25-06-2020 11:33 AM
بقلم : م. أحمد نضال عوّاد
الجميعُ يتحدث عن الشّبابِ وطاقاتهم وإبداعاتهم، والاهتمام بدعمهم وتمكينهم، إلا أنَّ بعض البرامج الشبابية يتمُّ تنفيذها بشكل مغاير لما تم التخطيط له، وينتهي بها الحال عند حفل ختامها على أبعد تقدير، أو بعد تقديم الشّباب لاقتراحاتهم التي قد يتفاجأ الشباب أحياناً بتنفيذها دون الإشارة لهم، ووضعها في سجل إنجازات آخرين ممّن يستغلون الشّباب والحديث باسمهم، أو يحاولون " سرقة أفكارهم وجهودهم"، حتى دون شكرهم، بل ربما تجاهلهم أو عقابهم، مستغلين شغف الشّباب ورغبتهم بالعمل والإنجاز!
هذا مطلع المقال وبداية الحديث، منذ أعوام عديدة ونحنُ منخرطون بالعمل التطوعيّ والتنمويّ وغيرنا الكثير من الشّباب الواعد في كافةِ محافظاتِ المملكة، والظروفُ تزدادُ تعقيداً خاصّة في ظلِّ مواجهتنا لجائحةِ كورونا وما يترتب عليها من آثارٍ إقتصادية داخلية وخارجية علينا التنبه لها جيداً، وإعداد الخطط لكافة السيناريوهات المتوقعة حتى لا نتفاجأ بعد أشهر قليلة أنّنا أمام بوابات جديدة من الشباب الباحث عن عمل من أبناء المحافظات، أو أبنائنا وأخوتنا المغتربين ممّن فقدوا وظائفهم.
نحنُ في محنة وظروف استثنائيه تستدعي أن نضعَ الخلافات جانباً، ونعمل جميعاً بنهجٍ قائم على التشاركية الحقيقية بين كافة القطاعات التنموية سواء القطاع العام أو الخاص أو مؤسّسات المجتمع المدنيّ، والعمل الجادّ بإخلاصٍ وإيمان، لتحويل هذه " المحنة" إلى " مـنـحـة" تُساهم في تحويل طموحات الشّباب إلى واقع، وأفكارهم إلى مشاريع، وجهودهم إلى عمل مؤسّسيّ منظم، يمنحهم الفُرصة الحقيقية بشكل يجعلهم يساهمون في تحقيق التنمية الشاملة المستدامة في جميع القطاعات وفي كافة محافظات ومناطق وقرى المملكة.
توجيهات سيدي جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين - حفظه الله ورعاه -، وسيدي سموّ وليّ العهد أمير الشّباب الحسين بن عبدالله الثاني - حفظه الله ورعاه - واضحة دائماً، وعلينا قراءة مضامينها بعناية، والعمل على تحقيقها من خلال المبادرات والمشاريع التنموية، وتحفيز الشباب بدلاً من إحباطهم، والوقوف معهم بدلاً من إيقاعهم، والمضيّ قُدماً معهم بدلاً من اعتراضهم، فالشّباب هُم أملُ الحاضر والمستقبل، وذلك بالطبع إلى جانب أصحاب الحكمة والخبرة الذين نتمنى منهم السماح للشباب بقيادة المرحلة إلى جانبهم للوصول إلى مجتمع أكثر تماسكاً وإنتاجاً، ومواطناً منتجاً لا مُستهلكاً، واقتصاداً مزدهراً، وحياة طيّبة كريمة لكلّ من يعيش أرض الأردنّ المُباركة.
وحتى لا نكون ممّن يطلقون الاتهامات، فالحديث أعلاه للتنويه والانتباه وليس لنقد الواقع فقط. إذ علينا النظر أيضاً إلى الجانب الممتلئ من الكأس، فالخير موجود، وهُناك من يعمل ويخطّط لنفع الشباب وتحفيزهم وفي كافة القطاعات، والأمثلة على ذلك كثيرة.
لكن اسمحوا لي أن أتحدث في هذا المقال عن فكرة " الاستثمار الاجتماعي" التي آمنتُ بأهمية دعمها والاستثمار فيها، هذه الفكرة التي تعمل عليها " مفاتيح للتنمية المستدامة" لتحفيز الشباب وإشراكهم في صنع القرار والمساهمة في التنمية الاجتماعية والاقتصادية بشكلٍ مُستدام، بحيث تفتح للشباب الأبواب وتستثمر قدراتهم للوصول إلى تحسين الناتج الاجتماعيّ والاقتصاديّ للأفراد وللمجتمع بوجهٍ عام.
تقومُ فكرة الاستثمار الاجتماعيّ على الشراكة الحقيقية ما بين رأس المال وأصحاب المشاريع لتطويرها ممّا يحقّق زيادة في الأرباح لصاحب المشروع والمُستمثر الاجتماعيّ، إضافة إلى توفير فرص عمل جديدة للشباب الأردنيّين، هذه الفكرة التي تمّ البدء فيها من خلال تأهيل عدد من الشّباب الأردنيّ أصحاب الكفاءة من كافة محافظات المملكة وتدريبهم ليكونوا "مدربين الاستثمار الاجتماعي بالمملكة" تمهيداً لإطلاق سلسلة من ورش العمل التدريبية في جميع المحافظات في محاولة جادة لرسم أفكار الشباب وتحويلها إلى فُرصة اجتماعية واقتصادية هامّة لجميع الأطراف الشريكة في عملية الاستثمار، والتشبيك ما بين المُستثمر وأصحاب هذه المشاريع لتطويرها وزيادة الإنتاج فيها.
أهمّ ما يميّز فكرة الاستثمار الاجتماعيّ هي تدوير المال، وتحقيق الأرباح للشباب وللمستثمر، وتمكين الشّباب بشكل حقيقيّ، وتطوير المشاريع القائمة بعيداً عن القروض التي تجعل العاملين فيها يعملون ليلاً نهاراً فقط من أجل سدادها!
الأفكار كثيرة، والشباب يمتلكون الطاقات، ورسالتنا إلى صانع القرار :" إنّ الشباب الأردنيّ مؤهل ويستطيع إثبات أنه قادر، الفرصة لدينا اليوم بأن نصنع مستقبلنا بأنفسنا، علينا أن نتعاون معاً ونفتح الأبواب ونعزز الفرص المُتاحة للشباب في جميع المحافظات، علينا سماع صوت الشباب في كلّ مكان، وللشباب ارفعوا أصواتكم فسيد البلاد قالها أوّلاً، وهُوَ الداعمُ الأوّل لنا جميعاً. ارفعوا أصواتكم في الحقّ ومصلحة البلاد والناس أجمعين، وكونوا مؤمنين بقدراتكم، والعمل على تطويرها باستمرار. الحلُّ في أن نعمل معاً فبالتماسك قوة وبالتفرقة الذلّ والهوان"