03-06-2020 11:04 AM
سرايا - موسى العجارمة - يعد التهرب الضريبي آفة اقتصادية تشكل جرماً يعاقب عليه القانون في معظم بلدان العالم، ويُعرِّض الضالعين فيه للمساءلة أمام القضاء وعقوبات مدنية وجنائية، قد تصل إلى السجن.
ولعب عامل الإحساس بضعف المؤسسات وعجز الدولة على إعمال القانون وفرض سيادته، وعدم قدرتها على ممارسة مسؤولياتها الرقابية من أجل وضع اليد على الممارسات التي تعد تهرباً ضريبياً وإحالة أصحابها إلى القضاء، دوراً هامًا في عملية التهرب الضريبي في عدد من الدول العربية.
وفرض عقوبات غير متشددة على المُدانين بتهمة التهرب الضريبي، الأمر الذي لا يحقق الردع المطلوب من العقوبة، مما يشجع المكلفين بالضريبة على التهرب إذا كان العائد المتحصَّل من خلاله أكبر من العقوبة المترتبة عنه.
ويشكل التهرب الضريبي عبئاً كبيراً على قدرة الدولة من ناحية تعبئة الموارد وتوفير الإيرادات اللازمة لتمويل الإنفاق العمومي؛ وهذا من شأنه يضعف جودة الخدمات العمومية المقدَّمة، ويقلل فرص الاستثمار في البنى التحتية والمرافق الضرورية، ويحول دون نهج السياسات الحكومية التي تحفز النمو الاقتصادي وتحقق التنمية.
*كناكرية: يخل العدالة بين المستثمرين
وزير المالية السابق الدكتور عز الدين كناكرية يقول لـ"سرايا"، إن التهرب الضريبي لا يشكل أثره فقط على الإيرادات الضريبية لخزينة الدولة فقط، إنما يخل في العدالة بين المستثمرين، مؤكداً أن محاربة التهرب الضريبي تحقق العدالة بين المستثمرين وتعزز المنافسة العادلة وتزيد من الثقة بين المكلفين على أساس أن الجميع خاضع للضرائب وفق نفس المنهجية.
وأضاف أن هناك طرق عديدة للحد من التهرب الضريبي وأبرزها التشريعات القانونية المعمول بها والأنظمة الإلكترونية التي تشمل قاعدة بيانات بالمعلومات اللازمة للتحقق من الدخل الخاضع للضريبة، إضافة إلى تعزيز كفاءة الإدارة الضريبية دوريًا لتواكب التطور التكنولوجي.
وختم كناكرية حديثه لـ"سرايا": "لاشك أن مواصلة تطوير التشريعات التي تم إقرارها وتعديل ما يتطلب منها سواء فيما يتعلق بقانون الضريبة وقانون الجمارك والعقوبات، وبعد إن تم إقرار نظام الفوترة والسير في إجراءات توفير نظام إلكتروني للفوترة وفصل الإدعاء العام الضريبي الذي أصبح من إشراف القضاء ، كل ذلك سيؤدي إلى الحد من التهرب الضريبي ويعزز الإيرادات الضريبية و الثقة بالاستثمار والعدالة الاجتماعية".
*أبو خديجة: أسماء المتهربين ضريبياً معروفة لدى دائرة الضريبة ووزارة المالية ورئاسة الوزراء
النائب السابق و رجل الأعمال الدكتور هيثم أبو خديجة، أكد أن التهرب الضريبي يستنزف من خزينة الدولة مبالغ طائلة والمؤسسات التي تقدم عليه بعيدة كل البعد عن حس المسؤولية والانتماء للوطن.
وطالب أبو خديجة أثناء حديثه لـ"سرايا" بالضرب بيد من حديد على كل تُسوّل له نفسه التهرب ضريبياً، وهناك حاجة ماسة بتغليظ العقوبات لتلك المؤسسات التي تقدم على هذه الآفة الاقتصادية وعدم تستر الدولة على أسماء الأشخاص الذين يتهربون ضريبياً؛ لقيامهم بهذه المخالفات بصورة علنية؛ لذلك يتطلب من الحكومة عدم التستر عليهم؛ لكونهم أسماء معروفة لدى دائرة الضريبة ووزارة المالية ورئاسة الوزراء.
وبيّن أن الشرائح الضريبية مرتفعة جداً في القطاعين الخدماتي والصناعي ولا بد من الدولة أن تقوم بتخفيض الضريبة بالقدر المستطاع حتى تتحسن العجلة الاقتصادية وتنخفض البطالة.
واستذكر أبو خديجة في نهاية حديثه لـ"سرايا"، استقالته من اللجنة الاقتصادية النيابية احتجاجًا على رفع ضريبة الدخل آنذاك؛ لكون أثرها السلبي يدفع ثمنه المواطن وليس التاجر.
*الساكت:عدم وجود الإعفاءات المشكلة الوحيدة التي واجهها نظام الفوترة
نائب رئيس غرفة صناعة عمّان السابق المهندس موسى الساكت يؤكد لـ"سرايا"، أن قضية التهرب الضريبي قديمة جديدة إثرها سلبي يلحق خزينة الدولة خسائر مالية كبيرة، لافتاً إلى أن سبب هذه التجاوزات يعود لضعف التشريعات الناظمة.
" ونظام الفوترة موضوع بالغ الأهمية ولكن المشكلة الوحيدة التي يواجهها عدم وجود نظام إعفاءات يقابله، حيث إن تطبيق هذا النظام يصب بمنع التهرب الضريبي، ولكن لا بد من منح المواطنين إعفاءات ضريبية.
وأضاف أنه لا بد أن يكون هناك عقوبات رادعة تجعل كل مؤسسة تحسب خطواتها بحذر قبل أن تتهرب ضريبياً.
وحول مبدأ تغليظ العقوبات على المؤسسات التي تتهرب ضريبياً، نوه الساكت في نهاية حديثه لـ"سرايا"، أن الخطأ قد يكون وارداً في بعض المؤسسات أحياناً نتيجة أخطاء فردية من بعض المحاسبين ولا يجوز حينها تغليظ العقوبة ولكن بحال التكرار لا بد أن يكون هناك تشريعات رادعة .
يذكر أن مصدر رسمي أكد قبل أيام أن الأجهزة المعنية ستقوم بإجراءات حاسمة وشديدة لمكافحة التهرب الضريبي ومعالجة الاختلالات بما يفضي إلى زيادة الإيرادات وتحقيق العدالة الضريبية بين المكلفين.