30-07-2020 09:00 AM
بقلم : سرهاب البسطامي
إدمان الإنترنت مرض خطير يدخل ضمن نطاق الإدمان بشكل عام، وهو اعتياد شخص على أمرٍ مُعيّن واستخدامه لفترات طويلة دون القدرة على التخلص منه أو تركه، ويقتضي على إثر هذا الإدمان إهمال الحياة الشخصية والمهام اليومية .
ويمكن أن نعرف إدمان الانترنت بأنه : حالة من الاستخدام المرضي وغير التوافقي للانترنت يؤدي إلى اضطرابات في السلوك ويستدل عليها بعدة ظواهر منها زيادة عدد الساعات أمام الكمبيوتر بشكل مطرد تتجاوز الفترات التي حددها الفرد لنفسه في البداية، ومواصلة الجلوس أمام الشبكة على الرغم من وجود بعض المشكلات مثل السهر، الأرق، التأخر في العمل، إهمال الواجبات الأسرية والزوجية وما يعقبه من خلافات ومشاكل، هذا بالإضافة إلى التوتر والقلق الشديدين في حالة وجود أي عائق للاتصال بالشبكة قد تصل إلى حد الاكتئاب إذا ما طالت فترة ابتعاده عن الدخول على الانترنت وإن إدمان الانترنت أدى بالبعض لفقدان علاقات اجتماعية أو زوجيــة وتأخر وظيفي، كما أدى بالبعض للانطواء والعزوف عن المجتمع.
أسباب إدمان الإنترنت: هناك أسباب كثيرة تجعل من الانترنت سبباً في الإدمان وسنتطرق لها واحدة تلو الأخرى:
أولاً : السرية : إن الإمكانية التي يوفرها الانترنت في الحصول على المعلومات، طرح الأسئلة والتعرف على الأشخاص دون الحاجة إلى تعريف النفس بالتفاصيل الحقيقية توفر شعورا لطيفا بالسيطرة. إلى جانب ذلك، فإن القدرة على الظهور كل يوم بشكل آخر حسب اختيارنا، تُعتبر تحقيقا لحلم جامح بالنسبة للكثير من الناس مما يقود البعض إلى إدمان الانترنت.
ثانياً : الراحة : الانترنت هو وسيلة مريحة للغاية، وهو يتواجد عادة في البيت أو العمل، ولا يتطلب الخروج من البيت، السفر أو استعمال المبررات من أجل استعماله. هذا التيسير يوفر حضورا عاليا وسهولة فيما يتعلق بتحصيل المعلومات التي لم نكن لنقدر على تحصيلها بدون الانترنت وذلك يجعل إدمان الانترنت أمرا سهلا.
ثالثاً : الهروب : مثل الكتاب الجيد أو الفيلم المثير، فإن الإنترنت يوفر الهروب من الواقع إلى واقع بديل. ومن الممكن للإنسان الذي يفتقر إلى الثقة بالنفس أن يصير دون جوان، ويجد الإنسان الانطوائي لنفسه أصدقاء، ويستطيع كل إنسان أن يتبنى لنفسه هوية مختلقة وأن يحصل من خلالها على كل ما ينقصه في الواقع اليومي والحقيقي مما يؤدى لإدمان الانترنت .
رابعاً : عوامل أخرى : الملل، الفراغ، الوحدة، المغريات التي يوفرها الانترنت للفرد وغيرها الكثير حسب ميول الفرد هكذا يتحول الفرد من شخــص طبيعي إلى مدمن انترنت و يصــاب بمــرض إدمان الانترنت نتيجة مغريات الانترنت .
أعراض إدمان الإنترنت :
1- الجلوس عدة ساعات أمام جهاز الحاسوب أو الهاتف دون قيود .
2- الشعور بالقلق والاضطراب فور انقطاع الاتصال بشبكة الإنترنت أو ما يعيق استخدامها .
آثار إدمان الإنترنت :
1- عدم الاهتمام بالواجبات اليومية والوظيفيّة والعلاقات الاجتماعية وتفضيل استخدام الإنترنت على ذلك .
2- اضطراب النوم وتشوّشه والاستيقاظ بشكل متقطّع لاستخدام الإنترنت .
3- الهروب من المشاكل اليومية وضغوطات الحياة .
4- إهمال الهوايات الأخرى والتركيز على استخدام الانترنت .
5- عدم القدرة على إقامة علاقات اجتماعية جيدة بسبب الخجل أو الانطواء .
6- يتعرض مدمن الانترنت لخطر خسارة عمله أو علاقات مهمة في حياته أو فرص دراسية بسبب الاستخدام المفرط للانترنت.
المواقع التي يستخدمها مدمنين الانترنت :
يختلف استخدام مدمنين الانترنت للمواقع و لكن غالبا هذه هي المواقع و الطرق التي تتسبب في إدمان الشخص للانترنت و تجعله يقضى الساعات دون شعور على الانترنت ومن هذه المواقع :
1- مواقع الدردشة : بما فيها من مغريات للانطوائيين و كذلك الاجتماعيين إذ تجعلهم يتحدثون مع أصدقائهم الوهميين كثيرا و أعتقد أنها أكثر المواقع التي تتسبب في إدمان الانترنت .
2- الفيس بوك : بما فيه من مميزات عديدة فبه تبدى رأيك فيما تشاء و تتناقش حول الموضوعات المختلفة كما تتحدث مع أصدقائك و لا يمكن لأحد أن ينكر أنه من أهم أسباب إدمان الانترنت .
3- المواقع الإباحية : التي يجلس بعض مدمني الانترنت أمامها بالساعات .
4- التدوين و المدونات : يكون الكثير من المدونين مدمنين انترنت إذ يحتاج للمكوث على الشبكة العنكبوتية كثيرا جدا من أجل تحديث و إشهار مدونته وأخشى أن تكون في المستقبل سبب لإدمان الانترنت .
5- مواقع الألعاب و الأفلام واليوتيوب : يقضى مدمني الانترنت عشرات الساعات من أجل مشاهدة الأفلام واليوتيوب و لعب الألعاب المختلفة المنتشرة على الانترنت .
6- المواقع الإخبارية و الثقافية : فهي مليئة بالأخبار التي لا تنتهي يمكن للشخص من خلالها متابعة كافة الأخبار و المعلومات دون انتهاء لذلك فهي تتسبب في إدمان الانترنت .
الأطفال والانترنت :
أما عن تأثير استخدام الإنترنت الزائد عن الحد على الأطفال فإنه يؤدي للعزلة الاجتماعية، أو اضطرابات في النوم، أو مشاكل دراسية واجتماعية، وذلك كنتيجة لدخول الأبناء أو البنات ـ دون علم الوالدين ـ على المواقع الإباحية الممنوعة أو مواقع الدردشة، أو توقفهم عن ممارسة أنشطة وهوايات أخرى كالقراءة وممارسة ألعاب رياضية، أو حدوث نوبات غضب وعنف عند محاولة الوالدين وضع ضوابط لاستخدام الشبكة، وهذا قد يؤدي بالبعض منهم للتحايل علي الآباء للدخول على الشبكة وقضاء أوقات طويلة لممارسة ألعاب الكمبيوتر.
علاج إدمان الانترنت :
قد تتطوّر حالة الإدمان على الإنترنت ويحتاج علاجها إلى طبيب نفسي، لكن غالبية الأشخاص يفضلون عدم اللجوء إلى هذا الحل، ومن أفضل الطرق للخروج من حالة الإدمان:
أولاً : الاقتصار من استخدام الانترنت : أن يجبر المدمن نفسه على عدم استخدام الإنترنت طيلة أيام الأسبوع، وتعويد نفسه على قلة استخدامه والاقتصار على عطلة نهاية الأسبوع، أو تأجيل استخدامه بعض الوقت وتفضيل أولويات أخرى عليه .
ثانياً : وضع قيود وموانع خارجية : : أن يقيّد المدمن نفسه بوقتٍ محدّد للدخول إلى الإنترنت واستخدامه و أن يضع المدمن على نفسه قيوداً وموانع خارجيّة وليست إرادية مثل: أن يستخدم شبكة الإنترنت قبل التوجّه إلى العمل أو المدرسة بساعة حتى يرتبط بموعداً لإنهاء استخدام الشبكة فوراً .
ثالثاً : الامتناع من دخول بعض المواقع : الامتناع من استخدام أو دخول بعض المواقع المعينة كالدردشة والمواقع الإباحية .
رابعاً : استخدام نشاطات أخرى : أن يحرص المدمن على تنظيم وقته واستخدام نشاطات أخرى وهذا يقلل من استخدام الانترنت .
خامساً : الاندماج مع الآخرين : ينصح مدمن الإنترنت بالاندماج مع الآخرين، ومحاولة البقاء معهم لأكبر وقت ممكن .
رسالة :
إن السبب الرئيسيّ وراء تدهور المجتمع في الوقت الحاليّ يرجع إلى الاستخدام الخاطئ للإنترنت وعدم استخدامه كما يجب بالطريقة الصحيحة التي تمّ اختراع الإنترنت من أجلها، ممّا أدى إلى حصول العديد من المشاكل وانحلال الأخلاق في المجتمعات بشكلٍ عام، ولهذا فإنّ الاستخدام الصحيح للإنترنت يعتبر من الأمور الضروريّة من أجل الاستفادة القصوى من هذا الاختراع العظيم وعدم تحويله إلى أداةٍ لتسميم المجتمعات ودمارها .
* من كتاب قضايا ومشكلات اجتماعية معاصرة للكاتب - سرهاب البسطامي
* كاتب وباحث ومؤلف