حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الإثنين ,23 ديسمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 728

الدور المسحور

الدور المسحور

الدور المسحور

15-07-2020 05:51 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : المحامي علاء مصلح الكايد
أسقط أحد الساسة والمفكرين المصريين مصطلحاً فنيّاً على الحالة السياسية في الشقيقة مصر خلال الربع الأخير من القرن الماضي ، حيث إستخدم مصطلح " الدُّور المسحور " الذي يقصد به ذلك الطابق الخدماتيّ المتواجد في البنايات الكبرى والذي يشهد حركة وعملاً كغيره لكن دون أن يتوقف المصعد عنده ولا يظهر في الترتيب .

ويمكن توظيف هذا الإصطلاح على الجيل الذي تجاوزه الزمن دونما وجود حقيقي له على مستوى البناء والفاعلية السياسية في بعض الدول العربية ومنها الأردن رغم أنه أفضل حالاً في المعيار النسبي .

فالحقيقة أن جيل الثمانينيات والتسعينات يشبه ذلك الدور المسحور الذي لم يتسنى له أن يقدم للوطن كما قدم أسلافه في ذات المرحلة العمرية .

وبصرف النظر مع إتفاقنا أو إختلافها مع الأيديولوجيات التي إنقسم المجتمع السياسي حولها منذ خمسينيات حتى ثمانينيّات القرن الماضي وتلونت بها الأطياف والتجمعات خاصة الشبابية في الجامعات والمقاهي إبّان تلك الفترة ، إلّا أن التنوّع والحوار الفكري كانا العنوان لتلك المرحلة التي أسهمت في خلق بُعد سياسيٍّ أثّر في تكوين ذلك الجيل وأدّى بطرق مباشرة وغير مباشرة إلى صقل بنيته الفكرية وخلق نكهة خاصة للحالة السياسية إنعكست على الأداء العام في شتى المجالات إذ أطلقت الطاقات والإبداعات التي غادرنا الكثير منها حتى على مستويات الفن والأدب والرياضة رغم قلّة الإمكانيات في حينه .

أتحدث الآن عن أبناء جيلي ، من هم بين الثلاثين والأربعين من العمر - ولا أتحدث عن نفسي بالضرورة - إذ أرى وأسمع فكراً برّاقاً خلّاقاً مبشّراً بكل ما هو جميل على صعيد السياسة والإقتصاد والأدب ، فكرٌ أردنيّ خالص لم يُصَب بعدوى التيارات الخارجية ، ينظر لفكرة القومية بواقعية ، ولم يُصَب بعدوى الإشتراكية أو نقيضها القائم على تسييس الدين أو تديين السياسة ، جيلٌ مؤهّلٌ للتوجيه السياسي السليم إذا وجد رافعة حقيقية تمنحه الفرصة التي يستحق كي ينافس ويقدّم .

هذا الجيل شُوِّهَت في عينيه حقائق أساسية ، فأُفهم بأن الحزبية ضد الدولة ، وأن التكافل عقيدة يسارية منتقدة والرأسمالية تبعية ، وأن الفنّ وما شابهه فسقٌ وفجور ، وأنّ الرياضة من الكماليات ، وأن العشيرة ندٌّ للدولة ووسيلة إستقواء ، وأنّ الوحدة الوطنية شعارٌ برّاق ليس أكثر يذوب أمام مباراة رياضية ، وزاد في ذلك كله ما طالعه الجيل من نعيم على مستوى طبقة سياسية سعت لإحتكار كل شيء في السياسة والإقتصاد .

هذا الجيل ، لم يعرف الجندية ، فلم ينم إبن الغني والفقير متجاورين في ثكنة واحدة وزيٍّ موحّد ، ولم يتشاركا الأمل والألم كأسلافهم فكانت ولادة شخصية الفرد منهم منقوصة ، ولا نبالغ إذا ما قلنا بأنّه مُحبَطٌ من تكلّساتٍ أطبقت على المشهد النخبويّ فأدّت بالبعض للنظر إلى الوطن من زاوية ضيّقة معتمة اللون عنوانها البطالة والمديونية والفساد والمحسوبية ، وأن مفتاح الإصلاح مدفون بفعل فاعل .

فجاء المليك بالحلّ السحريّ لهذا الجيل المسحور الذي تجاوزته القوى المتصارعة على السلطة والقرار ، فقدّم الملك نفسه كيساريّ - على النمط الأمريكي - بما يتعلق بالصحة والخدمات مبدياً إنفتاحاً في غيرهما مما تثريه المنافسة الشريفة في باقي المجالات ، داعياً في ذات الوقت أبناءه وبناته للإنخراط في الحياة الحزبية حتى يستفيد الوطن من طاقاتهم التي تفوقت وتألقت في الخارج .

وعليه ، يتوجب على أصحاب القرار أن يعوا أن أمانة المسؤولية والتاريخ يحتّمان إفساح المجال لأبناء ذلك الدور المسحور ، وعليهم أن يوسّعوا من مداركهم لقبول التنافس الأيديولوجي حتى نصنع إصلاحاً سياسيّاً تتوقف على وجوده كلّ الإصلاحات ، لا سيما وأن مجالات البناء الموعودة من زراعة وسياحة وريادة تتطلب الوقوف عند هذا الدور المسحور والمُتجاوَز .

والله من وراء القصد .








طباعة
  • المشاهدات: 728
لا يمكنك التصويت او مشاهدة النتائج

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم