حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الجمعة ,27 ديسمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 755

الصلاة في زمن كورونا: هل الخيار الرقمي متاح للمسلمين؟

الصلاة في زمن كورونا: هل الخيار الرقمي متاح للمسلمين؟

الصلاة في زمن كورونا: هل الخيار الرقمي متاح للمسلمين؟

10-06-2020 03:19 PM

تعديل حجم الخط:

سرايا - في الشارع، باتت الكمامات جزءاً جديداً من الوجوه. وللذهاب إلى العمل، يكفي أن ننتقل من السرير إلى غرفة الجلوس. تغيّرات كثيرة فرضتها الوقاية من كورونا على نمط حياتنا، ولا أمل، على الأقلّ في المدى المنظور، أن يعود العالم إلى ما كان عليه قبل تفشي الوباء.

وقد تأثرت العبادات والشعائر الدينية كثيراً، كونها تقوم في معظمها على مبدأ الجماعة. ومع إعادة فتح المساجد حول العالم بالتدريج، بدأت تطرح أسئلة حول مستقبل الصلاة الجماعية، وهي من الشعائر الأساسية في الإسلام.

خلال شهر رمضان الفائت، انتقل جزء من الشعائر، بفعل الضرورة، من المساجد، إلى البيوت. وعلقت دول إسلامية عدّة صلاة الجمعة مؤقتاً، وبعضها منع التجمعات في عيد الفطر. في تلك المناسبة، صلّى بعض الأئمة في مصر وتركيا منفردين في المساجد، في حين تحلّق المصلّون في الفليبين وباكستان في أماكن مفتوحة، وأدّوا صلاة العيد متباعدين بمسافات قصيرة عن بعضهم البعض.أما في أستراليا، نقلت صلاة العيد عبر الانترنت لمن يرغب بمتابعتها.

تخبرنا هنا نخال: "صليت في البيت وحدي خلال رمضان، وما ساعدني في استعادة الأجواء المعتادة، أنّ شيخ المسجد الذي كنت أصلي فيه كان ينقل صلاته كل يوم عبر بثّ مباشر على فيسبوك". وتقول آية ملص: "خلال فترة اقفال المساجد، أعرف أصدقاء لعائلتين حوّلوا غرفة في بيتهم لتكون مصلى، وخصصوا وقتاً للدروس الدينية لأن كبيرهم أستاذ في المجال".

ويحاول المواظبون على الصلاة إيجاد حلول رقمية لعدم الانقطاع عنها، لكنّ الآراء الفقهية خلصت في النهاية، إلى عدم جواز الصلاة خلف تلفزيون أو مذياع، بحسب فتوى صدرت عن الأزهر، ومرجعيات دينية أخرى.

الشيخ رفيق المرابط، إمام مسجد في تونس منذ 15 سنة، ويبثّ صلوات وشروح دينية عبر صفحته على فيسبوك بشكل يومي. وخلال شهر رمضان، عكف على بثّ التراويح عبر صفحته مباشرةً، ونشر أشرطة مصورة خصصها لشرح القرآن وبعض الشؤون الدينية.

غير أن لجوء الأئمة إلى مواقع التواصل الاجتماعي لنقل التعاليم الدينية، ليس جديداً، فهم حاضرون بقوّة منذ سنوات على مختلف المنصات، سواء كانوا يمثلون المرجعيات الرسمية والفقهية الكبرى، أو كانوا علماء دين معروفين.

للشيخ رفيق المرابط خبرة طويلة في إدارة البرامج والحوارات التلفزيونية، كما يستخدم صفحته على فيسبوك منذ مدّة طويلة لبثّ الدروس الدينية. لكن الوضع اختلف خلال أزمة كورونا، إذ حوّل منبره عبر مواقع التواصل إلى مساحة لقاء مع المصلين المحجورين في بيوتهم، ليس في تونس فقط، بل حول العالم.

ويقول: " بدأت بالبث المباشر قبل رمضان، لأنّي كنت من غير الملزمين بالحجر الصحي، بفعل عملي في شركة مواد غذائية. وعند تنقلي في أرجاء تونس، شعرت بمعاناة من لم يعودوا قادرين على الخروج من بيوتهم، ولا يسمعون إلا أخبار الإصابات والوفيات. لذلك أردت أن أرسل رسالة طمأنة وكلمة أمل وسحابة من الإيجابية، وأن أدخل البيوت بالابتسامة وبالدعوات. كنت كل يوم خلال البث المباشر، أتبين الحكمة من الأمراض، وما معنى الوباء، وماذا يمكن أن نفعل حين نكون في البيت".

نسمة أمل

يقول الشيخ المرابط: "دأبتُ على نقل صلاة التراويح ليتابعها أصدقائي في أوروبا، وككلّ عام يتجاوز عدد المشاهدات الآلاف، وكنت أعطي درساً قبل الصلاة عن معاني الآيات، وأمضي بعض الوقت في الإجابة على التعليقات".

يتفاعل كثر مع فيديوهات المرابط، بالشكر والدعاء. يخبرنا: "تشعرني التعليقات بأني أديت رسالة كبيرة، من خلال بث نسمة أمل في قلوب الممنوعين من الخروج. على سبيل المثال أوصلت صلاة التراويح لنساء لم يشاركن بها على الإطلاق سابقاً، في أوروبا وكندا. حتى إن اختلف التوقيت بين البلدان، وعدّت الصلاة نافلة، لكني لا أستطيع أن أمنعهن من متابعتي، ربما يكفيهن على المستوى الروحاني أن يستمعن للصلاة أو يتابعن الدرس".

والتفاعل الكبير مع الشيخ المرابط، حفّزه على تطوير وتحسين الصورة التي يخرج بها، لناحية الصوت والإضاءة وتجهيز الديكور ليطلّ على متابعيه بشكل متكامل. لكنه يوضح أنّ الصلاة عبر الإنترنت أو عبر البثّ الحي، فيها إشكالات فقهية كبرى، فهي تفتقد إلى ضرورة اتصال صفوف المصلين، ووجود المأموم في نفس المكان الذي يوجد فيه الإمام، احتراماً لأصل فكرة صلاة الجماعة، ومتابعة المصلّي لحركة الإمام. ويرى أن الصلاة عبر الوسائط الالكترونية لا تراعي وجود فارق زمني، قد يكون ضئيلاً أو كبيراً.

يقول أستاذ الأخلاق الطبية والحيوية في الإسلام والمدير الأكاديمي لمركز دراسات التشريع الإسلامي والأخلاق الدكتور محمد غالي، إنّ الإفتاء حول الصلاة خلال الأوبئة، يتأثر بالتطور العلمي، إن اطلع عليه المفتي بشكل سليم.

ويحكي غالي عن مواكبة الفتاوى لما جرى خلال انتشار كورونا: "في البداية، قال بعض المفتين إنّ اقفال المساجد لا يجوز، لأنها لم تقفل في القدم، حتى خلال الأوبئة. ذلك الرأي كان مبنياً على تصوّر قديم، بأنّ الأوبئة غير معدية. الآن نعرف بشكل يقيني أو شبه يقيني أنها معدية، لذلك تغيّر الموقف".

ويضيف غالي: "في الفقه نصوص تشير إلى أنّ الإنسان، إذا كان عنده خوف سواء على صحته أو على حياته وعلى أمنه، يمكنه أن يتخلف عن صلاة الجمعة والجماعة. وخلال تفشي وباء كورونا الأخير، رأى العلماء أنه يمكن للمصلي أداء صلاة الظهر في البيت إما جماعة مع أهل بيته وإما منفرداً، والأمر ذاته بالنسبة لصلاة التراويح. وكان السؤال: لماذا لا نستخدم الإمكانية المتاحة حالياً، والتي لم تكن متاحة من قبل في الأزمنة القديمة، مثل متابعة الصلاة خلف إمام عبر البث الحي؟".

بحسب غالي، هناك من وجد الفكرة مستحبة، لأنّ "الأصل في صلاة الجماعة أن يستطيع الإنسان متابعة الإمام، ويراه كيف يركع، ويسجد، ويستمع إلى قراءته، وكل ذلك متحقق في البثّ المباشر. يضاف إلى ذلك مبدأ الضرورة، في حال كانت المساجد مغلقة".

لكن المعترضين على ذلك رأوا أنّه لا يمكن "التعاطي مع الصلاة كمسألة عقلية، يتاح للإنسان أن يتصرف فيها كما يتصرف في السياسة أو الاقتصاد، بل هي عبادة، نتقرب بها من الله بما أراد، ومساحة التصرّف بها ضيّقة. وصلاة الجماعة مرتبطة بأمور روحانية، وبأمور شرعية، من شروطها اتحاد المكان واتصال الصفوف، وذلك لا يصحّ في البث الحي. حتى فكرة متابعة الإمام نفسها فيها إشكال لأن البثّ قد يصل متأخراً بضع ثوانٍ".

صفوف التربية الدينية في المدارس تنتقل إلى الوسائط الرقمية

ردم الحواجز

حتى إن طال أمد الوباء، لا يتوقع غالي أن يجيز العلماء صلاة الجماعة عبر البثّ المباشر. يقول: "أتوقع أن يكون هناك بعض الخلافات الفقهية حول هذه المسألة، وربما تفتح المساجد ويحافظ فيها على التباعد، لكن تلك إشكالية أخرى تتعلق باتصال الصفوف". ويشير إلى جوانب روحانية في صلاة الجماعة، وحاجة المؤمن لرؤية وجوه المصلين الآخرين والتواصل معهم، إلى جانب إمكانية تسبّب العادة على الصلاة في البيت ببعض التكاسل عن الذهاب إلى المساجد.

وقد لا تصير الصلاة متاحة عبر البثّ الحيّ، لكن استخدام الوسائط الرقمية لأغراض دينية أخرى، سيكون جزءاً ثابتاً من حياة الناس.

يقول الشيخ المرابط: "سأواصل تحفيظ القرآن عن طريق الوسائط الإلكترونية استغلالا لهذه التكنولوجيا في سبيل تقوية الإيمان وتعليم الناس الخير وإيجاد ثقافة دينية موازية".

ويعد استخدام الوسائط الالكترونية في التربية الدينية جزءا من برامج المدارس في إطار التعليم عن بعد. وتخبرنا مسؤولة الإعلام في مدرسة "المواكب" في الإمارات تمارا الأخرس: "نظمنا افطارات افتراضية في رمضان للطلاب، وعملنا معهم على تزيين البيت، وصناعة الفوانيس يدوياً، كما شارك الطلاب في مدرستنا بصلاة جماعية للإنسانية عبر الإنترنت. كما وزعنا أيضاً شهادات رياحين القرآن وهي مسابقة سنوية ننظمها في مدراسنا". هذه الطرق التربوية تتيح مشاركة الطلاب من بلدان وديانات مختلفة، مما يعزّز ردم الحواجز والتنميطات بين التلاميذ".








طباعة
  • المشاهدات: 755

إقرأ أيضا

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم