بقلم : خبير المصرفي عدنان ابو قاعود
تتسابق الجهات المعنية بالدولة الاردنية للتعامل مع تداعيات الازمة الاقتصادية الناتجة عن ازمة فايروس كورونا التى تعصف بالعالم وادت الي خلخلة كل الموازين والخطط والاولويات وجمدت الانتاج واستنفذت السيولة .


تصدر البنك المركزي جهود الدولة الاردنية لانقاذ الاقتصاد وادامة الانتاج والمحافظة على الايدي العاملة وقام بضخ سيوله للبنوك بمبلغ مليار وخمسون مليون دينار من خلال قرارات متتابعة وهذا المبلغ الكبير نسبياً رفع من نسبة السيولة المتاحة للبنوك لاقراضها للعملاء ، واطلق ايضاً برنامج تمويلي من خلال البنوك بمبلغ 500 مليون دينار لاقراض الشركات الصغيره والمتوسطه ضمن شروط ميسره بسعر فائده منخفض للمساهمه في تشغيل هذه الشركات ودفع الرواتب .


مؤخراً قامت الحكومه بتشكيل مجلس استشاري للشؤون الاقتصاديه لتقديم المشوره والتوصيات للحكومه في المواضيع الاقتصاديه وهو الاولويه الثانيه بعد الناحيه الصحيه التي تصدت لها لجنة الاوبئه الوطنيه بنجاح بالمرحله الاولى من الازمه حتى لا يستفحل الوباء وتصبح السيطره عليه صعبة وبالتالي السيطره على الاقتصاد اصعب وأعقد ، وهذا يدل على اولويات الحكومه بان معالجة الاقتصاد رغم اهميته لم ولن يكون على حساب صحة المواطن في أي وقت .
أمام الحكومه معضلة اقتصادية بعد ازمة كورونا تتمثل في اعادة السيطرة على محركات الاقتصاد بهدف اعادة عجلة الاقتصاد للدوران والانتاج على المدي القصير والطويل ، اضافه الى التخفيف من أثار الازمه على القطاعات المختلفة الذي لا شك انه سيكون كبير وشامل على القطاعين العام والخاص ، وهو تحدي كبير في ظل المشهد الاقتصادي الاردني الذي يعاني اصلاً من نسبة بطاله تصل الى 19 % ونسبة فقـر 15 % ومديونيه مرتفعه تزيد عن 30 مليار دينار وعجز موازنه 1.47 مليار دينار وتوقع انكماش الاقتصاد الاردني 3.7 % حسب توقعات صندوق النقد اضافة الي تراجع في الايرادات الحكوميه نتيجة الازمه .
الحكومة ممثله بوزير المالية في موقف لا يُحسد عليه كونه المعني مباشرة بتامين الايرادات ودفع النفقات ، واصبح لزاماً عليه وهو عضور بالمجلس الاستشاري البحث سريعاً عن مصادر غير تقليديه لتمويل الخزينة للتعويض عن ما فاتها من ايرادات نتيجة جمود الاقتصاد، ولتمكين الحكومه من دفع نفقاتها الجارية والوفاء بالتزاماتها التعاقدية لتنفيذ المشاريع القائمه والسير بالمشاريع الراسمالية المدرجه بالموازنه والتي لها اثر كبير في تحريك عجلة الاقتصاد.
والحكومة وبما اتخذته من قرارات استباقيه بتوجيهات جلالة الملك للتصدي لانتشار الفايروس وما حققته من نجاحات في التعامل مع الازمه من نواحي صحيه ووقائيه واعلاميه سينجح المجلس الاستشاري ايضاً بتقديم النصح للحكومه لاصدار قرارات استباقيه فعاله لخدمة الاقتصاد .
ان التدرج باعادة فتح المحال التجاريه المغلقه وتشغيل القطاعات الحيويه بالحد الادني من العماله ضمن اشتراطات صحيه ملزمه، وقيام الحكومه بالاسراع في طرح عطاءات المشاريع الراسمالية المرصودة بالموازنة ، والتدريج برفع الحظر عن بعض المحافظات في المملكة التي لم تظهر بها اصابات بالفايروس بعد عزلها، والمباشرة بتصدير الانتاج الصناعي والزراعي وايجاد اسواق تصديرية جديدة مستغلين حالة الجمود العالمي للتجارة العالمية نتيجة توقف دول عن العمل والانتاج يساهم بالتدريج ايضاً في تعافي الاقتصاد وتخفيف العبئ عن القطاعات المختلفة وبالتالي زيادة الايرادات الحكومية .

كما انه بامكان الحكومه السير بالطرق التقليديه لتامين سيولة عاجلة باستخدام علاقاتنا مع الدول العربية الشقيقة ودول الاتحاد الاوروبي للحصول على منح ، والتفاوض مع صندوق النقد الدولي للحصول على تمويل ميسر او حتى الاقتراض من صندوق استثمار اموال الضمان الاجتماعي بسعر فائده منخفض مؤقتاً لتسيير الحياة وعلى ان تسدد هذه القروض بعد تحصيل وتوريد الايرادات المستحقة للدولة والمؤجل تحصيلها الى ما بعد رفع الحظر مثل ضريبة الدخل وضريبة المبيعات والجمارك ورسوم تسجيل الاراضي وارباح الشركات التي تساهم فيها الحكومة عن عام 2019 وايرادات ترخيص السيارات والمخالفات بانواعها وغيرها .

انا على يقين ان الاردن سيتجاوز هذه الازمة باسرع مما نتوقع ونعود لحياتنا الطبيعية وكما قال جلالة الملك حفظه الله ( شده وبتزول ) قال تعالي ( قل اعملوا وسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنين ) .. حمى الله الاردن وحفظ مليكه المفدي وشعبه الوفي .

عدنان ابوقاعود
خبير ومدرب مصرفي
Adnanabu_qaoud@yahoo.com
info@exba