13-07-2020 03:59 PM
بقلم : د. دانييلا القرعان
حل فيروس كورونا المستجد ضيفاً ثقيلاً بلا دعوة على مظاهر الفرح والسرور والتي تتكلل بمظاهر حفلات وأعراس الزفاف،ويُعد فصل الربيع الفصل الأكثر افتتاحاً لمواسم حفلات الأعراس ولعمل منظمي الحفلات ومقدمي الخدمات التي ترافق حفلات الزفاف، والذي جاء هذا العام تزامناً مع انتشار جائحة كورونا، ويعد قطاع الأفراح والأعراس من القطاعات المهمة التي ترفد خزينة الدولة بالإيرادات الضرورية، وهو قطاع مهم لتشغيل العديد من العمالة والباحثين عن العمل، إلا أن تفشي وباء "كوفيد_19" بدّل خطط الراغبين على الزواج وشلَّ الإنتاجية كما هو الحال بالنسبة لكافة القطاعات الإنتاجية الأخرى.
يضرب فيروس كورونا المستجد قطاع الأعراس حول العالم نتيجة القرارات بمنع التجمعات وفرض التجول لمنع انتشار الوباء ونقل العدوى، إذ يضطر المقبلون على الأزواج إلى إلغاء حفلات زفافهم أو تأجيلها واتخاذ تدابير خاصة تنعكس على مجموعة واسعة من الشركات التي تتداخل أعمالها،ونلاحظ أن الكثير من المقبلين على الزواج غرّدوا على مواقع الكترونية متخصصة بتجهيزات حفلات الزفاف والمواقع الإلكترونية ومنصات التواصل الاجتماعي المختلفة عن انزعاجهم وهلعهم من تأثير فيروس كورونا المستجد على خططهم المستقبلية،وتم طرح مجموعة من الأسئلة من بينها: هل ألغي حفل الزفاف أم أكتفي بالتأجيل؟ ماذا أفعل بشأن السفر لقضاء شهر العسل؟ وكيف أتعامل مع الضيوف المتوقعين؟ وهل أمنع فئة معينة من الحضور؟.
نلاحظ جميعنا أن هذه القرارات الخاصة بإلغاء حفلات الزفاف بالأماكن المخصصة لها بإغلاق صالات الأفراح لا تؤثر فقط على العروسين ومخططاتهم بل يمتد هذا الأثر بالإغلاق على قطاع كامل متداخل في مجال حفلات الزفاف بدءاً بالصالة المقررة عمل حفلة الزفاف داخلها،أو الأماكن المخصصة داخل الفنادق أو بعض المزارع الخاصة،وكذلك شركات تقديم الطعام ،وشركات تصنيع فساتين الأعراس، وحجوزات الطيران والفنادق لمن ينوون السفر خلال شهر العسل وجلسات التصوير،وإلغاء حفلات الأعراس وإغلاق كافة الصالات وقاعات الزفاف داخل الفنادق يعني خسائر مالية ضخمة في هذه القطاعات الإقتصادية الرافدة لخزينة الدولة.
"الزفاف في زمن كورونا:أعراس بؤرة الفيروس وأخرى من النافذة"، اختلف الوضع عما قبله بالنسبة لحفلات الزفاف كثيراً بعد تفشي فيروس كورونا،وليس في بلد واحد أو بلدين أو حتى في قارة بل في جميع دول العالم.
باتت حفلات الأعراس بمثابة بؤرة لتفشي فيروس كورونا، وفي إطار تطبيق الإجراءات الإحترازية من فيروس كورونا طبق العديد من الدول منع التجمعات وتعليق حفلات الأعراس،إلا أن هنالك من لم يتمثلوا لهذه القوانين وأقاموا أعراسهم بشكل طبيعي ،بينما قام آخرون في بعض الدول بإجراء بعض التعديلات كعدم دعوة كبار السن وتقليص عدد الضيوف والبعض منهم لجأ إلى أفكار غريبة.
"بسبب عرس الأردن تعلن حالة الطوارئ فيها"، تسبب عرس أقيم في محافظة إربد شمال الأردن بنقل عدوى كورونا لنحو 400 شخص من المدعوين،ولكن المفاجأة تكمن في الشخص الناقل للفيروس، فقد تبين أنه والد العروس حيث عاد والد العروس من إسبانيا إلى الأردن وقرر إقامة حفل زفاف كبير لأبنته غير مبالٍ بقرار السلطات الذي يشير إلى الحد من التجمعات الكبيرة،وبسبب المصافحة وتبادل القُبل انتقل الفيروس إلى عدد كبير من الحاضرين بمن فيهم العريس والعروس،بينما خضع جميع المدعوين للحجر الصحي المنزلي،وفي أستراليا تم إصابة العشرات جراء إقامة حفل زفاف، فقد جرى إقامة حفلة زفاف في السادس من مارس الجاري وأقام العروسان حفل زفاف كبير بحضور عدد كبير من المدعوين وتسبب الحفل بإنتقال الفيروس إلى ما يقارب 31 شخصاً علماً بأن أحد الضيوف السيناتور الأسترالي أندرو براج وقال أنه كان بين الذين ثبتت إصابته ولم تتم معرفة مصدر الفيروس وعرس آخر في الجزائر إنتهى بحجر الضيوف والعرسان، لم تكتمل فرحة عروسين جزائريين بعدما أعدت العدة لعقد قرانهما وكانا يهمان تبادل المحابس حين دخل شرطيون قاعة الاحتفال، وأنهوا المراسم على خلفية انتهاك تدابير مكافحة فيروس كورونا قبل وضع العروسين في الحجر الصحي.
"زواج من النافذة"، ومن جانب آخر من قبيل الأفكار الغريبة التي يلجأ إليها العروسان بعد نحو عام من التحضيرات لإقامة حفل زفافهما أغلقت السلطات الإسبانية كافة أرجاء البلاد ولم يتمكن العروسان من إقامة الحفل المخطط له، إلا أن العروسان رفضا الاستسلام وأقاما حفل زفافهما من نافذة منزلهما وسط هتاف الجيران لهما.
"الزواج في زمن كورونا لا ولائم ولا حفلات وحضور محدد بقفازات وكمامات"،لم يترك فيروس كورونا جانباً من جوانب الحياة اليومية إلا وأثر فيه بشكل أو بآخر،حيث امتدت تأثيراته إلى السياسة والاقتصاد والعبادة والرياضة، وهي تأثيرات تتكشف تفاصيلها ومشاهدها كل يوم في أطراف المعمورة.
وسط الإجراءات الصارمة التي تتبعها العديد من الدول العربية والعالمية للحد من انتشار فيروس كورونا المستجد يستمر البعض في تجاهل تعليمات الوقاية والرعاية والسلامة والصحة العامة، معرضون حياتهم وحياة غيرهم لخطر الاختلاط ونقل العدوى والعودة مرة أخرى إلى بؤر التفشي التي يصعب في بعض الأوقات السيطرة عليها؛ مما يؤدي في المحصلة إلى عدد وفيات أكبر وإرتفاع حصيلة الإصابات،ونلاحظ أن حفلات الزفاف خلال هذه الظروف الاستثنائية الطارئة والأزمة الصحية بمثابة مشاريع مقابر جماعية،ورغم المنع والقرارات للحد من التجمعات والاختلاط والمصافحة وتبادل القُبل فما زالت هنالك أعراس بإعداد حضور كبيرة، وأي حفلة زفاف في ظل هذه الأوضاع الحالية وتجمهر أعداد كبيرة من المعازيم والضيوف دون التقيد بإعداد محدودة من الحضور والتقيد بإجراءات السلامة العامة هو بمثابة موت محتم ومؤكد نتيجة قلة الوعي والاستهتار والوعي بخطورة هذا المرض الذي بات يقضي على دول عظمى.
"الأعراس الإفتراضية.. أفراح بلا نفقات في زمن كورونا"، شهدت الفترة الاخيرة توجه العديد من الشباب في ظل الظروف الراهنة جراء جائحة كورونا إلى الزفاف الإفتراضية،والذي يُعد واحداً من الفرص التي اغتنمها العديد من الشباب للتقليل من مصاريف ونفقات الزفاف، وما يلفت النظر له دائماً أن رُبَّ ضارة نافعة بالإضافة إلى توفير الكثير من المصاريف والنفقات وتكاليف الزواج،هنالك نقطة في غاية الأهمية تتمثل بأن جائحة كورونا أعادت التقاليد القديمة في إتمام مراسيم الزفاف إلى سابق عهدها، حيث لمس فيها المجتمع الفرق وبزهو الفكرة أكثر،وعايش معها سلوك الآباء والأجداد فيما قلَّ ودل من تكاليف الأعراس التي لا ترهق كاهل العريس، وتساهم في تحقيق استقرار أسري وترابط عائلي وقناعة وتفاهم بين الزوجين، مما ينبئ بمزيد من الخير والرفاه والسكينة والطمأنينة والمودة المستدامة.
حدثت تغيرات كثيرة عايشتها المجتمعات كافة أثناء جائحة كورونا،تغيرت الكثير من الأمور ،أمور عدة تبدلت وشملت بتأثيرها الأسرة والأفراد ونخص بها الزفاف الإفتراضية أو أعراس بلا حفلات،ومن واقع المتابعة الشخصية تبدو الفرحة فيها غير منقوصة ويتجلى فيها الإلتزام المجتمعي صحياً ومادياً واجتماعياً،وفق الأصول والعادات والقيم والتقاليد المتجذرة في مجتمعاتنا،أما النتيجة في النهاية فهي حتماً مجدية ومرضية للجميع، وهذه الأعراس الإفتراضية تعزز مفاهيم وإجراءات الوقاية وتحافظ على صحة الأهل والأقارب والأصدقاء وتحفظ السلامة العامة للمجتمع ككل، وتأتي امتثالاً لتعليمات الدولة وسياستها الاحترازية الصحية الراهنة وتوجيهات القيادة الحكيمة،حيث يقتصر حضور الزفاف الإفتراضي على أقارب العروسين من الدرجة الأولى،بينما يلتزم البقية بالحضور الإفتراضي والتهنئة عبر تقنيات وسائل التواصل الاجتماعي والاتصال الحديثة، لذلك ننصح الجميع وفي ظل الظروف الطارئة بتأييد فكرة الأعراس عن بعد وذلك لمنع الإصابة بعدوى كورونا ولا نعرف نهاية المرض وزواله، لذلك فإنني أنصح أولياء الأمور بإغتنام هذه الأزمة وتسهيل أمور الزواج وعدم تعقيدها حتى إشعار آخر.
"أعراس الأردنيين مؤجلة أو أعراس بلا حفلات بسبب كورونا زواج مع وقف التنفيذ"، مع إغلاق صالات الأفراح ومنع التجمعات العامة وفق قانون الدفاع في الأردن، اضطر كثير من المقبلين على الزواج مما كانوا يخططون لزفافهم إلى تأجيل ليلة العمر أو الزواج بدون حفلات،وتسبب كورونا بكثير من التغييرات التي طالت أفراح الأردنيين المعطلة،فحلت الكمامات مكان الرداء الأبيض والقفازات بديلاً عن الحلي، وغاب المدعوون وتكدست بطاقات الدعوة وضاعت أصوات مواكب الفرح في صمت الشوارع الفارغة، فضلاً عن الارباك الملحوظ لكثير من القطاعات العامة في هذا المجال ومنها صالات الأفراح والفنادق التي تكبدت خسائر جراء إلغاء الحجوزات، مما أدى إلى إرباك وتغير عادات،حيث كشف عاملون في صالات الأفراح أنهم تلقوا عشرات الاتصالات التي تستفسر عن مصير المبالغ التي تم دفعها لقاء تنظيم حفلات زفافهم والتي ألغيت وطالب بعض المتصلين بإعادتها، بينما أجّل آخرون مواعيد مناسباتهم إلى ما بعد انتهاء الأزمة،لكن أحداً لم يفكر في الخسائر التي تترتب على هذه الصالات القطاعات بسبب فيروس كورونا.
كان الأردنيون قبل عقود يقيمون حفلات زفافهم وببساطة داخل منازلهم، وهو ما اضطر إليه البعض بسبب كورونا،إذ اختصر الحفل على عائلتي العروسين، ويبدو أن الأردنيين باتوا مدركين ضرورة تغيير كثير من عاداتهم وتقاليدهم خلال المناسبات الاجتماعية التي قد تضر بالصحة العامة أو تساهم في نقل الأمراض، ومما بدى لنا أيضا مؤخراً أن بعض حفلات الزفاف تم إجراؤها داخل الحجر الصحي في الفنادق.
"كورونا في الأردن ... بيوت بلا عزاء بلا معزين.. وإلغاء اعراس"،نعم في ظل الظروف الراهنة أصبح هنالك عزاء بلا معزين، وإلغاء الكثير من حفلات الزفاف،ودخل على خط عادات وتقاليد الأردنيين المتغيرة إلغاء مئات الدعوات للأعراس التي كانت ستقام في الصالات وقاعات الفنادق والمزارع الخاصة، وبالمقابل الآخر من المشهد المحزن خلال حالات الوفاة التي أضحت منصات التواصل الاجتماعي المختلفة هي المكان الوحيد للإعلان عنها واستقبال التعازي،وفي ذلك المشهد المحزن الذي خلفته جائحة كورونا أجبرت حالة الطوارئ الأسر الأردنية على دفن موتاهم في حدود ضيقة جداً وبقبور اسفلتية داخل صناديق معدة للوفيات بسبب كورونا، فكانت تصاريح الحركة في ظل حظر التجول تُمنح على نطاق ضيق من خلال منحها أصول المتوفى فقط مع إيقاف بيوت العزاء المفتوحة وأي مظاهر لإستقبال المعزين.
"الأردن نحو تغيرات إجتماعية ما بعد كورونا"، تتكرر هذه العبارة ما بعد كورونا ليس كما قبل كورونا،وفي الأردن يبدو ذلك حقيقياً، إذ أن التباعد الاجتماعي وإلغاء حفلات الأعراس الكبيرة وتراجع عدد المعزين في المآتم قد تستمر لما لها من إيجابيات على المجتمع.
ترك فيروس كورونا الجديد الذي أجتاح العالم آثاراً على كل تفاصيل الحياة، في الأردن يمكن ملاحظة التأثيرات على التقاليد الاجتماعية المتعلقة بمناسبات العزاء والأفراح وتجنب التجمعات بكل أشكالها والسلوكيات التي قد تؤدي إلى الإصابة بالفيروس،ومنذ بداية شهر مارس/ اذار الماضي أضطر الكثير من الأردنيين إلى تأجيل الإحتفال بمناسبات الفرح كالخطوبة والزواج في ظل هذه الظروف الصعبة وتزامناً مع التصريحات الرسمية التي حذرت من خطر التجمعات،وفي الوقت الذي اختصر فيه تقديم العزاء على منصات مواقع التواصل الإجتماعي ومشاركة أعداد محدودة جداً من المقربين في مراسم الدفن، ومن الملاحظ أن المجتمع الأردني وصل لدرجة الوعي الكامل حيال هذا الفيروس وكيفية انتقاله من شخص إلى آخر وذلك من خلال الابتعاد عن العادات والتقاليد والسلوك التي قد تضر بالمواطنين.
ومن الملاحظ أن الأردنيين سيحافظون على العادات الإيجابية التي اكتسبوها ورافقهم خلال أزمة كورونا، وسيتخلون عن تلك التي لها آثار سلبية على الصحة والإقتصاد والعائلة لأسباب مالية واجتماعية،متوقعاً أن يكون هنالك تغيراً كبيراً في الطقوس الإجتماعية والصحية،ونلاحظ أن هنالك فئة من الشعب وهي فئة واسعة متضررة من التقاليد الاجتماعية وخصوصاً من ناحية الإنفاق الكبير خلال المناسبات التي تضطر إلى مجاراة المجتمع في الطقوس الاجتماعية المكلفة في الأفراح والأحزان،وهؤلاء سيحاولون الحفاظ على سلوكهم الجديد حتى بعد السيطرة على الجائحة،ونرى أن الحاجة المادية والظروف الصعبة التي يمر بها الأردنيين حالياً ستقضي على ما تبقى من ثقافة العيب،ملاحظين أن الجائحة زادت من الترابط الأسري عموماً،وهنالك تغيرات كبيرة ستشمل الطقوس المرتبطة بالمناسبات الاجتماعية بعد الإنتهاء من جائحة كورونا، وسيتوجه غالبية المواطنين للحد من التجمعات الكبيرة على سبيل المثال احتفالات الزواج التي كانت تشهد مشاركة آلاف من الحضور والمدعوين ستكون مقتصرة على الأقارب من الدرجة الأولى،وربما أيضاً بادر البعض على الكتابة على بطاقات الدعوة "مصافحة فقط" كما كان يُكتب في السابق "الرجاء عدم إطلاق العيارات النارية" أو "عدم "اصطحاب الأطفال" وهذا سيكون تغيراً مهماً بعد ما كان التقبيل في مثل هذه الحالات والمناسبات دلالة على حرارة التهنئة.
"قرارت الحكومة الأخيرة"، نفي الناطق الرسمي في لجنة الأوبئة الدكتور نذير عبيدات وجود أية توصية من قبل اللجنة لوزارة الصحة لعودة عمل صالات الأفراح في الأردن،وقال عبيدات أن اللجنة متفقة مع الحكومة حول صعوبة فتح هذا القطاع خوفاً من انتشار فيروس كورونا في المملكة،وكان وزير الصحة الدكتور سعد جابر كشف أن الوضع الوبائي في الأردن لا يُسمح بإتخاذ خطوة فتح الصالات للأفراح،مشيراً إلا أن هذا القرار مرتبط بتقييم لجنة الأوبئة ككل وليس بوزير الصحة فقط..