18-07-2020 12:44 PM
بقلم : فهد خشمان الخالدي
(ليسَ المُهم مَا يَعرِفونَهُ؛ بَل مَا يُمكِن إثباتُه) ..!! عبارة قالها الممثل العالمي (دنزل واشنطن) حين قام بدور الشرطي الفاسد في فلم (يوم التدريب) مُحاولاً إقناع الممثل (ايثان هوك) بحقيقة هذه العبارة ..!! لمَّا أدَّى هذا الأخير دور الشرطي الصالح، لتقوم دائرة مكافحة المخدرات بعدها بتكليف الشرطي الفاسد بتدريبه وتعريفه بعمله في اليوم الأَول لالتحاقه بالدائرة ..!! وبطبيعة الحال؛ فقد حاول الشرطي الفاسد توريط وإقناع الشرطي الصالح بما يقوم به مِن تجاوزات بشتَّى الوسائل؛ كي لا يقف عائقاً يمنعه مِن ممارسة فساده السافِر في وظيفته ..!! إلَّا أنَّ صفة الخير طغَت على صفة الشر في نهاية المطاف ..!! الأَمر الذي أدَّى إلى مقتل الشرطي الفاسد في نهاية أول يوم تدريب ..!! في حبكة درامية غاية في الروعة والجمال ..!! .
إِنَّ ما قاله (دنزل واشنطن)؛ قاله ويقوله كبار الفاسدين في هذا الوطن وفي العالم أجمع ..!! فالفرق كبير بين ما نعرفه وبين ما يمكن إثباته ..!! وهم يراهنون على هذه الحقيقة دائماً ..!! فهم يسرقون لأَنهم يعلمون أَنَّ أَدلة الاثبات لا وجود لها، وقد تُمحى من الوجود بأَكمله ..!! وبما أنَّ المحاسبة والإِدانة يعتمدان على أدلة الإثبات التي لا وجود لها؛ فالمسأَلة باتت شبه مستحيلة ..!! .
المشكلة أَننا نعلم (كمواطنين) أَنَّ لا سبيل لدينا في إِيجاد أَي دليل إِثبات على مَن نجزم بفساده ..!! إِلَّا أَننا نُنكر في ذات الوقت على أَجهزة الحكومة حين تعتقل أَحدهم للتحقيق معه في شبهة فساد ..!! بالوقت الذي نعلم فيه أَنَّ لدى هذه الأَجهزة القدرة الكافية على إِيجاد الأَدلة اللازمة لإدانة ما يُعتقد أَنَّه فاسد ..!! فنقوم بالتظاهر والاعتصام وسد الطرقات والشتم وما إلى ذلك مِن ممارسات لا تتوافق وطبيعة التهمة ..!! مِن منطلق أَن المُتَّهَم هو إِبن العشيرة البار ..!! الذي يعني اعتقاله مساساً بهيبة وكبرياء العشيرة ..!! ومِن مُنطلق أَنَّ الاعتقال يتَّصف بالانتقائية والشخصنة، فيغضّ النظر عن طرف، ويُمعِن النظر في طرفٍ آخر ..!! رغم قناعتنا المسبقة بفساد إِبن العشيرة الأَشَم ..!! إِلَّا أَنَّ نداء العشيرة يطغى عند الكثيرين منَّا على نداء الوطن ..!! وأَنا هنا لا أُريد أَن أَقف مدافعاً عن إِجراءات أَية حكومة؛ بالقدر الذي أَودُّ أَن أَقول فيه أَنَّ لديَّ القناعة التامة بأَنَّ الفاسدين والسارقين لمال الوطن سينقصون واحداً في هذه الحالة إِن تمَّت إِدانته (والواحد أَفضل مِن لا شيء) ..!! ولديَّ الأَمل دائماً بأَن الواحد سيصير اثنين وأكثر بشكلٍ أَو بآخر إِن شاء الله .
ما يُعيننا على ما نحن فيه؛ هو قناعتنا بأَنَّ لا دوام للظلم ولا للقهر ولا للفساد ..!! فالحقُّ أحقُّ بأَن يُتَّبَع ..!! وبأَنَّ الخير لابد مِن أَن ينتصر في نهاية المطاف؛ مهما طال عمر الفساد والفاسدين وحُماتِهم ..!! ونهاية (دنزل واشنطن) في (يوم التدريب)؛ ستكون شبيهة بنهاية كل فاسد في هذا الوطن بإِذنه تعالى ..!! (وإِن لم يتوفر أَي دليل إِثبات) ..!! .