21-07-2020 08:20 AM
بقلم : الدكتور رافع البطاينه
في بداية التسعينيات انطلقت حركة حقوق الإنسان في الأردن، وكانت البداية بتأسيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان فرع الأردن منبثقة عن الفرع الرئيسي الأم في القاهرة، وقد تخرج العديد من نشطاء حقوق الإنسان من المنظمة بعد أن تتلمذوا على أيدي من سبقونا من مناضلي وخبراء حقوق الإنسان، وبعد ذلك بدأ هؤلاء النشطاء بالاستقلال من خلال تأسيس الجمعيات ومراكز الدراسات المتخصصة في هذا المجال، وعاشت عمان حراكا نشطا في حقوق الإنسان، فعقدت آلاف الورش والندوات وورش العمل والمؤتمرات المحلية والعربية والدولية بهذا المجال، وأصبحت العاصمة عمان محجا ومقصدا للعديد من دول الجوار للحصول على دورات تدريبية، بالإضافة إلى زيارات المنظمات الدولية لحقوق الإنسان التي كانت تراقب وترصد اوضاع حقوق الإنسان في الأردن، واصدار التقارير عن الأردن، كتقرير هيومان رايتس ووتش، ومنظمة العفو الدولية، والخارجية الأمريكية، والصليب الأحمر، علاوة على تقارير المنظمات المحلية، بالإضافة إلى زيارات مفوضي الأمم المتحدة لشؤون التعذيب والعدالة الجنائية وغيرهم، وأصبح الأردن من الدول المتقدمة في مجال حقوق الإنسان في شتى المجالات، وكان هناك دعما واهتماما رسميا من النظام بقيادة المغفور له بإذن الله الملك الحسين لهذا القطاع، واستمر هذا الدعم والاهتمام في عهد الملك عبدالله الثاني إبن الحسين حفظه الله، وترجم هذا الدعم والاهتمام الملكي بإنشاء أول وحدة لحقوق الإنسان في رئاسة الوزراء تولى إدارتها الصديق عطوفة باسل الطراونة، وسرعان ما تحولت إلى إدارة عامة تولت إدارتها انذاك عطوفة نانسي باكير (قبل أن تصبح معالي لاحقا) ، وفي عام 2001 تم تأسيس المركز الوطني لحقوق الإنسان، وأصبح لدينا مخزون كبير من نشطاء وخبراء حقوق الإنسان في الأردن، وكان لهم الفضل الكبير في نشر وتعزيز وترسيخ ثقافة حقوق الإنسان على المستوى المعرفي والعملي، والتصدي للمخالفات وتجاوزات حقوق الإنسان، كما قامت بعض الوزارات والمؤسسات الرسمية والحكومية والأجهزة الأمنية بالإضافة للجامعات بافتتاح مديريات ووحدات واقسام تعنى بقضايا حقوق الإنسان، وأصبحت حقوق الإنسان شعلة نشاط، وكان الجميع حريص على سمعة الأردن، فنبادر جميعا بالتصدي للتقارير الدولية والرد عليها وتفنيدها ومهاجمتها، إلا أنه وللأسف لوحظ في الآونة الأخيرة هناك فتورا وتراجعا في اهتمامات حقوق الإنسان على المستويين الرسمي والأهلي المتمثل بمنظمات المجتمع المدني، فبدأت الحكومات الأخيرة بتغريب حقوق الإنسان واقصاء وتهميش النشطاء وخبراء حقوق الإنسان من لهم باعا طويلا في هذا المجال ومن خدموا الدولة الأردنية بكل تفان وإخلاص، والتعيينات الأخيرة التي تمت في مجلس أمناء المركز الوطني لحقوق الإنسان وبعض المواقع الإشرافية الحكومية خير دليل وشاهد على ذلك، فجلهم لا يمتون بأي صلة لحقوق الإنسان مع احترامي لأشخاصهم، ولم يعملوا في هذا المجال، ولا يملكون الخبرة الكافية للتعامل مع قضايا وتقارير حقوق الإنسان، والاستمرار في نشر هذه الثقافة الحضارية والعصرية والتي تلقى اهتمام العالم، ولها دور إيجابي في جذب الاستثمارات الاقتصادية، لأن الدولة التي تحترم حقوق الإنسان وحرياته تلفت إنتباه المستثمرين وتجذبهم وتشجعهم للقدوم للاستثمار في هذا البلد وهو مطمئن على حقوقه وحرياته الشخصية، وأمنه وأمانه، فحقوق الإنسان لم تعد ترفا او رفاهية، وإنما هي جزء رئيسي من ثقافة وسلوكيات الدول للحفاظ على حياة وحريات وكرامات الناس، وخصوصا ان الأردن كان سباقا إلى التوقيع والمصادقة على كافة المواثيق والاتفاقيات والمعاهدات الدولية والعربية لحقوق الإنسان ونشر بعضها في الجريدة الرسمية، حفظ الله الأردن وقيادته الحكيمة وشعبه الوفي من كل مكروه.