19-07-2020 03:44 PM
بقلم : يوسف رجا الرفاعي
برأيكَ !! ماذا بعد ؟
أيها العرب تابعوا العد !
وعد بلفور ،، وسد النهضه .
الوعد هو التزامٌ بأمرٍ يحمل الخير كله أو كل الشر ، كان وعد الرجل وعدٌ صادق ، فانصف وقَسَمَ هذا الوعد نصفين ، اعطى نصفه الذي ليس فيه خيرٌ قط ، أعطاه للعرب كاملاً غير منقوص ، واوفى بوعده للموعود ، فاعطاه نصفه الذي ليس فيه شرٌ قط .
مضى مِن عمر هذا العطاء الوعد مئة عام ويزيد ، وحاله ينبئ بعمرٍ مديد .
والنهضة تعني التقدم والازدهار والنمو والتطور ، وكلها كلمات تحمل الخير كله ، ولكن ويا لسوء حظِّ العرب ، فهذه النهضة بكل ما فيها من خير ، هي الشر الموعود به العرب .
للأمانة والإنصاف ، فإن العرب باقون على العهد مُصَمِمون وعازمون على الإستمرار في الاحتفال السنوي ( للتذكير بذكرى ) اليوم التاريخي لهذا الوعد، مصحوباً بالصوت الشاكي والشجب ، وانهم لن يوافقوا على هذا الوعد ، وهوَ لهم غير مقبول ، كَدُعاةِ سِلمٍ وفهمٍ وعقول ، رغم أنه وكما يقال بالعامية ، ( كل واد شرب سيله ) وتم طردُ البشر ، وقلعُ الشجر ، وهدمُ الحَجَر، وسُرِقت الأرض بأثقالها،
ومُنِعوا حتى مِنَ الوقوفِ على اطلالها ، إلا ان العرب قد وضعوا نصب اعينهم الاستمرار في هذا النهج القاسي المُحتَدّ ، على الاقل لمئة عام قادمه ، وتم اعتماد المئة عام بناء على الأخذِ بالقياس لنمو حجم الوعد في المئة عام الفائته ، وأنه حتماً سيبقى هناك بعضٌ من ارضٍ لم يحن اوانها بعد، وبناءً عليه سيستمر هذا النهجُ الجد .
إن مسيرة وحركة حمل المفاتيح القديمة منها والتي قيد التصنيع والتي لم تُصنَع بعد ، وحملة القواشين والطابو والحجج القديمة منها والحديثه والتي لم تصدر بعد ، هي مسيرةٌ مستمرةٌ ايضا بلا كلل ولا ملل ، "والكل مطالبون بالحفاظ على ماسبق"، فلا تدري متى يحين لها الوعد، لتلحق الاولى بالآخره ، وإبراءً للذمة "أيها العرب ! الله الله في المفاتيح ما صَدأ منها وما لم يصدأ بعد" .
إن امانة نقل الرفض الراقي العصري العقلاني المنسجم مع متطلبات الوعد ، والبعيد عن الهمجية والتوحش “non savage” وهو رفض حضاري تُصَفِّقُ له على المنابر كل الامم ، ما أئتلَفَ منها واختلف ، والتأم فيها واتَّحَد ، هي مستمرة أيضا ، يتوارثها جيلٌ عن جيل ، قَصُرَ الزمانُ أو إمتدّ .
وللأمانة والإنصاف أيضا ، فإن صاحب الوعد وبعد المئة عام ما زال صادقاً في وعده لكِلا الطرفين ، فكلٌ محفوظٌ حقه .
وتجنباً لإعتراض احد على ما نقول ويتهمنا باننا نجلد ذاتنا ( وجلد الذات غير محمود ) قلنا كل الكلام الذي يشهد علينا "بحميد الافعال " من انسحام ووئام وتفهم ووعي وطول بال ، واننا منسجمون مع المجتمع الدولي آخر إنسجام ، فلا تقل انه جلد للذات بل كلها من فضائل الخصال ،،
وقد تنتفخُ اوداجَ احدهم ويقول ، هذا القول غير مقبول ، نقول له هدئ من روعك وانظر حولك ، فالحال ينبئك بأصدق من قولي وأبلغُ من ردَّةِ فِعلِك ، فكن يا رعاك الله منصفاً لِنفسِك ، فلا تأخذك العزة بالإثم ، واعلم أن الناس اليوم لم يعد ينطلي عليهم رفع العقائر ولا صحوة الضمائر ، ولم تعد تخفى على احد خافيه ، فكل الامور اصبحت من حيث لا تدري علانيه ، ولم يعد لإستراق السمع معنى ، ولم تعد تُغني النُذر ، ولم يعد هناك أمرٌ مستتر ، فهوِّن عليك واعتبر .
لم يُسجل على العرب مخالفات طوال هذه المئة عام إلا ما ندر من مخالفات جانبيه لا ترقى الى مخالفات الفئه الثالثه من اصطفافٍ او وقوفٍ مزدوج ، وكل هذه المخالفات يتسع لها مِلَفٌ ( أخضر صغير ) جداً ، اوراقه لا تتعدى عدد اوراق تسجيل قطعة ارض بما فيها أتعاب السمسره ،،،.
وللامانه فإن العالم يشيد بالعرب حتى الآن،
كل هذا السلوك المنسجم الحضاري الراقي وتشجيعاً ومكافئة لهم على سلوكهم حصل العرب عن جدارة واستحقاق بلا مواربة أو تردد وعن ثقة مطلقة تَنُم عن أهلية لا ريب فيها ولا شك ، حصلوا على وعد يكملُ الطريق ويكون اخاً لوعدهم الأول وعضداً له ورفيق، فقالوا بَشِّروهم بافتتاحِ مشروعٍ حصريّ ، لا شريكَ فيه ولا نِدّ ، وبوعد صادق ايضا تم الوعدُ بهذا السد ، وطمأنوا العرب ، واقسموا واغلظوا الأيمان أن هذا السد قد بُنيَ حفاظاً على ارض العرب من الغرق والخراب وحتى لا يفيض الماء ويفنى الزرع ويجفَّ الضرع ولكي ينساب إليهم ماءٌ زلال ، لا صخب فيه ولا عجيج .
وبعد أن رأينا المواجهة يوم الاعلان عن هذا السد ، وشهدنا بأُم العين يوم حمي الوطيس وتم إشهار القسم على الملأ ، ورأينا الإنشراح والمِزاح ، ورأينا التودد والبرود ، والأمر يا عرب جدُّ خطير ، والخطبُ جَلَل ، حَدَثٌ مهولٌ يُنذِرُ بالدمار وبالخراب ، وحتماً سيعقبُه الفناء ، حَدَثٌ يستدعي العزَّةَ ولبطولة والرجولة بكل عنفوانها وأنَفَتِها واختيالها وجبروتها، ويزلزل الارض تحت اقدام المعتدي فيها ، موقف كان يجب ان يكون كالمواقف التي سطرها تاريخ امة العرب يوم كانت عزيزة مهيبة الجانب عادلة غير ظالمه ، تنشر العلم والسلم ، والخير ، وآمنٌ فيها كل من فيها،
ولمَّا رأينا الهوانَ فيما رأينا ، لم نتمالك انفسنا لهول ما رأينا ، فانشدنا بصوت شجي خافتٍ حزين بعد هذا النزال العربي الهزيل ،!
أبشر بطولِ سلامةٍ يا " أحمدُ" .
كم محظوظون العرب بالوعود الصادقه !!
لكن ، وحتى لا بُصاب أحدٌ بالإحباط !، وللانصاف ، فإن العرب ايضاً جاهزون لهذا السد فقد بدأوا بالرفض ، مع ان بعض الرواةِ يقولون ان ثلث السد "فقط " قد امتلأ ، إلا أن الرفض قد ابتدا بلا هواده أو استئذان ، وأن الهجوم الدبلوماسي الناعم قد انطلق بروية واتزان، فلا خوفٌ ولا قلق ، وسيطرقون ابواب سفرارات المغرب والمشرق ، ويقُصُون عليهم ما جرى ، شاء مَن شاء وأبى مَن أبى ، حتى لو اقتضى الامرُ ان يملؤا الارضَ أنينٌ وصُراخ .
وابتدا العد ، "فاعدد من الآن مئة عام " .
كان الله بعونِ العالمَ مُنذُ الآن، فقد عانى من اعتراضِ وشجبِ العرب منذ مئة عام على الوعد الاول ، واليوم سيكون شجبهم واعتراضهم على وعدٍ وسد !!
ألا يعلمون ان ادراج العالم قد مُلأت بأوراق شكواهم ، ولم يعد هناك مُتَّسَع !؟
اي إرهابٍ هذا الذي يمارسه العرب !!؟،
ولكنَّ العرب على عهدهم باقون ويقولون إنا لكم لبالمرصاد ، ولأي وعد آخر بعد السد ،
فقد رأيتم صنيعنا ، لم يمنع رفْضَنا ولن يمنعَ جَبَروتَ شَجبِنا وجميلَ شكوانا أحد ،
"فأفرِغوا لنا الأدراج مِن جديد".