05-06-2020 08:25 PM
بقلم : شروق طومار
منذ إعلان وزارة التربية والتعليم اعتماد “التعليم عن بعد” أثناء تعطيل المدارس للوقاية من فيروس كورونا، لم تتوقف شكاوى طلبة وأولياء أمور حول صعوبة الوصول للمحتوى التعليمي، وعدم التمكن من تقديم الامتحانات الإلكترونية بسبب عدم توفر التقنيات اللازمة لدى آلاف الطلبة، فيما لم تقدم الوزارة أي حلول عملية لهم.
تفترض الجهات القائمة على العملية أن اشتراكات الإنترنت والأجهزة الذكية متوفرة في كل بيت، لكن الواقع للأسف ليس كذلك، فهناك آلاف البيوت الأردنية لا تتوفر فيها أجهزة ذكية، أو لا تتوفر لديها الإمكانات المالية لتسديد اشتراكات الإنترنت، وهذا ليس مقتصرا فقط على الأسر القاطنة في المناطق النائية، بل إنه حال مئات الأسر في المدن الرئيسية. أما إذا انتقلنا للحديث عن سكان الأطراف فإن بيوتا كثيرة لا تغطي أحياءها شبكات الإنترنت أصلا.
ستحاول هذه الأسر تدبر أمورها ليتمكن أبناؤها من تقديم الامتحانات النهائية، قد يلجأ بعضهم للدين لتوفير المطلوب، وقد ييسر الله لبعضهم قريبا أو جارا أفضل حالا منهم يلجأون لبيته للاستفادة من تغطية الشبكة أو استخدام جهاز يفي بالغرض، لكن الغالبية لن تتوفر لهم هذه الخيارات، فسكان الحي الواحد عادة أحوالهم المعيشية متشابهة، ما يفتح سؤالا حول مصير هؤلاء الطلبة وما هي الآلية التي تنوي الوزارة التعامل مع حالتهم بها.
قبل أيام انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي رسالة من طالبة اسمها “إيمان” وجهتها لوزير التربية تعتذر فيها عن عدم تقديم الامتحانات النهائية لعدم توفر التقنيات الضرورية لذلك، رغم تفوقها وعلاماتها المرتفعة لأنها لا تستسيغ استجداء مساعدة أحد الأقرباء بإقراضها هاتفه الذكي الخاص، ولا تحتمل تكبيد والدها -الموظف بدخل متدن- مصاريف إضافية من أجل شراء حزم إنترنت ستتنازع عليها هي وأخواتها الأربع لتقديم امتحاناتهن، حتى وإن كانت تكلفة ذلك عشرة دنانير فقط لأن هذه الدنانير العشر تكفي أسرتها حاجتها من الخبز لعشرة أيام!
رسالة إيمان لم تقتصر على إعلان نيتها عدم تقديم الامتحانات لما شرحته من أسباب، وإنما قامت أيضا باقتراح آلية على معلماتها للتعامل مع حالتها بتقدير علاماتها بالاعتماد على ما حققته من علامات في الفصل الدراسي الأول.
هذه الطالبة ما هي إلا واحدة من آلاف الطلبة أمثالها الذين لم يسمع بهم أحد لأنهم لم يهتدوا لكتابة رسالة مطولة عن واقعهم المؤلم، وعن الواقع المؤسف والمزري لعملية إدارة ملف التعليم ككل والتعليم عن بعد بشكل خاص.
فعندما ينسحب المسؤولون من مسؤولياتهم، ستضطر طالبة لا يتجاوز عمرها 18 عاما لنشر رسالة تحمل كل هذا الوجع، لا بل وتقديم الحلول نيابة عن الجهات التي لم تتفوه بكلمة واحدة عن خطتها للتعامل مع هذه الحالات والتي نعلم أن عددها كبير جدا.
على صفحات أحد المواقع الإلكترونية قرأت تعليقا غير رسمي نسب لوزير التربية على الرسالة، قال فيه إن الاختبارات مجانية ولن يتم الخصم من حزم الإنترنت، فهل يوضح لنا الوزير كيف يمكن للطالب الدخول للمنصة إذا لم يكن لديه جهاز ذكي مربوط بشبكة الإنترنت وكيف يمكن ربط الجهاز بالشبكة دون شراء حزمة إنترنت؟
الوزير وفي ذات الرد أيضا أبدى تفهمه للوضع الصعب الذي يمر به الطلبة، وقال لإيمان بأنه حال قيام معلماتها برصد علاماتها تقديرا فسيتم اعتماد هذه العلامات لها. وهنا يحق لنا أن نطرح سؤالا آخر: هل تم اعتماد آلية لتقدير علامات الطلبة كبديل عن تقديم الامتحانات؟ هل تم وضع أسس لعملية التقدير وأسس لتحديد الطلبة الذين ستطبق عليهم؟ أم أن ذلك متاح فقط لإيمان نتيجة رسالتها المؤثرة؟
وهل لنا أن نسأل بالمناسبة عن أجهزة التابلت التي أعلنت الحكومة منتصف الشهر الماضي أنها ستهديها مع خدمات إنترنت للطلبة في المناطق النائية؟ هل تم توزيعها بالفعل على مستحقيها مع علمنا بأن أياما قليلة تفصلنا عن نهاية فترة الامتحانات النهائية؟
أم أن آلاف الطلبة سجدون أنفسهم بحاجة لكتابة رسائل تشبه رسالة إيمان لكنهم قد لا يجدون سبيلا لنشرها عبر وسائل التواصل الاجتماعي لعدم توفر ذات الأدوات؟