بقلم : تيسير الملاجي

التعليم عن بعد تجربة مهمة أدخلتنا عالم التكنولوجيا ونقدر تعب من قاموا على تفعيلها وتطبيقها، لأنها الحل المؤقت الوحيد في مثل هذه الظروف،
أما أن نوهم أنفسنا بمدى نجاحها وقوتها ومدى الرضا الكبير عن هذه التجربة، وأن يتم تصنيفها على انها أنجح وسائل التعليم.

هنا سأقف معترضاً وبشدة علماً أني لستُ معلماً ولا طالباً، لكن كنت يوماً أتلقى العلم بطرقٍ قد تروها الأن أنها بدائية، طرق لا تكنولوجية ولا منصات علمية، لا أذكر منصات غير منصة الأذاعة المدرسية، ومنصة سارية العلم الذي أشتاق للوقوف تحتها رافعاً رأسي أنشد السلام الملكي، ثم ينادي الجرس فأمضي الى فصلي مفتخراً.
جدران الفصل الأربعة التي تحمل إحداها سبورة معلمي والأخرى تحمل لوحات عمل المجتهدين ، الجدران التي كانت تحرس أحلامنا .

أيقنت أن التعليم ليس معلومات ترميها على مسامع الطلاب و تمضي..
التعليم ليس شاشات الكترونية تضرب على لوحة مفاتيحها لتسارع بنقل ما تعرفه..
العلم ليس شفتا معلم تتحرك وتلاميذ تنصت إلى أن ينتهي الوقت...
التعليم ضحكة عابرة ، نصيحة على عجل.
التعليم طاولات تُثقلها المساعي نحو كسب مستقبل أفضل بسلاح الشهادة والمعرفة، وبناء الشخصية.
التعليم ابتسامة ترسمها الوجوه التي فهمته وعباسة الوجوه التي إستعصى عليها.
التعليم حكاية مشوّقة يتفنّن بها الأستاذ في تقمّص دور الرّاوي، ولايريد سوى آذان صاغية و عيون محدقة تتبع بقية الأحداث..
التعليم شغب و ضوضاء و أصابع ترفع من أجل الإجابة والتسابق على السبورة إذا طلب المعلم حلاً لتمارينها..
التعليم صمت و إستكانة و رؤوس مطأطأة حين يغيب الإجتهاد و العمل الجاد...
التعليم موسيقى تعزفها خشخشة ورق الكتب و الدفاتر و مسير الطبشورةعلى السبورة.
التعليم أجواء مفعمة بالمرح حيناً و بالجد أحياناً.
التعليم دروس وواجبات وإختبارات كأمواج بحر لا تعرف الهدوء.
العلم والتعلم والمدارس والساحات وطن صغير يجمعنا.

التعليم عن بعد قد يأمن للأجيال شهادات لكن دون شخصية وأصدقاء وهوايات.
التعليم البدائي يعلمنا أهمية الألتزام، ومعنى الأستمرار دون أستسلام، يعلمنا أن نمضي نحو النجاح دون الخوف من الأنهزام.
التعليم عن بعد يعزل الطالب عن عالمه الطفولي والتربوي، وللمدرسة حيز كبير في تربية الطفل حيث يقضي يومه مع من يشبهونه في العمر والعقل وخاصة أن دور العبادة لم تعد الا لأداء الصلاه فقط.

لم تعد وزارتنا وزارة التربية والتعليم أصبحت وزارة التعليم الألكتروني والتعليم عن بعد
أما التربية... فلا تربية عن بعد.

تيسير الملاجي