20-04-2020 02:45 PM
بقلم : د.م عبدالحفيظ حسين الهروط
يعرَف حظر التجوال بأنه: منع حركة الناس في سكك منطقة ما أو بلد لظروف استثنائية ضمن مدى زمني معين نتيجة لظروف استثنائية أو طارئة، مثل الحروب وانتشار الأمراض والأوبئة. وفي معظم البلدان غير الديمقراطية يكون حظر التجوال بإعلان حالة الطوارئ وإطلاق الأحكام العرفية. وخير دليل على الأمراض الفتاكة والأوبئة الشرسة التي نبهَ لها سيد البشرية رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم قبل 1440 عاماَ بإقرار الحجر الصحي وذلك بمنع القدوم على بلد الطاعون ومنع الخروج منه فراراً من ذلك بقوله: ((الطاعون آية الرجز ابتلى الله عز وجل به أناساً من عباده، فإذا سمعتم به فلا تدخلوا عليه، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تفروا منه)). وكان طاعون عمواس أول طاعون سجل في الحضارة العربية الإسلامية سنة 18هـ، وقتل حوالي 25 ألف شخص، من بينهم أبي عبيدة عامر بن الجراح، ومعاذ بن جبل. ثم أول من فرض حظر التجوال في التاريخ الإسلامي هو زياد بن أبيه والي البصرة في عهد الخليفة معاوية بن أبي سفيان سنة 41 هـ؛، عندما أعلن حالة الطوارئ في البصرة قائلاً في خطبته البتراء عندما تولي مقاليد السلطة:(لا أوتي بمدلج إلا سفكت دمه). وقام بإعدام 3 أشخاص لخرقهم حظر التجوال.
أما التسلسل التاريخي للأوبئة: ففي عام 1720م ضرب الطاعون العظيم مدينة مارسيليا الفرنسية الذي قتل 100 ألف شخص في أيام، ثم جائحة الإنفلونزا الإسبانية في 1920م التي تميزت بسرعة العدوى بإصابة 500 مليون شخص، وأودت بحياة 40 - 50 مليون شخص،والتي انتشرت في أعقاب الحرب العالمية الأولى في أوروبا والعالم: أي ما يعادل ضعف المتوفيين في الحرب العالمية الأولى، والكوليرا في 1820م التي فتكت بالكثيرين في جنوب شرق آسيا وبلغ عدد الضحايا أكثرمن 100 ألف شخص. واليوم ينتشر فيروس كورونا كوفيد-19 في 2020م: ذاك القاتل الذي تم تصنيعة بأمر الله حتى لو صنع من قبل البشر والدليل:"مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ، لِّكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ"(الحديد: 22- 23). كما فرض هذا الفيروس المستجد حظر التجوال على أبصار وعقول البشر في العالم وجعلهم ينسون ما ذكرتهم به كتب الأديان السماوية، حيث أصبحت أماكن العبادة فارغة من المصلين والمؤمنين بالله العظيم الجبار: "فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّىٰ إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ، فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ" (الأنعام: 44 - 45).
وأصبح حظر التجوال دائماً مسبوقاً بأمردفاع: وبالفعل هذا ما حصل ويحصل الآن في العالم بسبب فيروس كورونا المستجد بأن الله أخذ الناس بغتة وجعلهم مبلسين وكأنهم لا يملكون شيئاً للدفاع عن أنفسهم. والقضاء على كل النظريات المادية:الموأمرة،وحماية القطيع والأنا التي أرهقت مقدرات الأوطان البشرية والمادية والمعنوية. وهذا تذكير لهذه البشرية السادرة في غيها انها تقع بقبضة الله سبحانه وتعالى، وانها غير قادرة على حماية نفسها من اصغر مخلوقاته، وان حضارتها وكياناتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية مهددة بأية لحظة بالحظر الرباني المنتقم من الظالمين والاشرار والطغاة شر إنتقام وما زال ينتقم منهم لعل بعضهم يرجعون عن فسادهم ويعودون إلى الله ؛ لقوله تعالى:" ظَهَرَ الْفَسَاد فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ " (الروم،41). والله أعلم.