه بداخله نحن ووسائل الاتصال، وأي رسالة نتلقاها قد يكون لها نتائج مختلفة اعتمادا على خبراتنا السابقة عن الموضوع وكذلك تأثير الظروف الاجتماعية المحيطة.


وخلاصة القول في هذه الجزئية الفرد يتأثر بالرسائل الإعلامية وحينما يشعر بالخطر أو التهديد فإنه يلجأ إلى وسائل الإعلام المختلفة لإشباع النقص المعرفي لديه.



نظريات اجتماعية تفسر السلوك


قدم أبراهام ماسلو وهو عالم نفسي أميركي الجنسية، نظرية سيكولوجية المعروفة باسم هرم ماسلو أو نظرية الحاجات عند الإنسان حيث تناقش النظرية حاجات الإنسان في شكل تسلسل هرمي حيث يبدأ الهرم من القاعدة التي وضع في الحاجات الأساسية للإنسان اللازمة لبقائه ثم تندرج في سلم يعكس مدى أهمية الاحتياجات حتىالوصول إلى قمة الهرم، مقسم إلى خمسة حاجات أساسية، تأتي حاجة الإنسان إلى الشعور بالأمان بالمرتبة الثانية بعد الحاجات الفسيولوجية والتي تتمثل بالطعام والماءوالنوم وغيرها من الحاجات الرئيسية.


الثقة الشعبية

في تصوري وفي ظل الظروف الراهنة التي تواجه العالم والدور الكبير الذي تلعبه مواقع التواصل الاجتماعي من التأثير على الحالة النفسية للفرد بشكل خاص والمجتمع بشكل عام، لابد من الابتعاد عن الإشاعات وتداولها والتي من شأنها إثارة الهلع والخوف لدى مجتمعنا وتعطيل سير عمل الجهات المختصة التي تعمل ليلاً نهاراً من آجل أردن واعي و أقوى قادر على إجتياز هذه المرحلة بوعي شعبه وتكاتفهم للتصدي لأي إشاعات داخلية وخارجية والابتعاد عن اغتيال الشخصيات، ولنتمتع جميعاً بحس المسؤولية الوطنية والإنسانية لكي نحافظ على هذا البلد الذي قدم وما زال يقدم بتوجيهات من قائد البلاد المفدى جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين وبمتابعة حثيثة من قِبل سمو ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله، لنحافظ على وطننا من خلال استقاء المعلومات من مصادرنا وقنواتنا الرسمية ونبتعد عن تداول المنشورات والصور والفيديوهات التي لا تمت لواقعنا بصلة، ولنحترم خصوصية الغير، نحن بخير مادمنا على ثقة بحكوماتنا وأجهزتنا الأمنية.


وأخيراً نحن أبناء هذا الوطن جزء من عملية التصدي لهذه الجائحة وحجر النرد في هذه الخطة لذلك دعونا نبصر الضوء معاً بجهودنا وتكاتفنا ولنضرب للعالم أنموذج يحتذى به في التعامل مع الأزمات التزامنا اليوم سينعكس على أمور كثيرة غداً.








طباعة
  • المشاهدات: 2301
برأيك.. ما خيارات ترامب للتعامل مع إيران بعد فوزه بانتخابات الرئاسة الأمريكية؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم