26-04-2020 02:27 PM
بقلم : اخلاص القاضي
لا ادري ما الذي كان يخطط له كاتب النص في الفقرة غير الكوميدية في البرنامج الرمضاني المتبرىء من خفة الدم واستدراج حتى "طعجة شفه"، من شفاهنا التي اعتادت العض على جمر الصبر على هكذا سقطات، لست ادري ما الهدف من الغاء الاردن على الخريطة وتسميتها ب"اردينيا" عبر الشاشة الوطنية، من خلال شخص لا نعرفه اعلاميا ولم نره قبل ذلك، واين كان قبل ان يغزو الشيب مفرقه؟، لا اتخيل انه كان يقصد ايذاء مشاعرنا الوطنية حتى يحصل على "لايكات، وتريند"، وشهرة حتى لو غدت سلبية ، فقد اعتدنا على شهرة البعض بأي ثمن، اعتدنا على دخلاء على مهن، وعلى هابطين ببراشوت الواسطة والمحسوبية والتعيين بحجة انه تعين "من فوق"، لكن لم اتوقع ان نصل لهذا المستوى من الجرأة على وطن، باسمه وتاريخه وموقعه المتجذر شاء من شاء، وابى من تخيل الالغاء، ولو باطار يشبه كل شيء الا الكوميديا.
ندرك تماما ان البعض يقول، لو ان البرنامج - الذي كان كبش فدائة معالي وزير الصحة سعد جابر، ولم أكن لارضى بان يقبل على نفسه هذا النوع من البرامج- ، اقول، قد يقول البعض" لو انه برنامجا لبنانيا او اجنبيا لتقبلتموه"، وانا معكم، اسمعكم، اؤيدكم، الا بجزئية، لا اساوم عليها ككل الاردنيين، ان لا ينال من اسم الوطن، من خريطته، من رونق اسمه، حتى لو"مزح فانتازيا الفكرة" !
الاردن، هذا وطن زرعناه جذور سنديان بالقلب بالعين بالدم والتضحية والكرامة والعنفوان وتحمل الصدمات والازمات والمؤامرات والارهاب ومحاولات الالغاء والقضم والتخوين واغتيال الشخصيات، هذا وطن زرعناه بالكرامة بالمجد باستعادة الارض والحفاظ على العرض، هذا الوطن الملاذ, الحضن الآمن لكل من قصده قسرا او خيارا، هذا الوطن ظل صامدا رافع الهامات منقذنا في الملمات، موئل الغريب، - ولا غريب بيننا الا الشيطان- ، هذا الوطن الذي لا يساوم على قضية، وعلى تراب، وعلى عرق الكادحين به، واحلام البسطاء المزروعين على تخومه وبقلبه وجوارحه، سيبقى " الاردن ".
" القصة ما بتستاهل هالقد، لا تعملوا منها قضية، فعلا فاضيين اشغال"، هكذا قد يقول مستفيد او مقرب او مستنفع او موعود او مجامل او صديق لا يرى بصديقه الا الخير ولو اساء عن قصد او دونه، ولكن حالة الاستياء العامة التي افترشت مواقع التواصل الاجتماعي والتي لم الحظ عبرها مؤيد لتغيير كلمة الاردن الى اردينيا، هي اكبر دليل على انها قضية، بل قضية رأي عام ترتبط بسقف توقعاتنا من اعلام دولة، اعلام يمجد الانجاز والتاريخ وحضارة هذا البلد العصي، اعلام يرتبط بثوابتنا الوطنية كما عودنا دائما، وكما هي رسالته دائما، فالمضمون الوطني لا دخل له بشح الموارد، بل انه نبض الاردني رغم كل شيء.
تغير اسم الاردن عبر العصور الماضية، الى ان وصل الاردن، لا يعني ان نستدرج القرون المقبلة ونجبرها على تغيير الاسم الذي لو انه يضحك، لضحكنا معكم، فلسنا عشاق" نكد "، بل اننا مع اي صورة او مشهد او برنامج اعلامي يشدنا اليه نصا وروحا وتقديما، حتى لو كان كوميديا، لما لا، ولكن ليس بهذه الطريقة، ابدا، وكنا نتوقع في زمن الكورونا ان تحمل حلقة الضيف " النجم " كل جديد لو ترك الحوار على سجيته دون النص البائس، حيث ان الرهان على ذكاء الضيف وخفة ظله وسرعة بديهته وحب الناس له كفيل بان ينتج حلقة تحقق هدف الشهرة الايجابية.
ثم ما الذي يجبر ادارة التلفزيون على ان توكل مهمة تقديم البرنامج الكوميدي، لمذيع اعتاد ان يقدم برامج سياسية وهو سجل اهدافا جميلة في هذا السياق، دعوه في ملعبه، ايخلو الاردن من الشباب المبدع من الذين يمتلكون الحس الفكاهي، والذين لهم صفحات رائعة على مواقع التواصل الاجتماعي ويقدمون النكتة الظريفة المقبولة التي تجبرنا على الضحك من الاعماق؟، لماذا لا نعرف كيف نستثمر حالة النجاح لهم، لماذا لا نخرج من عباءة تلبيس الطواقي، فبالنهاية هنالك المتلقي، الذي يميز ويدرك ويعرف ان ينتقد، وله الحق في ان ينتقد، ويقول رأيه بكل صراحة، فالشاشة الوطنية ليست ملكا لاحد، هي ملك الشعب الاردني برمته، ولكن للاسف، كلما اقترب من العودة اليها ميلا، ابعدتموه عنها اميالا، لذلك لابد من اخذ قياس الرأي العام ومزاجه بعين الاعتبار في ضرورة ترتيب الاولويات في التلفزيون الاردني، واعطاء ما لقيصر لقيصر وما لله لله، وما للشعب للشعب، هذا الشعب الصابر على كل شيء ليس حبا بكم، بل عشقا لوطن اسمه الاردن وسيحمل هذا الاسم الخالد معه الى الابدية حتى نهاية التكوين، فلا تستكثروه علينا، وابحثوا عن اي شيء يضحكنا، الا الوطن، بالله عليكم، دعوا اسم الوطن لمن حفره بقلبه قصة عشق وعلى هامته اكليل غار ونصر، وحلم لنا نحن البسطاء، البسطاء.