17-04-2020 11:10 AM
بقلم : أ.د. خليل الرفوع
لجيشنا العربي نفحاتٌ تعطر قلوبنا برائحة الجندية منذ أن تزينت الجباه بالتاج والعرق بالندى ، هو جيشنا قبل أن يتجوّل في حاراتنا كان تجواله الأول في قلوب الأردنيين ، لم يكن ذلك شعارا أو نفاقا بل عقيدة وأخلاقا وأعرافا، فالأردني صادق في حبه عنيف في كرهه، فحينما يجمع الأردنيون على حب الجيش بكل أجهزته فإن ذلك مستمد من تاريخ واقعي كان فيها الجيش أبًا وأخًا والجبلَ الذي نسند إليه ظهورنا ونرمي عليه خوفنا وفزعنا وأوجاعنا ( واللايذات) من الزمان ، لم يعد جنوده مجهولين - ولو كان ذلك رمزا - بل هم أبناؤنا نعرفهم بأسمائهم وألوان وجوهِهم فينا عيونا حُمْرًا كالجمر وجباهًا سُمْرًا لوّحتها شمسُ الوطن فغدت مخضرّة في الأرض وفوقها، أصلها ثابت وأغصانها في أفئدتنا تمتد رُخاءً أينما وُجِد التاج والبوريه والقايش والفوتيك والجَرْزة الصوفية الخضراء والزرقاء وحاضر سيدي.
الجيش عقيدة وأعراف انضباطية وأخلاق وثقافة وتضحية ونبل وشهامة وأمن وقبل ذلك وبعده رجولة، هو الذي حمى ويحمي حدودنا وثغورنا وكرامتنا، هو منا ونحن منه، دعْ عنك أولئك الشرذمة الذين رضعوا في التيهِ عقوقَه كراهيةً ولصوصيةً وعمالةً فخانوا الملح والعيش وما تبقى من وطنية صمغية صفراء، لم يتجول الجيش في الحارات والشوارع ليقتل ويعتقل ويدمر بل ليحمي الناس من أنفسهم ولو غصبًا، هذا مبدأ وقول وفعل وسلوك ، وهل رأينا جيشا يُرْمى بكل أنواع الورود والابتسامات والزغاريد والتراويد لولا أن له تاريخا في العشق قد رَمَى به أهلَه من قبلُ.
لا نبالغ في ذلك فالأردن وطن للعشق وتراتيل المصلين المؤمنين، وسماء لتطاول أعناق الرجال، وسجادة تنبسط على ترابها نواصي الساجدين، فحينما أريقت دماء شهداء الجيش في ترابنا المقدس وفي فلسطين والجولان وغيرها كانت الأرض معشوقة وعاشقة، وكان الدم المسكيُّ أنهارًا من الوجد والطهارة حَفَرت شكل الوطن المفدّى وأخذت رسمَه الأبدي.
قدسية الجيش ليست لحظيةً آنيّةً تتلون بفعل كريم له هنا أو هناك ، بل بحضور بهي صنعته سنين من الشرف والثقة والأمن والرجال الصادقين؛ كوصفي التل وفراس العجلوني ومحمد الحنيطي وراشد الزيود ومعاذ الكساسبة وفرسان القلعة ومن ينتظر الشهادةَ من أحفادهم وما بدلوا ولن يبدلوا تبديلا، أولئك أباؤنا وشهداؤنا وخيارنا، وما كان استشهادهم إلا قدرًا من أقدار الله، ففي الحمى جيش هم هؤلاء على آثارهم، طيب الله أنفاسهم كرامةً وهم الأعلون بإذن الله وهم من السويداء وعروقها وسوداء العين وبياضها، وابتهالات أمهاتنا في صباحاتنا المعتقة بالندى والصلاة أن يحفظ الله الجيش حاميا لبيضات الحمى وناثرا دمه في الأرض والمدى، ورائدا ما خيّب رجاء أهله وما وهن، وسلام على فرسانه وأسرابه وسراياه وكتائبه وفرقه وتكبيراته وصيحاته فجرًا وفي العَشِيّ وفي الضحى.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
17-04-2020 11:10 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |