08-04-2020 10:50 AM
بقلم : اسامة الاسعد
تحدثت في مقالة سابقة (3/4/2020) حول القوة القاهرة في القانون مستهدفا تحديد ما اذا كانت الدولة الاردنية قادرة على تأجيل السداد لدينها الخارجي و كذلك الداخلي لفترة من الوقت و بما يمكنها من اعادة التعافي لاقتصادها بحيث تستخدم الاموال المعدة في موازنتها للعام 2020 و ما بعد ذلك ايضالسداد الدين تستخدمها في خطط التعافي.
و هنا اؤكد ان الفكرة هي ان لا تقوم الحكومة بأي اقتراض جديد الا ما يمكن لها من الحصول عليه من هبات اومساعدات ذات علاقة مباشرة بمعركتها ضد جائحة الكورونا بحسب تصنيف منظمة الصحة العالمية لهذا الفيروس، و ايضا اؤكد على ان خيار الاغلاق الذي اتخده الاردن هو ليس خيارا بالمعنى اذ ان البديل له عواقب وخيمة و بالتالي فان ما سيترتب على الاغلاق كقرار لم يكن بالامكان تجنبه خاصة و ان الجائحة عالمية من ناحية و كذلك يستطيع الاردن و بسهولة اثبات ان الدول التي تأخرت في الاغلاق غامرت بصحة مواطنيها بما لا يدع مجالا للشك و ذلك من ناحية اخرى.
كذلك و ان كانت القوة القاهرة في القانون تشترط ان تكون الجائحة اجنبية و خارجة عن ارادة المدين فان هذا قد تحقق، و ان كانت تشترط ايضا ان تكون الجائحة غير متوقعة الحدوث من قبل المدين فان هذا قد تحقق ايضا و اخيرا ان كانت تشترط استحالة دفع الجائحة فعند ذلك كله، هذه قوة قاهرة.
و مرة اخرى قرار الاردن بالاغلاق لم يكن خيارا و انما ضرورة قصوى، و اختياره تفعيل قانون الدفاع انما يندرج تحت ذات الضرورة كوسيلة اتاحها القانون للتعامل مع مثل تلك الجائحة.
و كذلك و حيث يحظى الاردن بسمعة دولية و ائتمانية طيبة و قد اثبت للعالم انه دولة تحترم القانون و تحترم الالتزامات التي فرضتها الاتفاقيات و المعاهدات الدولية و منها تعاقداته مع الجهات المقرضة، اذ ان الاردن دولة عضو في الامم المتحدة و دولة موقعة على الجات الدولية(1994) و دولة موقعة على اتفاقية فينا (1980) و دولة موقعة على العهد الدولي الخاص (في 1975)، و حتى لا اطيل لا تكاد تكون هناك اتفاقية دولية في اي مجال كان او منحى من المناحي الحيوية الا و وقعها الاردن و ساهم فيها بشكل ايجابي ذلك خلال الفترة منذ 1945 و حتى تاريخنا هذا، و هي بالمجمل معاهدات لم تغفل التطرق الى الكوارث و كيفية التعامل معها.
كذلك نرى الآن دول كبرى مثل الولايات المتحدة و الصين قد شرعت في منح شهادات القوة القاهرة لشركات و مؤسسات كبرى او دولية او متعددة الجنسية على قاعدة ان المهم ان تكون تلك الجهات تكافح من اجل التأقلم مع تأثيرات الجائحة باعتبارها سندا موثوقا للتأخر في تسديد الالتزامات.
و الاردن يكافح الآن للتأقلم، كما انه اغلق فقط للحفاظ على صحة مواطنيه ذلك الذي سينعكس على صحة مواطني الدول المجاورة له كما سينعكس على صحة مواطني بقية دول العالم الزائرين له او مواطنيه ان خرجوا للعالم و بالتالي هو دولة تقوم بواجباتها التي فرضتها قوة قاهرة و الاهم بنجاح و ضمن القانون.
و ان كانت العقود هي شريعة المتعاقدين الا في حالات القوة القاهرة فان كل ما على الاردن ان يفعله الان و دون ابطاء هو اعلان الجائحة قوة قاهرة داخليا و خارجيا.
داخليا حتى يسمح لقطاعات اقتصاده المشغلة باعادة ترتيب امورها لما بعد الجائحة و هذا امر سيفرض نفسه على مختلف عناصر الاقتصاد في البلاد من ضرائب و جمارك و بنوك و ضمان اجتماعي و كل معني باعلان القوة القاهرة ما سيمكن القاع الخاص من النجاة و هنا نتحدث بشكل خاص عن الشغل و التشغيل بهدف النمو ايضا في مراحل تلي الصمود و التعافي لناحية تعاقدات شركاته و مؤسساته.
و خارجيا حتى يتمكن من طلب تأجيل سداد التزاماته لفترة من الوقت لا يجب ان تقل عن خمسة سنوات ليتمكن من ضخ المال المتوفر من ذلك التأجيل في الاقتصاد الوطني و له ان يطلب من الجهات المقرضة مراقبته و هو يفعل ذلك حرصا على الحاكمية و الشفافية و ما له من مصداقية لابد له من المحافظة عليها لان الجائحة ستزول يوما ما و عليه ان يعود لترتيب اموره من جديد كدولة عصرية ملتزمة آثرت القانون على الفوضى.
اما و الحديث هو عن البحث عن وفر مالي للعام 2020 و ما يليه، فلا يغيب عن البال ان هناك وفر سيتأتى من انخفاض فاتورة الطاقة بسبب هبوط اسعار الوقود ما سيؤثر ايجابا على قطاعات عدة ايضا، و قد يكون الوقت ملائم ايضا لحل مجلس النواب الآن و في هذا وفر، كما قد يكون الوقت حقيقة مناسب جدا لدمج و الغاء هيئات مستقلة و هكذا ضمن خطة لا توقع الظلم بل ترفعه عن كاهل البلد اضافة الى اجراءات كثيرة لا يمكن ان تفوت صاحب القرار يكون من شأنها ايجاد وفورات مالية متعددة تخدم هدف الصمود و تحقق التعافي و من بعده النمو.
و كما قلت في مقالة سابقة ذات صلة ان تشكل في الاردن "لجنة ادارة أزمة مؤقتة" بأمر دفاع، اليوم قبل الغد من نخب ذات اختصاص و خبرة، تنظر في كل شيئ و ليس بالتجزئة، لجنة صاحبة قرار قطعي و ملزم تنسق مع كافة الجهات المعنية بالاقتصاد و لكنها تأخذ القرار بالنتيجة كي تتم ترجمة كل ما اسلفت و لهدف واحد يكفل المرور بالمرحلة الحالية اذ تنسق حتى مع مؤسسات محاصرة الجائحة صحيا للقضاء عليها و من ثم تجهز كل ما يلزم للتعافي و المحافظة على كرامة الوطن و المواطنين و من ثم تطوير الفرصة الى نمو تدريجي يليه دون شك او مواربة عودة الحياة الطبيعية اذ تنتهي الاسباب الموجبة لقانون الدفاع بحوله تعالى و يكون الاردن بذلك قد حول الجائحة القاهرة الى فرصة نادرة، و هو قادر على ذلك بقيادته و بشعبه.