27-04-2020 11:42 AM
بقلم : م. أحمد نضال عوّاد
كيف نستثمر التغييرات التي أجبرنا عليها فايروس كورونا؟!
سؤال إجابته لا تنبغي أن تكون واحدة لدى الجميع، لكن ما يجب أن نتفق عليه جميعاً أفراداً ومؤسّسات وبلدان أنّنا يجب أن نخصّص جزءاً من أوقاتنا للتفكير في السؤال المطروح أعلاه.
الأسئلة التي تبدأ بــ " كيف" تجعلنا في حالة عصف ذهني جميل غالباً.
إن سمحتم لي أن أبدأ الإجابة وبعد أن قرأت اليوم حول موضوع " البعد الخامس" ، الذي يتوقعه بعض المحللين والعلماء فإنّه حتى لو لم يحصل فإنّ المضمون جيد باعتقادي، وعلينا السعي للوصول إليه أو جزء منه، لدرجة أنّني شعرت أنّ الحديث في هذا الموضوع قريب من وصف الجنة!
عالمٌ مليءٌ بالحبِّ والخير والتسامح والسّلام! نحنُ نعلم أنّ البشرية إخوة في الإنسانية، إذ يقول اللّه - عزّ وجلّ- " يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ" (سورة الحجرات، الآية13).
ربّما الوقت مناسب ليعمّ الخير في الكرة الأرضية، فمن المِحَن تنتجُ المنح، ومِن المصاعب تولد النجاحات. علينا التفكير والتدبر دائماً.
ماذا يمكننا أن نفعل لتحقيق النفع للناس جميعاً؟ لماذا نحنُ موجودون في هذه الأرض؟ ماذا أستطيع أن أقدّم من موقعي لخدمة الناس ونفعهم في الدنيا والآخرة؟!
مجرد التفكير في ذلك سيكون جميلاً ويقودنا إلى واقع عظيم، لا سيما إن اجتمع معه العلم والإيمان مع الصّبر و العمل بصدقٍ وإخلاص.
ربما نستطيع أن نفكِّر منفردين أو مجتمعين حول شكل الحياة التي تحقّق للجميع تماسكاً مجتمعياً، ونمواً إقتصادياً، وزيادة في المعرفة، والوصول نحو حياة أفضل!
ربما نكون بالقرب من ثورة تكنولوجية جديدة تقترب من توظيف التكنولوجيا بشكل أوسع لخدمة وسعادة الإنسان في كلّ مكان.
مثلاً، هُناك استعدادات لإطلاق خدمات الجيل الخامس في عدد من دول العالم قريباً، ولو رجعنا إلى قبل مائة عام فلا أعتقد أنّ أحداً توقع ما نشهده حالياً من تسارع إنتاج المعرفة والتكنولوجيا في العالم!
التعليم عن بُعد تجربةٌ غنيّة بالدروس التي ينبغي البناء عليها دائماً.
من يعلم؟! فربما يكون هذا التعليم هو المستقبل، أو الدمج ما بين التعليم التقليدي والتعليم عن بعد في كافة المراحل التعليمية على أقل تقدير.
وهُنا يجب الإنتباه إلى أهمية أن تكون مناهجنا التعليمية مبنية على مساقات التفكير النقدي، ومهارات البحث، والريادة والابتكار؛ لنمنح شبابنا الفرصة في مواكبة المعرفة بالعالم والمُساهمة في إنتاجها.
في الوقت ذاته، علينا ألّا نُهمِل التفكير في أساس حياة الإنسان التقليدية وفي مقدمتها الزّراعة، ذلك ممكن ومهمّ جداً. وكذلك العمل على استصلاح الأراضي لتكون صالحة للزراعة، واستخدام التكنولوجيا الحديثة للحصول على أفضل النتائج المُمكِنة.
المُدن المستدامة القائمة على رقمنة التعامل والمعاملات، والتي تحقّق الإكتفاء الذاتي وتصدّر المعرفة استثمار ناجح في المستقبل.
ربما علينا التفكير في ذلك، وتوظيف طاقاتنا البشرية والتكنولوجيا الحديثة، وتكثيف البحث العلمي للوصول إلى مستقبل أفضل - إن شاء الله -.
حتى أنّنا قد ننطلق في التفكير والبحث حول أشكال العمل والوظائف المتاحة بالمستقبل، لنتيقن أن المهمّ هو الناتج من العمل وليس عدد ساعاته في العديد من المجالات.
ندركُ أنّنا نواجه حالياً تحديات كثيرة خاصّة في الشأن الاقتصاديّ، ونحنُ في الحقيقة لا نمتلك ترف الوقت، وعلينا المضيّ قُدماً إلى الأمام.
وبالرجوع إلى السؤال مطلع المقال، فإنّ الاستثمار قد يكون سلبياً، إلّا أنّنا يجبُ أن نضع مخافة اللّه - عزّ وجلّ - في جميع أولوياتنا،وأن نعمل بإخلاص وصدق وأمانة وتفاؤل.
ودائما نستذكر ما قاله الرسول المصطفى محمد - صلّى اللّه عليه وسلم - في خطبة حجة الوداع: " أيُّها الناس، إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، كلكم لآدم، وآدم من تراب، إن أكرمكم عند اللّه أتقاكم، ليس لعربي فضل على أعجمي إلّا بالتقوى، ألا هل بلَّغت؟ اللهمّ فاشهد".
ندعو اللّه - عزّ وجلّ- أن يحفظ وطننا الغالي وقيادتنا الهاشمية والإنسانية جمعاء من شرّ الوباء، وأن يوفقنا جميعاً لنفع النّاس أجمعين.