19-07-2020 06:38 PM
بقلم : رانيا إسماعيل
اشتهرت بعض ديانات الهند قديما بحرق الزوجة حية مع زوجها عندما يموت كنوع من التضحية الزوجية الظالمه ،و كانت هناك بعض العادات الرجعية عند الصينيين تقوم على نحر الفتاة العذراء البريئة في رأس السنة و شرب دمها وتوزيع لحمها على الفقراء ، ويبدو أن دائرة ظلم المرأة والتجبر فيها عند البعض في عصرنا هذا بحجة اثبات الرجولة ، تدور بتهور ولا تجد من يوقفها ، فلقد أصبح أقرب المقربين للمرأة هو العدو اللدود الذي يقتل بلا رحمه ، ويؤذي بلا تردد، أصبح الحضن الذي يفترض أنه يقدم الأمان ، مسلخا مليئا وملطخا بدماء الزوجات والبنات .وتناسوا بأن الرجولة تكمن بكف الأذى ، فكل من تسول له نفسه بإهانة المرأه ، ورفع يده المتسلطة عليها بحجة تأديبها فهو بحاجة لاجراءات تدخل سريعه .سواء على المستوى النفسي والتأهيلي ، أو المستوى القانوني .
لقد أصبحت بعض المنازل أشد الأماكن خطراً بالنسبة للمرأة على الإطلاق بزمن الكورونا ، و بعض الرجال يبررون أفعالهم المشينة بأنها جرائم علاقات أسرية لا شأن لأحد بها ، أو على أنها نتيجة لتصعيد مفاجيء في الموقف من قبل المرأه ، ولكنها في الغالب تشكل خاتمةً لسلسلة طويلة من ممارسة العنف عليها دون رادع ودون رحمه ، إن وجود فجوات بين الجنسين عامل سلبي لاستمرار العنف ضد المرأه، فالرجل بطبعه لا يتقبل إلا أن يقوم بدور المسيطر شئنا أم أبينا ، فهي ثقافة متجذرة منذ الأزل ، ومن الصعوبة تغييرها ببعض الثقافات ، فهي ثقافة عالمية يعتز بها الرجل ولا يتنازل عنها رغم قسوتها . امتدادا لفكرة لا عقلانية منتشرة بعالم الذكوريه ، علينا استبدالها بفكرة عقلانية أخرى ، وهي أن الرجولة تسقط عندما ترفع صوتك أو يمناك على أي إمراة مستغلا عدم وجود مساعدة لتخليصها من لحظة جبانة سيطرت عليك .
مهما كانت درجة وعي المرأة وتحصيلها الأكاديمي ، فإنها لن تستطيع السيطرة على أعمال العنف اللفظي و النفسي والتنكيل والذبح الجسدي التي يقوم به العديد من الرجال على اختلاف ثقافاتهم ومستوياتهم ، فعند وقوع الواقعة لن تستطيع كل برامج حماية الأسرة أن تنقذ الضحيه ، ومن الملفت أن برامج تمكين المرأة عالميا ، تقوم على تحفيز الطاقة الداخلية للنساء وتشجيعهن على مقاومة ورفض العنف ، دون توفير بدائل لحمايتهن فعليا من وحشية بعض الرجال عند اللحظة الحاسمه، عند اللحظة التي تتفوق فيها قوة الرجل الجسدية على نعومة اليد التي تستغيث بمن حولها لانقاذها . فمن المفترض أن تركز برامج تمكين المرأة على تغيير نمط تفكير الرجل السادي المتأصل ، وعلى تعليمه طرق حل وإدارة الصراعات مع الجنس الآخر .وإيجاد الحلول لأسباب وحشية بعض الرجال بالتعامل مع المرأه ، فهي أسباب كثيرة ومتعددة ومتنوعة ما بين نفسيه، واقتصاديه ، وسياسيه ، واجتماعيه ، وأسرية لها علاقة بأسلوب تنشئة الرجل وعقد النقص التي عانى منها بطفولته .والصور النمطية التي يطبعها المجتمع بذهنه عن المرأة وكيفية التعامل معها.
يعد العنف المبني على النوع الإجتماعي انتهاكا صريحا لحقوق الإنسان، ويؤثر على سوية المجتمع وسمعته ، وللأسف نسمع الكثير من القصص التي تقتل فيها النساء بزمن الكورونا ، والتخوف مما سيأتي كبير ، لذا على الدولة والحكومة والجهات المختصة التدخل بخطط واضحة وواثقة وعملية وحاسمه ، لحل هذه المسألة قبل أن تصبح ظاهرة يومية في مجتمعنا الأردني بحجة أنها احدى تبعات جائحة فيروس كورونا .
طالبة دكتوراة ارشاد نفسي