08-04-2020 05:38 PM
سرايا - يُعتبر الأشخاص الذين يعانون ارتفاعاً في ضغط الدم من الفئات الأكثر عرضة لمضاعفات فيروس كورونا المستجد، ما يزيد من أهمية الإجراءات الواجب اتخاذها في هذه الحالة. ففيما لا تُعتبر الإصابة بالفيروس خطيرة للجميع، قد تتحوّل إلى حالة أكثر خطورة لهذه الفئات الأكثر عرضة. حتى إنه، بحسب الخبراء، قد يكون هؤلاء الأشخاص الذين يعانون أمراضاً مزمنة أكثر عرضة للإصابة بالمرض، إضافةً إلى كونهم أكثر عرضة لمضاعفاته، بحسب ما ورد في موقع Medisite.
بحسب منظمة الصحة العالمية، يمكن أن تشكل الإصابة بفيروس كورونا المستجد حالة بسيطة لا تدعو إلى القلق، لكن في الوقت نفسه يمكن أن تكون الحالة في غاية الخطورة. علماً أن حالة من خمس يمكن أن تتطلب دخول المستشفى. وبشكل خاص يُعتبر المصابون بأمراض مزمنة كالسرطان والسكري وأمراض القلب وأمراض الرئة أكثر عرضة لمضاعفات المرض. كذلك بالنسبة إلى المسنين الذين يُعتبرون أكثر عرضة للخطر. لكن يُطرح السؤال هنا حول الأشخاص الذين يعانون ارتفاعاً في ضغط الدم. هل يُعتبرون أيضاً أكثر عرضة للخطر، خصوصاً أن هذه الحالة تصيب كثراً وتُعتبر من العوامل التي تزيد خطر الإصابة بأمراض القلب؟ من المعروف أن ارتفاع ضغط الدم يساهم مع الوقت في إرهاق القلب لما يتطلبه من جهد إضافي من عضلة القلب، خصوصاً في حال عدم ضبط الحالة ومراقبتها بالشكل المناسب. مع الإشارة إلى أن ارتفاع ضغط الدم لا يؤدي إلى أعراض معينة باستثناء حالات معينة كآلام الرأس والدوار والغشاوة في النظر والطنين في الأذنين.
ارتفاع ضغط الدم وفيروس كورونا
بحسب الخبراء، لا يزيد ارتفاع ضغط الدم خطر الإصابة بفيروس كورونا المستجد، لكن تُظهر التجربة عملياً أن الأشخاص الذين يعانون هذه الحالة هم أكثر عرضة لمضاعفات المرض والوفاة، فيما قد يكون السبب بحسب قولهم، في أن المرضى المعنيين هم في هذه الحالة عامةً في سنّ متقدمة. من جهة أخرى، يشير الاتحاد الفرنسي لأمراض القلب إلى أنّ ثمة دراسات عديدة أجراها باحثون صينيون تُبيِّن أن نسبة 23،7 في المئة من الأشخاص الذين عانوا مضاعفات جراء إصابتهم بفيروس كورونا المستجد يعانون ارتفاعاً في ضغط الدم، إلا أن هذه الأرقام قد لا تتخطى معدلات الإصابة بارتفاع ضغط الدم لدى مجموعات من الفئة العمرية نفسها. وبحسب البروفيسور جيرار هيلفت من معهد أمراض القلب في La Pitie-Salpetriere وعضو الاتحاد الفرنسي لأمراض القلب، "لم يتبين حتى اليوم أن الحالة المعتدلة من ارتفاع ضغط الدم لا تجعل مَن يعانيها أكثر عرضة للإصابة بفيروس كورونا المستجد. كما أنه لم يثبت حتى اليوم أن ارتفاع ضغط الدم قد يساهم في زيادة خطر تطور الحالة والتعرض لمضاعفات خطيرة لدى الإصابة بفيروس كورونا".
في المقابل، يرتفع معدل الوفيات بين المرضى المصابين بأمراض القلب إلى 10،5 في المئة، فيما ينخفض إلى ما دون الـ1 في المئة بين الأصحاء. هذا فيما يزيد الخطر أكثر في حال وجود عوامل الخطر هذه لدى المسنين.
وبحسب ما يوضح الطبيب الاختصاصي في أمراض القلب في مركز بلفو الطبي، الدكتور غسان كيوان، أنه في حال الإصابة بفيروس كورونا المستجد كما في حال الإصابة بأي التهاب آخر، يمكن أن يتأثر ضغط الدم ويحصل ارتفاع فيه. "سواء في حال الإصابة بالإنفلونزا أو بأي التهاب آخر كفيروس كورونا المستجد، يتأثر ضغط الدم، وهذا ما نشهده لدى المرضى عامةً حتى في حال تناول الأدوية الخاصة لضغط الدم لضبطه. لا بل يمكن أن يشكّل هذا الخلل في ضغط الدم والارتفاع فيه مؤشراً يمكن أن يدل إلى احتمال الإصابة بالفيروس بين الأعراض الأخرى التي يمكن أن تظهر، فيجب عدم إهماله بل يمكن الاستناد إليه عندما يرتفع الضغط بشكل غير معتاد رغم تناول أدوية الضغط".
لكن في الوقت نفسه، يؤكد كيوان أنه، بعكس ما يشاع، ليس صحيحاً أنّ من يعاني ارتفاعاً في ضغط الدم يُعتبر أكثر عرضة للإصابة بفيروس كورونا المستجد، بل يكون أكثر عرضة في الواقع للمضاعفات في حال الإصابة به. في المقابل يُعتبر الكل عرضة للإصابة بالدرجة نفسها في حال عدم اتخاذ الإجراءات الوقائية اللازمة بغض النظر عن ارتفاع الضغط.
كما يشير كيوان إلى أن الإحصاءات تُظهر أن المصابين بالسكري وارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب هم أكثر عرضة لمضاعفات فيروس كورونا المستجد، فيما يحتل ارتفاع ضغط الدم رأس اللائحة بين مختلف المشاكل الصحية إنما لم يظهر حتى اليوم سبب واضح لذلك. "لكن أهم ما يجب التشديد عليه هو عدم وقف أدوية الضغط تلقائياً استناداً إلى الاخبار التي يروّج لها. فمن المؤسف أن الناس يتأثرون بنسبة عالية اليوم مع انتشار فيروس كورونا المستجد بأي خبر يسمعونه دون التأكد من أطبائهم من مدى صحته، ما يمكن أن يهدد حياتهم. على سبيل المثال تُرسَل أخبار عن أنه يجب وقف أدوية الضغط لاعتبارها قد تكون مؤذية في حال الإصابة بفيروس كورونا.
في الواقع، ليس هناك أي إثبات علمي على ذلك، وتفوق فوائد الأدوية إلى حد كبير المخاطر المحتملة التي يمكن أن تنتج عنها للإصابة بفيروس كورونا المستجد. فيما يجب التأكيد أنه ليس هناك أي إثبات علمي على أن أدوية الضغط تخفّض المناعة كما يشاع. من هنا لا بد من التشديد على أهمية استشارة الطبيب قبل القيام بأية خطوة تتعلق بالعلاجات التي وصفها تجنباً للمشاكل التي يمكن التعرض لها. فلا يجوز وقف علاج أو تغييره تلقائياً".
تُعتبر المخاوف المرافقة لفيروس كورونا المستجد أكثر خطورة من المرض نفسه لما تسببه من هلع لدى الناس. فلكافة الأدوية آثار جانبية، فيما يتم تسليط الضوء اليوم على أمور معينة تزيد من الهلع لدى الناس. بالنسبة إلى من يعاني ارتفاعاً في ضغط الدم، فإن فيروس كورونا المستجد كأي التهاب آخر يسبب ارتفاعاً موقّتاً في ضغط الدم، وهذا ما يحصل مع الإصابة بالإنفلونزا. أما عن علاج Hydroxychloroquine وآثاره الجانبية، فيؤكد أنها لا تتخطى أية آثار جانبية لغيره من الأدوية، وهو يعطى للمريض بعد إجراء تخطيط للقلب ومراقبته من قبل الطبيب، ولا يتخطى الخطر في هذه الحالة ذاك المرافق لتناول أدوية أخرى. "لا بد من النظر إلى التوازن بين فوائد الأدوية التي يتم وصفها وتناولها والآثار الجانبية الناتجة عن ذلك، ولا بد من وصف أي علاج موافق عليه من قبل الهيئات الطبية العالمية عند الحاجة إليه، وبعد اتخاذ الإجراءات اللازمة شرط عدم وجود مشكلات في القلب تمنع ذلك".