26-04-2020 03:13 AM
بقلم : أحمد محمود سعيد
فوائد بيئيّة للكورونا
في التنمية المستدامة
وهبنا الله تعالى عقولا لكي نتفكّر بها وجوارح لكي نحسُّ ونتذوّق بها وقلوبا لكي نستدلُّ بها كلُّ ذلك هبة من الله لكي نتعلّم ونعبده وهكذا نستطيع الإبصار والسمع والشم والحركة والتوجُّه نحو الخير ونبتعد عن الشرّْ في كلِّ ما يصيبنا وما علينا إلاّ ان نتعلّم ونتّعظ من كل شيئ سواء كان خيرا أم شرّا ونقول الحمد لله وهكذا ما أصاب العالم من ذلك من مصائب على مستوى العالم أجمع فإنّ فيه دروسا يجب أن نستفيد منها في حياتنا فلا يُعقل أن يموت مائتي الف إنسان ويُصاب بالمرض ثلاثمائة الف من البشر وينحبس في بيوتهم الملايين من الناس ويصيب الدمار ما تم إنجازه بقدرة الخالق ولا يمكن أن لا يكون هناك فوائد ودروسا وعِبر ممّا حدث إذا كان لدينا عقول نفكِّر بها وقلوبا نُحسُّ ونحزن بها فقط فما الذي يمكن ان نتعلّمه ونستفيده من تلك الجائحة وذلك الفيروس ؟؟؟؟
قبل خمسون عاما وهب الله البشرية على الكرة الآرضيّة مفهوم التنمية المستدامة وأجلس العالم ذلك المفهوم على ثلاث قواعد هي التنمية الإقتصاديّة والتنمية الإجتماعيّة وحماية البيئة وجعل المحرِّك لتلك القواعد هو العقل البشري ووهبه الله كلّ إمكانات التفكير والتبصُّر والعلوم لكي يسير بتلك القواعد نحنحو الخير ومصلحة وفائدة عباده على الأرض وكان قد وهبه الهواء والماء والأرض لكي يعيش عليها ا ويتنعّم بما فيها وعليها بصحّة وهناء ولكنّه إستغلّ الإنسان ذلك في ظلم البشر وإستغلال الضعيف والفقير والإعتداء والمجون والإستغلال المفرط وغير العادل ونسي انه خُلق لعبادة الله ونشر العدل والمساواة فسلّط الله عليه الكوارث والمصائب ليتّعظ ولكنّه تمادى في الظلم والعدوان ونسي فضائل التنمية المستدامة حتّى جاء ذلك الفيروس على صغره الذي لا يُرى بالعين المجرّدة لكي يعيد البشر الى رشدهم .
فما هي الفوائد التي يجب أن نتعلّمها من هذا الوباء الذي إستفحل ولم يُرد الله حتّى الآن أن يهبنا الدواء وفشل العلماء والأطباء حتى الآن في إكتشاف وتصنيع عقار مضاد له فما هي الدروس التي يجب ان نتعلّمها وتعود علينا بالفائدة وتُحقِّق بعضا من إيجابيّات قواعد التنمية المستدامة وتُحدث تغييرا إيجابيا في حياتنا وحياة الأجيال القادمة وتُبعد عنهم ويلات وآثار سلبيّة أخرى لذلك الوباء والعياذ بالله .
أولا : إن توقُّف ملايين المصانع في العالم عن العمل بالرغم من انّه يؤثِّر سلبا على الإقتصاد وأعداد الملايين من الطبقة العاملة إلاّ أنّه يفيد إيجابا في تخفيض نسبة التلوُّث في الهواء ونسبة الديوكسينات ونسبة ثاني اكسيد الكربون وغيرها من غازات ضارّة في الجو والتي تؤثر على طبقات الجو العليا كما يؤثر بعضها على طبقة الوزون ويسبّب ثقبا فيها وقد أعلنت وكالة “كوبيرنيكوس” الأوروبية لمعلومات تغير المناخ، إنغلاق الثقب الذي شهدته طبقة الأوزون أعلى القارة القطبية الشمالية خلال شهري آذار الماضي و نيسان الجاري وقالت الوكالة، في تغريدة على تويتر، إن الثقب غير المسبوق لطبقة الأوزون في نصف الكرة الشمالي الذي تشكل هذا العام 2020 قد انغلق .
والملوثات لهواء الجو مرتبطة بظاهرة التغيُّر المناخي والذي يتسبّب البشر فيه نتيجة الإنبعاثات السامّة مثل ثاني اكسيد الكربون وخلافه المنبعثة من المصانع في بعض الدول الصناعية ونتيجة ارتفاع درجة حرارة الجو مما يؤدي الى فيضانات البحار والمحيطات وذوبان الثلوج وغرق بعض المدن الشاطئية المنخفضة ومن هذه الدول المسبِّبة لهذه الظاهرة هي الولايات المتّحدة والصين وإيطاليا والمانيا وغيرها من الدول الأوروبيّة التي تاثرت كثيرا بذلك الوباء وقد يؤثِّر ذلك التخفيض للإنتاج الصناعي إيجابا على التغيُّر المناخي وبالتالي تخفُّ حالات المرض بين البشر والحيوان والنبات وتساعد على إستقرار درجات الحرارة وتُخفِّف من ظاهرة التصحُّر والجفاف التي تهدِّد الكون , علما بان أمريكا إنسحبت من إتفاق باريس لتخفيف الإنبعاثات للغازات الضارّة في الجو لعام 2015 غير آبهة للأضرار التي ستلحق بالكرة الأرضية والدول المختلفة فقد يكون هذا الفيروس هو الردّ عليها .
ثانيا : زيادة الإهتمام بالشأن الصحّي للناس من حيث التوسُّع في بناء المستشفيات والمراكز الصحيّة خاصّة في المدن البعيدة عن مراكز القرار وفي القرى والمناطق النائية وتعميم ونشر التأمين الصحّي الحكومي والقطاع الخاص والتقدُّم في علوم وصناعة الأدوية وأجهزة الإنسان الآلي وتوسيع مظلة التأمين الصحّي والتوعية بضرورة إستخدام وسائل الحماية الشخصيّة حيث يلزم مثل الكمّامات والكفوف والملابس الخاصّة للجهاز الطبّي وغسل الأيدي والنظافة بشكل عام ودائم .
ثالثا : الحث على ضرورة إستخدام وممارسة الأمور الإجتماعيّة المختلفة مثل ضرورة غسل الأيادي بشكل دائم وعدم التجمهر وترك مسافات بين الأشخاص وإستخدام الكمبيوتر حيث يتوفّر بدل استخدام النقود الورقية والمعدنية وتوعية االأمهات في تربية الأطفال بإحترام من هم اكبر سنّا منهم ونصحهم في استخدام الأجهزة الإلكترونية حفاظا على سلامة عيونهم وتربيتهم على السلوكيات الإجتماعية ومنها الإلتزام بالدور والمباعدة بين الغير وعدم الإنجرارخاصّة في مرحلة الشباب وراء الدعايات التجاريّة والإكتفاء بشراء ما يلزم سواء في المأكولات والملابس وغيره وتعوُّدهم على استخدام اجهزة الحاسوب لما هو مفيد وخاصّة التعلُّم عن بعد رديفا مع الصفوف المدرسيّة وتوعية أفراد الأسرة على التوفير عند إستخدام المياه والكهرباء والطاقة والتخلُّص من النفايات بشكل صحيح وآمن وعدم رمي الأطعمة السليمة والملابس الصالحة الزائدة عن الحاجة وخاصّة بانها ممكن استخدامها من الغير كنوع من التكافل الإجتماعي وكذلك تفهُّم الأفراد والعائلات على عدم ممارسة العادات السيئة مثل دعوات الأكل المكلفة في الأعراس والعزاء وكذلك عدم المشاركة في حفلات ماجنة كالرقص وغيره بما هو ممنوع اجتماعيا وعدم تكرار السلام والقُبل بين الأفراد درءا للإصابة بالأمراض ونقلها عن غير قصد .
رابعا : الحث على الأمور الصحيّة للجسم بدءا من الإهتمام بنوعيّة الأكل وكمياته ومواعيد تناوله وضرورة ممارسة الرياضة البدنيّة وخاصّة المشي والسباحة حيث من الممكن تقليل السمنة والأمراض المرافقة لها .
قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (المؤمن القويّ خير وأحبّ إلى الله من المؤمن االضعيف )
خامسا : حث الإنسان على القيم الدينيّة الفضلى والواردة في الأديان السماويّة الثلاث والتي تبدا من الإيمان بالله ربّا ومن عمل الخير مع الجميع والتصدُّق حيث ممكن واحترام اماكن العبادة والمحافظة عليها بإعتبارها بيوت الله وممارسة العبادات في بيوت الله لراحة النفس والدعاء بأن يحمي الله عباده من كل شرِّ وآفة ومرض وتأدية الفروض الدينيّة لكي ينال الإنسان رضى الله ومغفرته .
وعلى فئة الشباب أن تعي أنّ المستقبل لها ويمكن ان تكيِّفه حسب ما ترى أنه يوفِّر حياة مريحة وآمنة لها ويبدأ ذلك من البعد عن التفكير الخطّي في الحياة إلى التفكير التعاوني خاصّة فيما يعوِّل عليه العالم حاليا لإكتشاف وتصنيع دواء لمعالجة البشر من تأثير الفيروس الذي يصيب الكرة الأرضيّة حاليّا وعلى الشباب ان يُجلس تلك الركائز على فواعدها الصحيحة من إقتصاد وروابط مجتمعيّة
وحماية البيئة لتصلح المجتمعات ويصلح البشر فوق الأرض في هذا الكون ويحمينا الله من الكوفيد 19 وآثار الكورونا لنسير في مجتمعاتنا نحو التنمية المستدامة .
وكما يعمل الإنسان على تطبيق قواعد التنمية المستدامة كما أقرّتها الأمم المتحدة فإن بعض الممارسات البشريّة التي تضرُّ بالبيئة وطبيعتها قد يؤدّي الى خلل في التوازن البيئي , ويُقال بأنّ قطع الأشجار التي تعيش عليها الخفافيش أدّى الى اجبارها للأنتقال من مناطقها التقليدية الى اللجوء الى الأشجار القريبة من المنازل و المزارع و من مخاطرها احتمال أن يأكل الإنسان فاكهة عليها لعاب الخفافيش أو أن يصطادها مباشرةً لغرض الأكل فتنتقل إليه الفيروسات التي تتكيف مع جسمه فتتحول الى امراض و يرجح ان تكون قد نقلت فيروس كوفيد-19 الى الأنسان من الخفافيش الذي يملك جهازاً مناعياً قوياً و لكن تتضاعف قدرات الفيروسات على القتل او الأنتشار بسرعة اكبر حين تنتقل الى الجهاز المناعي الأضعف لدى الإنسان وقد يكون ذلك هو المسبِّب للجائحة التي تجتاح الكرة الأرضيّة الآن.
احمد محمود سعيد
عمّان – الأردن
26/4/2020