26-04-2020 12:09 PM
بقلم : عمر العجلوني
في ظل الظرف الإستثنائي الذي نمر به اليوم في وطننا العزيز إثر غمة
كورونا والتي نرجو الله أن تنقشع بأسرع وقت.
طفت على السطح مسألة خطيرة تتعلق بالمؤسسات التجارية الصغيرة والمتوسطة والتي تشكل العمود الفقري للقطاع الخاص حيث تشير مصادر صندوق النقد العربي الى المساهمة الفاعلة للمشاريع الصغيرة والمتوسطة في الناتج المحلى الاجمالي والتي تبلغ حوالي 40% وتساهم بما يتراوح بين 40-60% من التشغيل في القطاع الرسمي، ويقدر عدد هذه المشاريع حسب احصاءات عام 2015 بحوالي 187 الف مؤسسة، و تتمثل هذه المشكلة بعدم قدرة أصحاب المنشآت - المستأجرين- على الوفاء بالتزاماتهم تجاه المالكين للعقارات نظراً للإرهاق البالغ الذي تعرضت له ذمتهم المالية نتيجة تعطل مصالحهم على إثر تطبيق قرارات قانون الدفاع. و بلغت هذه المشكلة مستوىً بالغاً في السوء إذ شرع بعضهم بإغلاق مؤسسته وتسريح العاملين لديه مع الأخذ بعين الاعتبار أن كثيراً من هذه المنشآت سبق وأن أغلقت أبوابها حتى قبل الجائحة لذات السبب.
ولأن الظروف الطارئة تحتّم علينا أن نفكر بشكل غير تقليدي وجب علينا أن نفكر بحلول مستدامة وفعّالة حتى بعد الأزمة تضمن استمرار المنشآت التجارية وعدم تعرض الإقتصاد الوطني لانتكاسة بسبب هذه المعضلة مع عدم هضم المالكين حقوقهم، وعليه فإنني أقترح تفعيل نظام تأجيري يعزز الشراكة بين المؤجر و المستأجر مبيناً الجوانب الإقتصادية والقانونية له.
يقوم النموذج بشكل رئيس على فكرة النسبة المئوية للبدل والشراكة بين المؤجر و المستأجر عبر تفعيل قاعدة الغنم بالغرم بشكل جزئي أو كلي من خلال عدة خيارات:
1- أن يُنَصَّ في عقد الإيجار على أن تكون قيمة البدل فيه نسبة محددة من الدخل الإجمالي الشهري للمنشأة، ففي هذه الحالة من الممكن أن يحصل المالك على مقابل مالي أعلى في حالة انتعاش المنشأة وفي حالة انتكاستها - لا قدر الله- تكون الأضرار بحدها الأدنى على المستأجر صاحب المنشأة.
2- أو تطبق القاعدة بشكل جزئي بحيث يكون المقابل مبلغاً ثابتاً أقل من الأجرة المتعارف عليها مضافاً إليها نسبة من الدخل الشهري الإجمالي للمنشأة ولكن بنسبة أقل من الخيار الأول.
3- أن يكون بدل الأجرة إما مبلغاً ثابتاً أو نسبة محددة أيهما أعلى.
4- أن يكون بدل الأجرة إما مبلغاً ثابتاً أو نسبة محددة أيهما أقل.
وحتى نبقى تحت ظلال المشروعية القانونية فإنه وعند الرجوع إلى النصوص القانونية الناظمة لعقد الإيجار نجد أن المشرع الأردني ترك الباب مفتوحاً أمام أي بدل يرتضيه أطراف العقد ما دام أنه مشروع ومعلوم وحقيقيٌّ وجديّ حيث ورد في المادة (663)من القانون المدني:
"يشترط أن يكون بدل الإيجار معلوماً وذلك بتعيين نوعه ومقداره إن كان من النقود وبيان نوعه ووصفه وتحديد مقداره إن كان من غير النقود".
وأيضاً أجاز المشرع أن يكون بدل الأجرة كل ما صلح في عقد البيع، حيث ورد في المادة (664) من ذات القانون:
" يجوز أن يكون بدل الإجارة عيناً أو ديناً أو منفعة وكل ما صلح ثمناً في البيع".
وعليه وبانتفاء المانع والمحذور القانوني فإنه لا ضير من تطبيق هذا النموذج بأي خيار من خياراته سواء بصورة مباشرة أثناء الأزمة حيث لم يتم تعطيل النصوص القانونية الخاصة ببدل الأجرة بموجب قانون الدفاع، و من المعلوم بأنه ووفقاً للقواعد العامة في القانون المدني مواد (213, 241,242) يجوز تعديل بنود العقود القائمة بتراضي أطراف التعاقد، ويعد هذا التراضي بمثابة تعاقد جديد وخصوصاً ونحن نتحدث عن عقد أصبح تنفيذه مرهقاً خلال الأزمة، و يمكن الاستمرار في تطبيقه حتى بعد الانتهاء من الأزمة.
وفي الختام أرجو أن يشكل هذا المقترح مرونة إضافية لتطبيقات النصوص المتعلقة بعقد الإيجار وبما يضمن استقرار القطاعات الإقتصادية المستفيدة منه من جهة المالكين أو المستأجرين في الظروف الطارئة أو الطبيعية.
باحث قانوني عمر العجلوني