16-05-2020 11:44 AM
بقلم : الدكتور رافع البطاينه
تحدثت في المقال السابق عن الرخصة التي اجازتها الشرعة الدولية للمواثيق الدولية لحقوق الإنسان الصادرة عن الأمم المتحدة وصادقت عليها الدول ووافقت على العمل والإلتزام بها؛ بوضع قيود على حقوق وحريات الناس في الظروف الطارئة لغايات الحفاظ على الأمن الوطني والاجتماعي والصحة والسلامة العامة بشكل عام واللجوء إلى استخدام قوانين الطواريء لمواجهة هذه الظروف الطارئة؛ فقد أجاز العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية للدول بفرض قيود على حريات تنقل المواطنين داخليا وخارجيا وفرض حظر التجول لأهداف الحفاظ على السلامة والصحة العامة كحالات استثنائية.
حيث جاء في نص المادة المادة " 12" ما يلي :
1. لكل فرد يوجد على نحو قانوني داخل إقليم دولة ما حق حرية التنقل فيه وحرية اختيار مكان إقامته.
2. لكل فرد حرية مغادرة أي بلد، بما في ذلك بلده.
3. لا يجوز تقييد الحقوق المذكورة أعلاه بأية قيود غير تلك التي ينص عليها القانون، وتكون ضرورية لحماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة أو حقوق الآخرين وحرياتهم، وتكون متمشية مع الحقوق الأخرى المعترف بها في هذا العهد.
4. لا يجوز حرمان أحد، تعسفا، من حق الدخول إلى بلده.
كما وسمح العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية بفرض قيوض على حريات الرأي والتعبير للغاية ذاتها في حالات الطواريء؛ فقد نصت المادة " 19"....
1. لكل إنسان حق في اعتناق آراء دون مضايقة.
2. لكل إنسان حق في حرية التعبير. ويشمل هذا الحق حريته في التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى آخرين دونما اعتبار للحدود، سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو في قالب فني أو بأية وسيلة أخرى يختارها.
3. تستتبع ممارسة الحقوق المنصوص عليها في الفقرة 2 من هذه المادة واجبات ومسئوليات خاصة. وعلى ذلك يجوز إخضاعها لبعض القيود ولكن شريطة أن تكون محددة بنص القانون وأن تكون ضرورية:
(أ) لاحترام حقوق الآخرين أو سمعتهم،
(ب) لحماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة.
أما المادة " 21 " من العهد المدني أعلاه؛ فقد نص على حرية التجمع كحق أساسي ولكنه بنفس الوقت سمح للحكومات بوضع قيود على هذه الحقوق كإستثناء لاغراض الأمن والسلامة الوطنية والصحة العامة. حيث جاء في نص المادة " 21" ما يلي (... يكون الحق في التجمع السلمي معترفا به. ولا يجوز أن يوضع من القيود على ممارسة هذا الحق إلا تلك التي تفرض طبقا للقانون وتشكل تدابير ضرورية، في مجتمع ديمقراطي، لصيانة الأمن القومي أو السلامة العامة أو النظام العام أو حماية الصحة العامة أو الآداب العامة أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم ). بينما العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية فقد الزم الدول بضرورة توفير الرعاية الصحية الكاملة للمواطنين؛ والوقائية من الأمراض الوبائية والمتوطنة والأمراض الأخرى وعلاجها ومكافحتها. وهذا ما نصت عليه أحكام المادة " ١٢" من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية؛ حيث جاء في نص المادة (...
1. تقر الدول الأطراف في هذا العهد بحق كل إنسان في التمتع بأعلى مستوى من الصحة الجسمية والعقلية يمكن بلوغه.
2. تشمل التدابير التي يتعين على الدول الأطراف في هذا العهد اتخاذها لتأمين الممارسة الكاملة لهذا الحق، تلك التدابير اللازمة من أجل:
(أ) العمل علي خفض معدل موتي المواليد ومعدل وفيات الرضع وتأمين نمو الطفل نموا صحيا،
(ب) تحسين جميع جوانب الصحة البيئية والصناعية،
(ج) الوقاية من الأمراض الوبائية والمتوطنة والمهنية والأمراض الأخرى وعلاجها ومكافحتها،
(د) تهيئة ظروف من شأنها تأمين الخدمات الطبية والعناية الطبية للجميع في حالة المرض).
مما سبق فإن الإجراءات الحكومية المتخذه خلال أزمة كورونا هي متفقة ومنسجمة مع المعاهدات والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان ما دام أن هذه الإجراءات في إطار القوانين والتشريعات الوطنية وعدم تجاوزها؛ وأن تشكل ضررا بالغا على حقوق وحريات المواطنين.