06-08-2020 10:38 AM
بقلم : يوسف رجا الرفاعي
لم تقل امريكا أنها ذاهبة الى أفغانستان لتجعل من جبالها التي ربما تكون الاكثر وزنًا وطولًا في شرق الارض، لتجعلها كجبال الألب أو الهملايا ، ولم تأتي معلنة نيتها بإعادة مجد وادي السند ملتقى الطرق التجارية من بلاد الشرق وملتقى طريق الحرير فديما بين روما والصين ، ولم تاتي احياء لذكرى احمد شاه دوراني وأسرته التي كانت اخر ملوك أفغانستان ، بل جاءت بقاذفات تتناسب وطبيعة تلك الارض والجبال ، والقت عليها من أمهات القنابل واشدها فتكا ، هزَّت به الارض وما عليها من هضاب وتلال ،
وما زالت رائحة البارود تملأ وديان أفغانستان التي لا ماء فيها ولا ريحان ، وملأت سهولها بزروعٍ تذهبُ بالأذهان ، وتَلُفُّ جبالها احزمةٌ من النيران ، الى الآن .
لم تقل امريكا انها ذاهبة الى بلاد الرافدين لكي تُعيد حدائقَ بابل غناءة تشدوا على ازهارها الاطيار ، ولم تقل بانها ستعيد زرقة الفرات ، وتعيدُ ذِكرَ مجده كأوائل الانهار ،
ولم َتعِد بأنها ستُعيدُ مجلس الخليفة العباسي وهو يستمع الى قصائد ذلك الشاعر البدوي " علي بن الجهم " يتغنى ببغداد اذ يقول ؛
عيون المها بين الرصافة و الجسرِ جلبن الهوى من حيثُ ادري ولا ادري ولا ان تعيد شارع الرشيد لِيعُجَّ بالأُدباء والكتاب والفقهاء ،
ولم تقل أنها ستجعل الجواهري ينثُر على ارض العراق قصائده التي لطالما تمايل لها نخل العراق ، ولا تُعيدُ مغناةَ دجلةَ اذ يقول فيها ؛
وردنا ماء دجلة خير ماء
وزُرنا اشرف الشجر النخيلا
ولم تقل انها ستحتفل بالموصل هناك مهد الحضارة وارض الأنبياء ، ولم تقل أنها ستجعل نخل الرمادي يزداد إرتفاعا واخضراراً في وهج الصيف وايام القيظ ،
"وَعَدَتْ "، فقطعت عنهم الغذاء والدواء وحتى اقلام الرصاص ، ومات نخيلها واقفا ، حَرقًا وعَطَشا ، وماتَ موت الشرفاء ، وماتت مياه دجلةَ وباتت البصرةُ عطشى، والرمادي كذلك عندما انحسرت عنها مياه الفرات ، وما ارض أفغانستان عن ارض العراق كانت ببعيد .
لم تنتشي امريكا طربا على انغام اغنية فيروز وهي تغني
شام يا ذا السيف لم يَغِبِ
يا كلام المجد في الكُتُبِ
قَبْلَكِ التاريخُ في ظُلْمَةٍ
بَعْدَكِ استولى على الشُهُبِ
ولم تدعو كل محبيها من كل فجٍّ عميق ليتمايلوا على هذه الانغام طرباً من على جبل قاسيون ،ولم تقل انها مفتونة بزهر الياسمين،
ولم يُغرِهم بردى ولا الغناء لبردى ولا قول من قال في بردى؛
"ضفاف بردى ..يا جارة الاحلام ..
على جبين الشام .. تُلونُ المدى"
لم تقل أنها مغرمةٌ بشمال الشام أو كَسَب ، ولا جاءت لتقرأ التاريخ في حلب ، ولا جاءت لتلقي التحية على الابطال ، صلاح الدين في الامويّ،أو خالد بن الوليد بن المغيرة القرشيّ،
دعت جنود الارض من الافرنج والعجم ولم تحرم من العرب الأصحاب ذوي الهمم ،
وها هي الشام مُضرَّخةٌ بدمائها، من غوطتها الى درعا الى منبج ، وحتى شمال الغرب من كسب ، ودمروا بنائها وافسدوا مياهها ولوثوا هوائها ، وبحقدِهِم كما ترى ، الارضُ قاعاً صفصفا ،
وما ارض العراق عن ارض الشام كانت ببعيد .
لم تَخُصّ امريكا اليمن ، فجعلت لها كل منتج من السلاح خفيفه وثقيله،ولم تجعل مصانعها تعمل ليل نهار لتهبها لليمن بعطاءٍ غير محدود وهبةً بلا مردود، لم تفعل هذا لتعيد لمملكة سبأ سيرتها الاولى كأقدم مملكة في شبه جزيرة العرب عبر التاريخ ، ولم تكترث امريكا يومًا بسد مأرب ولا بالحضارة التي كانت حول هذا السد ، ولم تقل أنها ستملأ السد من جديد ، ولم تكن معنية يومًا بأنَّ الهدهدَ قد جاء مِن سبأٍ بنبأٍ يقين ، ولم تقل أنها معنية إن صَدقَ الهدهد أم كانَ من الكاذبين ، لم يكتب مؤلفُ المناهج في امريكا لطلبةِ العلم المدرسيِّ أو الجامعيِّ ، أن الناسَ كانت تسير في ارض اليمن تحيطُ بهم جنات عن الشمالِ وجنات عن اليمين، فلم تقل انها ستعيدُها جنات عدنٍ تَسرُّ الناظرين ،
علماً بأن علمائهم يقولون ان جنات عدن تقع في القطب الشمالي ، فلا علاقة لليمن بها من قريب او بعيد ،
لم يعتد الامريكيون على شرب القهوة العربية ولا تعنيهم القهوة العدنية ولا الحضرميه ، وحتى العرب الان لم تعد قهوتهم عربيه ، فبعضهم يريدها تركيه ، وأكثرهم الامريكية ،
لم يعد جبل صبر والمسمى ايضا بجبل العروس لم يعد يشهد اعراس تعز وما حولها واصبح شاهدا هو وجبل النبي شُعيب على مآسي اليمن التي اجتاحت البلاد عرضا وطولا
وباتت اوديتها من وادي تهامه الى وادي زبيد ومعها وادي حريم يملأُها كلها رجعُ الصدى لصراخ الأطفال وأنين المسنين ،
مُزِّقتْ اشلاؤها ولم تعد شمال او جنوب ، واصبح حلم زائف ضرب المثل الذي كان يومًا شائعا ، فيقال" أتريدُ جَعَلَ اليمن يمنين" فقد اضحت الآن اثراً بعدَ عين ،
وما ارض الشام عن ارض اليمن كانت ببعيد .
ولا نعلم عمَّا قريبٍ عن اي ارضٍ سنقول!!
وما ارضُ اليمن عن ارض ....... كانت ببعيد .
وارتقبوا ،،، فسوفَ تعلمون .