12-05-2020 11:51 AM
بقلم : صالح مفلح الطراونه
الوصلة الثانية _ مغادرة على عجل
وأنا أجلس بمكتبي في ميدان العمل أبلغتني إدارة العمل أن احمل حقائبي وأغادر .
ما الخطب: كورونا سيغلق المحافظة وعليك المغادرة فوراً.
عُدت مسرعاً وأجمعت متاعي على عجل وغادرت مدينة أُحبها وأعطتني أشياء كثيرة, أهملها أنها شاركتني الحصول على كرامة الرزق في رحلة الحياة وفيها تخرجت من أكاديميات للتعليم الذي أكسبني مهارات متنوعة أكن لجميعها مودة لا تنتهي.
وصلت البيت منهكاً لكنني على عجل أريد قراءة الأخبار وهذه السرعة بالأحداث فما الذي يحدث وبهذه السرعة تتحول الأحداث إلى شيء يشبه الخيال , تعليق دوام المؤسسات التعليمية , تعليق جميع الرحلات الجوية , وقف جميع الفعاليات العامة والشعائر الدينية والسياحية , إيقاف الزيارات للمستشفيات ومراكز الإصلاح والتأهيل العسكرية , البيع الإلكتروني في كل شيء , منع إقامة الأفراح وصالات المطاعم ومنع إقامة البرامج الفنية , وتوقف كافة النشاطات الرياضية , والبنك المركزي يسمح بجدولة القروض وتأجيل الأقساط ما لذي يحدث ؟
اجتمعت بأسرتي المكونة من خمسة أفراد تكبرهم جمانه ويليها هاشم وعبد الرحمن ومحمد وزوجتي قلت لهم اليوم نحن بلحظة تاريخية سيذكرها الأجيال جيلاً بعد جيل , وستعرفون كم هذا الوطن عظيم وسوف تفتخرون بكل ما يقدم في سبيل الخوف عليكم وعلى صحتكم اليوم ستعرفون معنى
الإنسان أغلى ما نملك .. هذا الشعار الذي عاش معنا تفاصيل جميله من حياتنا
قالت جمانه كيف يا أبي سنعيش ؟
وما هو أمر الدفاع الذي صدر ؟ ولماذا يا أبي الجيش تحرك في كل محافظه ؟
وهل سنعود إلى مدرستنا من جديد فقد اشتقت إلى رؤى ومريم وحنان والى قاعة الدرس والمرسم وحصة الرياضة يا أبي هل ستبقى معنا أم سوف يأخذك الجيش إلى صفوفه مجدداً .
توقفت أمام أسئلتها الكثيرة وكان يراودني بعض ما جاء على لسانها حينما تم إغلاق محافظتي الكرك عن عمان والعقبة وهما سبيل سفري في متاع هذه الحياة .
قلت لهما اليوم سنفتقد زيارة المسجد الذي يبتعد عنا بعض الخطوات لنصلي ونسبح وندعو الله للوطن ولنا , قلت لهم اليوم سأفتقد خطوات أصدقائي الذين كانوا دوماً يسألون عن هذا الكتاب وذاك من مكتبتي المتواضعة .
ولكن لا تخافوا يا أبنائي لدينا وطن عظيم ..
ولدينا إحساس بأننا سنعود بسرعة , ذهبت على عجل وأنا أجوب شوارع تضيق أمام مساحة نظري للبحث عن ما يسد حاجة أسرتي لأسبوع ربما يطول أكثر مما نتوقع ....
أحضرت ما استطيع من خبز وأشياء بسيطة وأجمعت ما لدينا من بقايا أشياء كنا لا نعيرها إهتمام سابقاً
وكنا آنذاك لا يمكن أن نفكر بأننا سوف نقف في طابور يمتد طويلاً للحصول على خبز ...
أو أمام بائع الحلوى ...
أو أمام بائع الأشياء التي كانت بين أيدينا ولا نعرف كم هي ثمينة ..
ليقف أصغر أبنائي محمد الذي لم يتجاوز الأربع سنوات ويقول هل أحضرت لي يا أبي شبس وعصير فقلت له يا محمد لم أجد للأسف أفُرغت أسواقنا بسرعة كأننا في حرب أو في الطريق إليها ..لست أدري لماذا حتى الخضار باتت شحيحة , والفراولة التي تُحبها لم أجدها ...
سكت وفي عينية سؤال لم أجد له أجابه
كان الخوف يسكن طريقنا الموحش في قرية تبعتد عن اللواء ثلاثون كيلوا متر ..
للحديث بقية