08-04-2020 01:52 PM
بقلم : المحامي علاء مصلح الكايد
هي إحدى المعارك التي ذكرها التاريخ - بعض المصادر أكدتها والبعض الآخر شكّك في دقّة وصفها - وتتلخص تفاصيلها بقيام مجموعة من كشافة الجيش النمساوي بالتقدم لإستطلاع مواقع الجيش العثماني .
وحين وجدوا في طريقهم تجمعاً للغجر من باعة الخمور جلسوا وسكروا حتى الثمالة ، وعندما إلتحقت بهم مجموعة من المشاة رفض الكشافة ذلك وهم في حالة سكر شديد ، وفي خضم الجدال أطلق أحدهم طلقة ، فصاح المشاة أنهم يتعرضوا لهجوم عثماني !
فأعتقدت فرقة الكشافة السكارى أن العثمانيّين قد جاؤوا من خلفهم ففروا إلي الكتائب المتقدمة من الجيش بهلع ، فظنت هذه الكتائب المتقدمة كذلك أن العثمانيين هجموا !
وكان الجيش النمساوي به جنود كثيرون يتحدثون الألمانية والصربية والكرواتية ولغات عديدة وكان كل منهم يصيح بلغه مختلفة ، فظن المعسكر أن هؤلاء هم العثمانيّون ففتحوا النيران ونشب القتال وبدأ الكل في قتل من بجواره وعمت الفوضى في الظلام ، وما لبث أن هزم الجيش النمساوي نفسه !
وتشير المصادر أن عدد قتلى في هذه المعركة تجاوز الـعشرة آلاف ، وسميت الموقعة بـ" أغبي معركة في التاريخ " حيث أجهز فيها الجيش على نفسه وإنتصر الخصم !
العبرة من القصّة ، أن قمة المأساة هي أن تخدم خصمك وأن تجهز على نفسك نيابة عنه !
وفي ظلّ ما نشهد من ظروف ، وما بات جميعنا يعلمه من أن الڤايروس اللعين قد يعيش في أجسادنا - لا قدر الله - لفترة قد تطول ولا نعلمها ، ولما لهذا من نتيجة كارثية لا تحمد عقباها إذ تتعدى روح الفرد لتمتدّ إلى أرواح من يحب من حوله ، علينا ألّا نلقي بأنفسنا إلى التهلكة ونخدم عدوّنا الخفيّ ليصادر أرواحنا بإستهتار أو قلّة إحتراز ودون أدنى مقاومة .
هي معركة وجود ، نقودها من أعلى المستويات حتى أدناها وكلّ فردٍ منّا أشبه بجنديّ لا قلّ دوره أهمّيّة عن قادتها ، وإنّ فرداً واحداً أو مجموعة قليلة مستهترة قد يصنعون مأساة حقيقيّة تدمي القلوب والأفئدة لا سمح الله .
العمل جارٍ على معايرة الضّرر الإقتصاديّ وفتح بعض النشاطات لتجنّب كارثة إقتصادية توازي الصحيّة ، وكلا المعركتين صعب وبحاجة لجهود متكاتفة .
المطلوب الآن ، وعيٌ حقيقيّ وإلتزامٌ مُطلقٌ بالقانون ، ودورٌ شعبيّ في السّعي لثَني كلّ مستهتر أو متجاوز .
فوفقاً للمثال أعلاه ، قد ينجم عن الإستهتار وإرتكاب الحماقة في غير وقتها أثرٌ كارثيّ ينسف كلّ الجهود والإستعدادات كما يستنزف القدرات ويعصف بالمعنويّات .
وقد أتاح لنا الفضاء المفتوح فرصة الإتّعاظ ممّا جرى حول العالم ، فهل نتّعظ ؟