حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الإثنين ,23 ديسمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 1574

على هامش معسكرات الشهيد صالح شويعر

على هامش معسكرات الشهيد صالح شويعر

على هامش معسكرات الشهيد صالح شويعر

09-08-2020 12:27 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : صالح مفلح الطراونه
حين دُعيت للخدمة العسكرية قادماً من الحياة المدنية وبعد أن أنهيت دراستي في كلية عمان الهندسية شعرت بغيم خريفي يجب ذاكرتي , وشعرت بالرغبة ان يتم التأجيل للخدمة العسكرية عاماً آخر لعلي أصبح أكثر نضوجاً بمفهوم العسكرية واواجباتها التي سوف تشكل في قادم الأيام بالنسبة لي حياة اخرى لا أعرف مجمل تفاصيلها خاصه إذا ما علمنا إن الجيش في عام 1989 كان يمثل رهبة لا أحد يدانيها بجانب تفكيري أين سيحط بي القدر مجدداً وفي أي بقعة من هذا الوطن سأكتب تجربتي الجديده في سلاح الجيش الذي أحببناة صغاراً ونخاف من سيارات الجيش وكل العسكر على إعتبار إنهم عالم منفصل عن عالم المدنية ويمثلون رهبة في كل شيء .
ودعت أمي في يوم تغطي الشمس صباح قريتنا الوادعه بإنسانها ....
بكيت بعض الشيء واحتضنت آنذاك أمي بعض حزني....
قائله ( أنت زلمه والجيش منصع الرجال يا ولدي ) ربي يوفقك ....
على وقع تلك الكلمات غادرت الكرك الى معسكرات " خو بالزرقاء " بعدما أقلتنا ( كونتنتال ) من شعبة تعبئة الكرك , أتلفت مذهولاً من صوت أغاني ميسون الصناع التي كانت في صباحات الكرك الندية تداعب ذاكرتي التي تلقي نظرتها الاخيرة على شوارع المدينة المكتظه
بالباعه.....
والبضائع.....
ورائحة القهوه تتصاعد من كل مكان بالكرك ...
تذكرت صباحات كلية عمان التي جعلتني أعيش الحداثة آنذاك مع استاذي الدكتور جميل علوش التي كانت تربطني فيه علاقة بعيده عن مادة اللغة العربية التي كان يدرسنا إياها فكنت أمضي معه في رحاب مدرج سمير الرفاعي بالجامعه الأردنية بعض وقتي المثقل بسفر طالب قروي جاء الى عمان يبحث عن لغة الأرقام والكتابة على وجة الزمن بشيء يستحق القراءة ونصوص خارج الزمن الرديء.
إخترقت الكونتنتال شارع الكرك المؤدي الى عمان مروراً بجسر الكرك الى المرج الى الصحراوي وأنا أنشد بداخلي بعض تفاصيل " مدنية حتماً سأشتاق لها ذات صباح ومساء وحين يكون الواجب " حراسة حدود وبندقيه.....
لا قلم وجريدة وشارع المحطة وإنتظار صباحات الأربعاء لأقرأ مقالي المنشور مع......
" جهاد جباره , او ابراهيم العجلوني " حين كانت اللواء تجمع شتات قلمي .
أعود الى الكونتنتال التي ليس في صندوقها الخلفي شبابيك بل شادر أخضر يلفنا بصوت جهور والسائق مسرع كأنما يريد تسليمنا الى نفق آخر لا نعلم نهايته .
أنظر نحو الى من هم معي لا أعرف أحد , ولا أحد يعرفني
وصلنا معسكرات خو بالزرقاء مساء وكان الجو بارد والزرقاء مدينة العسكر والجيش والوجوه التي لفحتها أشعة الشمس على الحدود , أخذنا رقيب أذكره جيداً "ابا بلال الرواشده " فقال من رقم 1-20 الى معسكرات التدريب في ( الشهيد صالح شويعر ) كنت رقم 19 , هيا الى تلك الكونتنتال صعدنا رحلة أخرى الى مركز التدريب الذي لا أعرف أين يقع لكنني أعرف انه شرق الزرقاء بعدما تتجاوز خو نحو الأزرق " أما الشهيد صالح شويعر فأنني قرأت عنه حين كنا نقرأ سيرة الأبطال من جيشنا العربي في كل إمسية يجمعنا فيها حب الوطن والفداء فهو " المقدم صالح عبدالله شويعر إبن قبيلة شمّر والذي كان قائد كتيبة الدبابات الثانية في حرب عام 1967 حيث سميت المعركة ( معركة وادي التفاح ) في نابلس وفي غربها تحديدا حيث كانت الساعة الثانية من بعد ظهر يوم الأربعاء في السابع من حزيران عام 1967 حيث يقال بأنة بقيت دبابه واحدة تقاوم العدو الإسرائيلي , كان يقودها آنذاك الشهيد المقدم " صالح عبدالله شويعر " ومعه من العسكر الشهداء ( سليمان عطية الشخانبة , وصياح فياض الفقراء , وراشد موسى نمر العظمات ) حيث صدوا العدو ولم يتسطيع إجتيازهم ولم يستسلم هو ورفاقه حتى نفذت الذخيرة وهنا استعان العدو الإسرائيلي بسلاحه الجوي , ومع ذلك لم تتمكن المدرعات للعدو وبمساعدة الطيران من أن تدخل مدينة نابلس إلا عند الساعة السابعة مساء وهي اللحظة التي إستشهد الشهيد المقدم صالح شويعر وزملاءة الثلاثة فيها ايماناً برسالة الوفاء للأمة والجيش العربي الأردني الذي ما كان إلا بالصفوف الأولى للدفاع عن القضية الفلسطينية .
تذكر الرويات التي تحفظها الوثائق للعدو الإسرائيلي إن القائد الإسرائيلي في تلك المعركه وقف على دبابتهم وأدىّ التحية تقديراً لشجاعتهم وقد كرّم أهالي نابلس الشهيد شويعر وزملاءه حيث تم بناء لهم مقبرة وصرحاً تذكارياً ما زال مزار الى يومنا هذا .
وصلنا معسكرات الشهيد صالح شويعر مثقلين بصوت الكونتنتال متعبين من طريق يكسوها الظلام طويلاً , هناك تم توزيعنا على سرايا التدريب وجئت بالسرية الثالثة وبدأنا نتدرب إلى أن جاء موعد التخريج حينها قال لنا آمر التدريب بإن جلالة الملك حسين طيب الله ثراه سوف يزور مركز التدريب ويسلم على كل العسكر هناك .
أذكر إنهم طلبوا من كل العسكر رفع بذلة الفوتيك الى ما فوق " الكوع " كم كان بداخلي من خوف ورهبة سوف اُسلم على الحسين سيد الرجال وأجملهم , سوف أسلم على الحسين بن طلال في يوم مشهود من ذاكرتي العسكري صبياً تداعبة الريح .
جاء الحسين ووقفنا في طابور منتظم واحداً تلو الآخر .. أقبلت علية لأسلم ورأيت نوراً ووجهاً صبوح وربما الذين سلموا على الحسين يعرفون إنه كذلك وانني اقول الحقيقه , ولكي أوكد أنني سلمت على الحسين ذهبت مرةً أخرى وسلمت علية مجدداً متجاوزاً عرف العسكر بالنظام والأنضباطيه فهذا الحسين الذي نحبه ونفتديه كما نفتدي هذا الوطن سوف أسلم مرةً أخرى وليفعلوا بي ما يفعلون








طباعة
  • المشاهدات: 1574
لا يمكنك التصويت او مشاهدة النتائج

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم