حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الإثنين ,23 ديسمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 24097

عمان بين صفيحين

عمان بين صفيحين

عمان بين صفيحين

24-02-2008 04:00 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم :

 ما بين " زينكو " عمان وبين " قرميدها " مسافة شاسعة من الإحساس بالمرارة التي تعتري الفرد اذا مر بتجربة السكن في المنطقتين" شرقية وغربية " تباعا . من المتعارف عليه ان عمان هي عمانين " شرقية وغربية " وقد شاءت لي الأقدار ان اسكن في شقيها " الغني الفقير" في نظري لافتقارة الالفة والمحبة وكذلك" الفقير الغني "لان الغنى غنى النفس وهذا غني بأهله. أخيرا سكنت في حي راق وسط مجتمع " مخملي ". بعد أن كنت أسكن حارة تشبه قريتي إذ أن الجيران يعرفون بعضهم ويسألون عن الأحوال.. ويطاردون من يعترض فتاة من الحارة, ويقفون يدا واحدة ضد الذي يعتدي على أي جار. لم يكن هناك الكثير من الأسرار ولا الكثير من الأبواب المغلقة بينهم حتى أن قصص الحب الجميلة كانت تنتشر بسرعة وكانوا يرعونها ويحترمونها.‏ وفي الحي الشعبي كان العيد يأتي إلى كل البيوت فتصير الحارة أسرة واحدة تتبادل المعايدات وتتبارى بصناعة الحلوى المنزلية. وكنا نحاول تقليد أحياء عمان الغربية كما كنا نتصورها.. حيث كنا نظن أن الأكابر لا يتركون نفايات على الأبواب, ولا يتساهلون في مسألة الضجة.. ولا يقذفون من الشرفات الأكياس السوداء التي تحط على رؤوس العباد.. وكنا نظن أن أولادهم -أي أولاد الأكابر- مهذبون, أنيقون. لا يسمع لهم صوت ولا حركة.. لذلك أخذنا نربي أولادنا على هذه الطريقة بحيث يعتذر الطفل مع ضجته وسلوكه العفوي.. بصراحة كنا نحاول التشبه بهم ونلوم الجارة التي تترك درج بيتها بدون "شطف " أو ننتقد بشدة من يمرُ دون انتباه إلى صاحب " الدكانة " ليقول له صباح الخير.. أو إلى الجار الذي لا يساعد جاره ولا يقف الى جانبه في حالتي " الترح والفرح ". كنا نوصي بعدم رفع صوت الراديو.. أو التلفزيون.. أو عدم الوقوف طويلا على الشرفات حتى لا نحد من حرية الجيران. وفي ذلك الحي كنا نؤب أولاد الحارة الذين يزعقون ويركلون الطابات على الجدران.. وكنا نعاتب جارنا الذي يترك العنان لزامور سيارته كي تتنبه زوجته وتنزل من بيتها.. لم يكن أحد يزعل منها هناك. ولأنني سمعت عن عمان الغربية كثيرا صرت أحلم أن أترك الحارة وأسكن وسط ذلك المجتمع المخملي.. إلا أنني فوجئت وتمنيت لو أعود إلى حارتي أو إلى قريتي حيث المحبة والألفة والتعاون.. وحيث تلك البساطة والعفوية والنظافة.‏ كنت أظن أنني أنتقل من قريتي إلى المدينة الفاضلة. إلا أنني اكتشفت العكس تماما. ففي" عمان الغربية" غير مطلوب منك أن تصبّح على الجيران وغير مطلوب أن تبتسم في وجه البقال أو حارس العمارة.. وليس من اللياقة أن تنظف ا لسيدة درج بيتها.. ولا يحق لأحد أن يسأل لماذا كل هذه القذارة على الأدراج والبوابات.. ولا عليك أن تلقي بنظرة إلى بيت جارك المسافر لتحرسه, بتلك النظرة على الأقل حيث كنا -عندما نسافر- نعطي المفاتيح للجيران ونوصيهم بالمنزل.. هنا في "عمان القرميد" حيث الآباء والأمهات جامعيون, مثقفون.. يربون أولادهم على الحرية. فيدقون على سطح بيتك كما الرعد متى يشاؤون.. وقد يلعبون مع آبائهم (الفوتوبول) حيث البيوت فسيحة جدا, والشرفات تلامس بعضها.. يا إلهي كدت أصرخ.. أهذه عمان الغربية??! أين الجيران?! لا يوجد جيران لأنك قد تسكن الحارة مئة عام دون أن يدق بابك أحد أو أن تعرف من يسكن مقابل بيتك. في هذا المجتمع لا تعرف من هم جيرانك.. ولا يجوز أن ترسل لهم -صحن رشوف - فتكون بذلك ريفيا متخلفا.. وعليك ألا تطلب مساعدة أحد إذاً.  

 

 

 








طباعة
  • المشاهدات: 24097
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
24-02-2008 04:00 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
لا يمكنك التصويت او مشاهدة النتائج

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم