05-07-2020 02:59 PM
بقلم : صالح مفلح الطراونه
المتعثرين علينا قبل الحكم عليهم أن نسأل سؤال عريض وبحجم مأساة كل المتعثرين
لماذا نساوي في هذا الملف بين التعثر وعدم القدرة المالية، والاحتيال والنصب؟ وهذا السؤال أضعه على طاولة من له صله بهكذا قضايا علينا أن نعلم إن الذي كتب شيكاً وعجز عن الدفع بالتأكيد يختلف كلياً عمن كتب شيكاً مالياً وكان حقيقة يخطط مسبقاً للاحتيال وعدم السداد , او ذلك الذي لم يستطيع دفع إيجار بيته ايضاً بسبب التعثر وربما لأنه فصل من العمل ما عاد يستطيع دفع الأجرة بالتأكيد هذا يختلف كلياً عن الذي لا يرغب بدفع الأجرة لغايات التنكيل بالمؤجر أو حتى قد يصل الأمر الى مقايضته أو الاحتيال علية .
على سلك القضاء الذي لانشك بنزاهته مطلقاً ان يعلم انه الأكثر قرباً لصناعة القرار وعلية أن يعلم اننا نعيش الزمن الصعب مالياً واقتصادياً وإجتماعياً وبأن هناك الآلاف من الأردنيين والأردنيات، متعثرون ماليا، بعضهم مطلوب، وبعضهم سجين، وبعضهم يداري الدائن حتى يجد فرجا من الله وبأن عدد المطلوبين للتنفيذ القضائي على قضايا مالية وأولئك الذين يقضون عقوبات بالسجن على قضايا مالية سواء كانت صغيرة أو كبيرة هم عدد كبير جداً .
لذلك ومن منطلق المسؤولية المجتمعية التي تحتم على الدولة بكافة مؤسساتها الرسمية أن تدرك أن السجن ليس حلاً لأولئك المتعثرين مطلقاً , فالمتعثر الذي تم سجنه سيخرج بعد انقضاء المدة دون أن يسدد المبلغ المطلوب منه وسوف يتم تحريك قضية بحقه من جديد ويعاد مرة أخرى للسجن وبالتالي عاش عمره وحياته بالسجن فأين أين العدل في إدارة هذه الملفات التي جعلت من السجن عنوان عريض لدمار أسر ومكونها الإنساني على هذه البسيطة .
علينا أن لا نجافي الحقيقة هروباً من الواقع الذي يقول أن أغلب الأردنيين والأردنيات متعثرين مالياً فليس كل قضية مالية بالضرورة أن تعني إحتيالأً أو نصباً على صاحب الحق أو المال فالواقع الاقتصادي هكذا يقول عنه حكما علم الاقتصاد بأنه كلما تراجعت الأوضاع الأقتصاديه وانهارت المدخلات المادية للفرد وما عاد الدخل يغطي المخرجات المطلوبة من أفراد المجتمع كلما ارتفعت نسبة المتعثرين .
إن إعادة النظر في العقوبات ذات الصبغة المالية المترتبة على المتعثرين يجعلنا نؤمن إن قيم التكافل أساس بناء الدولة العميقة القوية التي تراعي وتدرك تماماً بأن السجن لن يحل المشكلة والكارثة الكبرى التي تعلمها الدولة إن لا المدين قادر على السداد وهو في سجنه ولا أهلة قادرين على تخليصه من السجن بحكم إن هذا رب البيت وهو الذي كان يُعيل الأسرة وشاءت الظروف أن يسجن بفعل ما أشرنا إليه بهذا الملف الذي يستحق التوقف أمامه ومعالجة كل التغرات فيه .
علينا إعادة صياغة القوانين التي صيغت آنذاك حينما كان الوطن يتمتع في بيئة اقتصادية مزدهرة أمام ما نواجه الآن من تراجع في حجم إيرادات الدولة فكيف المواطن , إننا بصراحة أمام مشهد تغيب فيه العدالة الاجتماعية وبأن الظروف البيئية والقانون والتشريع والتعليمات التي قد تصلح قبل خمس سنوات قد لا تصلح اليوم لهذا نهيب بمن له نصيب في إدارة هذا الملف أن يعمل على المعالجة وفق ظروف المتعثرين وبأن السجن لن يكون علاجاً في هذه الظاهرة مطلقاً وبأنه إذا ما بقينا على هذا الوضع فأننا بالتأكيد سنحتاج مزيد من السجون وأسر بلا مأوى تملأ الشوارع وانهيار بمنظومة الأسرة التي ندافع عنها في كل قيود الإنسانية وقيمها وأولوياتها .
دعونا نفكر بصوت عالي .. وبالأرقام المالية التي من خلالها يمكننا سداد كل ديون المتعثرين فكلفة السجناء لتلك الفئة كما علمت تتجاوز 190 مليون دينار سنوياً لعدد يصل الى 17 ألف متعثر.
فلماذا لا نبحث عن حلول بديلة للسجن ؟
كلنا أمل بذلك يا أصحاب القرار .