23-04-2020 06:27 PM
بقلم : خبير المصرفي عدنان ابو قاعود
يتصف الاقتصاد الاردني بانه اقتصاد نامي صغير نسبياً عند مقارنته بالدول المحيطه نتيجة محدودية الموارد وصغر المساحه ولا يتجاوز نصيب الفرد فيه عن 4300 دولار من الدخل المحلي الاجمالي، وهو اقتصاد يعاني اصلاً قبل أزمة كورونا من نمو بطي بسبب الركود العالمي وتراجع المساعدات والمنح الخارجية ، وهو مثقل بعبئ تكلفة موجات اللاجئين والضغط على البنية التحتية منذ التسعينات من القرن الماضي، ويرزح ايضاً تحت مديونية مرتفعة تصل الى 95 % من الناتج المحلي الاجمالي، وعانى من تبعات الربيع العربي واغلاق حدوده مع دول الجوار، وهو اقتصاد ضعيف نسبياً لا يؤثر بالاقتصاد العالمي بل يتاثر به بشكل كبير ويعتمد بالاساس على ايرادات الضرائب والجمارك وتصدير بعض الصناعات الاستخراجيه مثل البوتاس والفوسفات وعلى تصدير المنتوجات الزراعيه والصناعات الدوائيه وايرادات متذبذبه من السياحه وعلى تحويلات المغتربين التي تبلغ بالمعدل 2.3 مليار دينار سنوياً.
وبعد ان كان من المتوقع ان يبلغ النمو الاقتصادي الاردني 2.4 % لهذا العام حلت صدمة جديدة على العالم وهي أزمة كورونا، والتي لا شك انه سيكون لها تداعيات كبيره على الاقتصاد الاردني شانه شان باقي دول العالم، ولهذا بادرت الحكومة الاردنية بتوجيهات من جلالة الملك بالتصدي لهذه الازمة قبل استفحالها من ناحيه صحيه ونجحت بذلك بجداره لقناعة القياده بان صحة المواطن الاردني وكل من يعيش على أرض المملكة من مقيمين ولاجئين أغلى من اي شئ أخر، ولانه لا اقتصاد صحي بدون صحة افراد المجتمع، وعلى الطرف الاخر استجابت الحكومه ايضاً للجانب الاقتصادي بقرارات متتابعه معروفه للجميع ولست بصدد ذكرها هنا .
بهذه الازمة عزز الاردن من سمعته العالمية بُحسن ادارته للازمه وقدرته على تحمل تبعاتها الصحيه، واثبت للعالم ايضاً انه دولة مؤسسات متماسكة عالية التنسيق وشعب ملتزم وواعي ودولة قوية بقيادته الحكيمة.
تستطيع الحكومة الان أن تستثمر هذه الحالة الناشئة وتبني على ما تحقق وتستغل المقومات ونقاط القوه العديده التي يمتلكها الاردن مثل الموقع الاستراتيجي المتوسط بين القارات، وعلاقات الاردن المنفتحة على العالم، وحالة الامن والاستقرار التي يتمتع بها، والبنية التحتية المتطورة، والكنز الاثري الفريد، ومتانة نظامه المصرفي، والسمعة الائتمانية الجيده لدي المانحين، كل ذلك لاستغلال الازمة عملياً وجعلها فرصه بفتح اسواق تصديريه جديده للمنتجات الزراعية والصناعية ومستقبلاً لتسويق الاردن سياحياً، بهدف حلحلة المشاكل الاقتصاديه مثل الفقر والبطاله وزيادة الناتج المحلي الاجمالي وزيادة رصيد المملكة من العملات الاجنبية.
وعلى الرغم من صغر حجم الاقتصاد الاردني كما اشرت الا ان هذه تمنحه ميزة سرعة الاستجابة والتعافي وبالحقيقة سيحتاج الاقتصاد الاردني بعض الوقت ليسترد عافيته بعد استكمال تشغيل كافة القطاعات تدريجياً وتعويض ما خسرته الدوله وما فاتها من ايرادات بسبب حظر التجول وتوقف الانتاج لتتمكن الدوله من الوفاء بالتزاماتها، حيث توقع صندوق النقد الدولي أن يتعافي الاقتصاد الاردني بشكل أسرع من الدول الاخرى بفضل ما أتخذه من اجراءات للتعامل مع الازمه، والحكومه قادرة على تمويل ذاتها باللجوء لاوامر الدفاع كما فعلت بالخصم من رواتب موظفي القطاع العام، وبامكانها استخدام أدوات السياستين الماليه والنقديه العديده كلما دعت الحاجه لذلك لتوفير السيوله مع المواطنين لتحريك السوق، وبامكانها ايضاً الاقتراض من صندوق النقد الدولي الذي أبدي استعداده لذلك وهذا أمر طبيعي في ظل هذه الازمه المفاجئة كما فعلت عشرات الدول حول العالم، ويجب أن لا ننسى ما يمتلكه البنك المركزي الاردني من احتياطيات من العملات الاجنبيه التي تزيد عن 12 مليار دينار مما يعطي قوة ودعم للاقتصاد، اضافة لذلك هناك مؤشرات ايجابية ظهرت مع الازمه تساعد الحكومة وهي انهيار أسعار النفط العالمية اذ سيوفر الاردن من الفاتورة النفطية أكثر من مليار دينار وحوالي 1.2 مليار دينار اخرى كانت تذهب لسياحة الاردنيين بالخارج، وهذا الوفر في العملات الاجنبية يمكن استغلالها بشراء وتخزين النفط والاستفادة من فرق السعر.
واذا كان هناك عبرة من هذه الازمة التي عطلت الانتاج العالمي واغلقت الحدود هي تبني سياسة تحقيق الامن الغذائي الذاتي لتخفيف أزمة الغذاء وأثاره على المجتمع في الازمات وتقليل الاعتماد على الاستيراد من خلال توجيه الاستثمار الي زراعة الحبوب والزراعات التصنيعيه الغذائيه باستغلال التنوع المناخي في الاردن ووجود مناطق شاسعة غير مستغلة بالاغوار الجنوبية ما يسمح بالزراعه طوال العام، اذ لا تساهم الزراعه سوى بنسبة 4.6 % من الناتج المحلي الاجمالي للعام الماضي، وتحل بالمركز الاخير من القطاعات التي تساهم بالدخل القومي، اضافة لذلك فان التركيز على قطاع الزراعة يعوضنا عن الاستيراد في حال اغلاق الحدود وتجنب استيراد منتوجات من أماكن موبؤءة وأيضاً نحل مشكلة الفقر والبطاله وتشغيل الصناعة الغذائية وجلب عملات اجنبيه بتصدير المنتوجات الزراعيه وصناعتها .
أجزم ان الحكومة الاردنية قادرة على الوفاء بالتزاماتها المادية وقادرة ايضاً على خلق الدخل بوسائلها العديده وأن المسؤولين بالحكومة الاردنية يعملون بحرفية للخروج من تبعات هذه الجائحة باقل الخسائر البشرية والاقتصادية، وأختم مقالتي بعبارة لمعالي وزير المالية في تصريحه للتلفزيون الاردني بتاريخ 19/4/2020 عندما قال ( ان الاردن يهتم بصحة المواطن وصحة الاقتصاد وان شاء الله الاردن بخير ) .. حمى الله الاردن في ظل جلالة الملك المفدي.