حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الجمعة ,22 نوفمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 1731

إيجابيات وباء كورونا فردية .. و سلبياته دولية

إيجابيات وباء كورونا فردية .. و سلبياته دولية

إيجابيات وباء كورونا فردية  ..  و سلبياته دولية

10-08-2020 08:14 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : د. دانييلا القرعان
منذ بدء إنتشار وباء كورونا في العالم بدأت معه الأفكار السلبية التي بدورها أدت إلى التشاؤم والأرتباك والخوف والتوتر، وانتشرت الشائعات والأخبار المغلوطة والمعلومات الخاطئة،وعلى الرغم من الخسائر الفادحة لتفشي وباء كورونا الجديد بشرياً ومادياً وأجتماعياً وأقتصادياً فإن لهذا الوباء المستجد بعض النواحي الإيجابية.
في ميثولوجيا الشرق الأقصى القديم قاعدة ذهبية وهي أن لكل فعل في الطبيعة نتيجة إيجابية ونتيجة سلبية ولكن تختلف نسبة كل نتيجة منهما بحسب نوع الفعل،فبعضها تطغى عليه الإيجابية وبعضها الآخر تطغى عليه النتيجة السلبية،وهكذا يمكن التفريق بين الخير والشر أو بين الفعل المحرّم والفعل الواجب القيام به لخير البشرية والطبيعة، وهذه القاعدة تنطبق تماماً على نتائج تفشي وباء كورونا المستجد حول العالم، فالفيروس نفسه يمثل خطراً على البشرية في أجسادهم ونمط عيشهم،لكن نتائج تفشي هذا الفيروس يمكن تقسيمها إلى سلبية وإيجابية في الوقت عينه.
هنالك العديد من الإيجابيات التي خلّفتها جائحة كورونا على الحياة البشرية، ولعل أهم هذه الإيجابيات تقوية الرابط الأسري والذي يشكّل البنية الأساسية للمجتمع، فقد أتاحت هذه الأزمة فرصة لأجتماع العائلة والتواصل بشكل أقرب وأكثر من السابق فقد تجلّت أهمية العلاقات الإجتماعية في حياتنا ولما لها من دور فعّال في الصحة النفسية للفرد واستقراره،حيث أتيحت الفرصة للفرد لممارسة هواياته المختلفة واكتساب مهارات جديدة وقضاء الوقت مع أفراد العائلة.
ومن إيجابيات وباء كورونا كذلك قدرة الأطفال مع التعامل مع الأوضاع الراهنة وتفاعلهم مع التعليمات والتوجيهات ومنها أهمية النظافة وغسل اليدين بإستمرار،وتفهمهم أهمية التباعد الجسدي مع اصدقائهم، والاكتفاء بالتحدث معهم عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي، وتفاعلهم التام مع حصص الدراسة "عن بعد" وأنشطتها المختلفة بما في ذلك الواجبات المنزلية وتقديرهم لدور المعلم.
من أهم الإيجابيات والتي كان لها أثر كبير على المجتمع هو تقدير خط الدفاع الأول من الطاقم الطبي وأفراد الشرطة وغيرهم لدورهم الكبير خلال هذه الأزمة وتضحيتهم بوقتهم وجهدهم في خدمة هذا الوطن وأبتعادهم عن أسرهم لفترة طويلة بسبب نظام المناوبات.
ومن الإيجابيات التي أنتجتها جائحة كورونا توجه الناس إلى الاعتناء بأنفسهم وصحتهم،فقد أصبح الكثير يتبعون أسلوب
حياه صحي بما في ذلك تناول الأطعمة الصحية التي تقوّي المناعة، وكذلك ممارسة الرياضة بشكل منتظم بالإضافة إلى ترك العادات السيئة منها التدخين وتناول الوجبات السريعة وغيرها.
من ناحية أخرى نجد أن إيجابيات هذا الوباء تتمحور أيضاً في تبني العديد من المؤسسات والهيئات نظام العمل "عن بعد" وأسهامهم بإحداث تغيرات أثرت بشكل كبير إيجابياً على الفرد والمجتمع ككل، فقد تم البدء بتطوير الأنظمة والخدمات الذكية والانتقال إلى مرحلة متقدمة من التكنولوجيا واستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في مختلف المجالات،بالإضافة إلى زيادة إنتاجية العمل وزيادة نسبة رضا العملاء،ولا ننسى إيجابية العمل عن بعد في تقليلها من الازدحام المروري والتلوث الهوائي وغيرها من الإيجابيات.
ولعل أهم الآثار الإيجابية لهذا الوباء العالمي المستجد هو رفع الوعي الصحي في المجتمع،فقد عمدت الأسواق ومنافذ بيع المنتجات الغذائية إلى توفير وسائل الوقاية لمرتادي هذه المنافذ مثل القفاز والقناع الطبي والمعقم، وكذلك وضع علامات إرشادية تحدد المسافة المناسبة للتباعد الجسدي،وأيضا تعميمها بشكل دائم.
والأثر الأكبر من هذه المنحة قد انعكس على وسائل التواصل الاجتماعي التي أصبحت بين ليلة وضحاها تنشر العديد من المواد المفيدة في جميع المجالات،وقد عززّت وقدّرت دور خط الدفاع الأول،كما كانت سبّاقة في نشر إرشادات وتوجيهات الدولة والحكومة لشريحة ممكنة من الأفراد، مما رفع مستوى الوعي لديهم والتزامهم بالحجر المنزلي وتقييدهم التام بقوانين الدولة وتوجيهاتها.
ولم تتوقف الإيجابيات عند هذا الحد بل تعدته إلى محور آخر يتعلق بالجرائم والعصابات وانخفاض وتراجع كبير في معدلات الجرائم حول العالم،وتوقف حياة العصابات
والتنافس فيما بينها وتراجع مستويات العنف ويبدو أن السبب وراء ذلك يعود إلى أن أفراد العصابات يتبعون قواعد وإجراءات الأمن والسلامة المتعلقة بإرواحهم ومكافحة عودى فيروس كورونا الجديد لذلك إنتشار الجرائم وتنافس أفراد العصابات في اقتراف الجرائم قد انخفض وتم وقف العنف؛ لإلتزام تلك الجماعات بقواعد الصحة العامة،ونلاحظ أن نشاط العصابات خارج المدن انخفض أيضا مع تطبيق أفراد الشرطة لإجراءات البقاء في المنزل احترازياً،وكذلك نشاط زعماء العصابات وتجار المخدرات في الاستيلاء على منازل الضعفاء لإستخدامها كقاعدة لعملياتهم انخفض أيضاً بفضل إجراءات إبطاء تفشي كوفيد_19.
وعلى الرغم من الخسائر الفادحة لتفشي وباء كورونا الجديد بشرياً ومادياً واجتماعياً فإن لهذا الوباء بعض النواحي الإيجابية وتحديداً فيما يتعلق بالجوانب البيئية،كما أظهرت التقارير بشأن انخفاض مستويات التلوث في الصين وأوروبا وبقية دول العالم.
بالرغم من حالة الخوف والهلع والإحباط حول العالم كان لا بدَّ أيضاً في الجهة المقابلة من هذا الفيروس أن نلاحظ إيجابياته على الطاقة والإنتاج الصناعي التي أثرت أيضا على العالم والحديث عنها والتركيز عليها، لقد تسبب إنتشار فيروس كورونا الجديد في خفض الطلب على الطاقة والإنتاج الصناعي في إحدى أكثر دول العالم تلوثاً وهي الصين بالإضافة إلى العديد من دول العالم،وهذا الانخفاض بالطلب على وسائل الطاقة أدى إلى انخفاض معدل انبعاثات ثاني اكسيد الكربون بنحو 100 مليون طن متري أي ما يعادل الكمية التي تنبعث في الصين سنوياً،بالإضافة إلى انخفاض حركة الطيران التي تسهم بنسبة 2% من انبعاثات ثاني اكسيد الكربون في العالم،أي أن كوكب الارض كما قلت سابقا في إحدى كتاباتي هو المستفيد الأول من جائحة كورونا.
لقد بيّن هذا الفيروس أن الدول المتطورة التي تتباهى بقوتها غير قادرة على مواجهة فيروس صغير، وقد وضع هذا الفيروس مصير تلك الدول على المحك بحسب تصريحات مسؤوليها،لكن الأمر الجيد أن الفيروس قد دقَّ ناقوس الخطر للتأهب الدائم لحدوث كوارث صحية مستقبلية والتعامل معها سريعاً.
أما فيما يتعلق بالعملية التعليمية لقد أجبر الفيروس المدارس والجامعات على التعليم والتعلم الإلكتروني "عن بعد" ومواكبة التكنولوجيا، وهذا الأمر مريح بالنسبة للطلبة والأساتذة،ويوفر الوقت والجهد والسهولة في التعليم، يبقى موضوع التكيف وهو متعلق بالوقت والقابلية لتقبل الآخر، كما أجبر الفيروس الكثير من المؤسسات على ترك موظفيها يعملون "عن بعد" وهذا الأمر كانت لا تتقبله الكثير من المؤسسات لكن الظروف حتمت عليها ذلك،وقد يكون العمل "عن بعد" أسهل للموظف لكن تبقى مسألة الإنتاجية مهمة،بالإضافة إلى ذلك أدى الفيروس إلى تأجيل قروض المواطنين مما يساعدهم على إعادة ترتيب أوضاعهم المالية.
صار الناس يجلسون في منازلهم مع عائلاتهم لوقت أكثر، وزادت اللحمة الوطنية والتكاثف في مواجهة المرض،كما أن هذا الوباء العالمي المستجد أدى إلى إنهيار أسهم الكثير من الشركات وستكون فرصة جيدة للمستثمرين في البورصة،وكما قيل " مصائب قوم عند قوم فوائد".
"إيجابيات وباء كورونا فردية وسلبياته دولية"، شكّل الفيروس خطراً على حياة البشر لكنه في الحقيقة يحمل أثراً مزدوجاً..
"سلبيات فردية افقية"، أصابت نتائج تفشي وباء كورونا العالمي البشر أفراداً وجماعات والدول ككيانات بحد ذاتها،لذا كان تأثيره أفقياً في العلاقة بين الأفراد فيما بينهم ومع محيطهم الضيق والواسع على المستوى الاجتماعي والاقتصادي والثقافي وفي علاقتهم بحكوماتهم فيما يسمى "بالعقد الاجتماعي البشري"، وعمودياً بين الدول في علاقتها فيما بينها فيما يتعلق بالدورة الاقتصادية والعلاقات الدبلوماسية والقانون الدولي أو ما يسمى "بالعقد الاجتماعي الدولي".
عندما نتحدث عن هذا الوباء العالمي الخطير لا أحد منا ينكر كمية الآثار السلبية التي تنعكس على الأفراد والجماعات والدول وعلى رأس هذه الآثار السلبية وفاة العديد من المصابين بهذا الفيروس،وهذا الموت الذي يصل فجأه اشاع موجة من الحزن على مستوى العالم،وهو حزن فردي مباشر للأفراد الذين يموتون أقربائهم بعد عدة أيام من الإصابة،وهو حزن جماعي عالمي؛لأن الموت المعّمم في كل مكان ينشر طاقته حتى على الأصحاء من البشر.
"سلبيات عمودية دولية" على صعيد المجتمع الأوسع أو المجتمع العالمي كشف وباء كورونا عن هشاشة نظام التعاون بين الدول،فبدلاً من أن ينشأ نظام من التعاون الدولي من أجل مواجهة فيروس لا يعرف الحدود الطبيعية، ذهبت كل دولة تعمل على مجابهته بشكل منفرد حتى لو أضرّ ذلك بقدرات دول أخرى مجاورة أو بعيدة في هذه المواجهة،لكن انفراد كل دولة بمواجهة كورونا على الرغم من دعوات منظمة الصحة العالمية ومن قبلها الأمم المتحدة والباحثين والمختصين ورجال الأعمال المهتمين إلى إتحاد عالمي لمواجهة الوباء لم يكن مفيداً لأي من هذه الدول المنفردة في المواجهة والمنفردة بإتخاذ قراراتها،إذ برز انفراط العقد الدولي وكساد اقتصادي عام ثم انكشفت هشاشة الأنظمة الصحية في كل دولة من الدول التي يفترض أنها مصنّفة متقدّمة،وفي ظل الأسباب المخففة لهذا الإخفاق في النظام الصحي يُقال أن الدول لم تكن جاهزة لمثل هذه المفاجأة أي تفشي وباء كورونا على مستوى عالمي،على الرغم من تحذيرات لم تتوقف منذ زمن بعيد بأن مثل هذا التفشي ممكن الحدوث،بل سيحدث كما تنبأ علماء الأوبئة وافلام هوليوود وبيل غيتس نفسه.
"إيجابيات فردية عامة"، يقال أن الحجر الصحي والمنزلي أعاد إلى البيئة الطبيعية بعض توازنها،فتراجعت حدة التلوث حول العالم وانحسر حجم غاز الدفيئة في الغلاف الجوي، وقد أسهم تفشي وباء كورونا إيجاباً في الكشف عن مساوئ النظام الاقتصادي العالمي الذي كان سارياً قبله والذي جعل البشر أشباه آلات يمضون معظم وقتهم في إنجاز أعمالهم خوفاً من السقوط تحت خط الفقر، وعدا عن كشفه عن رداءة الأنظمة الصحية وهذا ما يشكل نقطة إيجابية لتحسينها.
يعتقد باحثون بأن السلطة الاقوى ستكون بين القطاعات الصحية والتعليمية وقطاع العدل والشؤون الإجتماعية بديلاً عن قطاعات المال والبورصة والإقتصاد والاسهم.
على المستوى الفردي وبحسب علماء النفس فأن الوباء العالمي أسهم في إكتشاف وسائل حياتية تفصيلية كانت قد أضحت مهملة لدى الجميع، فالعزل أو الحجر أعاد إلى البطء في العيش قيمة، بعدما باتت الحياة اليومية للأفراد تسير بوتيرة سريعة تدخلهم في دوامات الكآبة،عدا عن تحول في معنى علاقتهم بالطبيعة والحياة،فقد أعاد العزل المنزلي إلى الطبيعة الخارجية ترابها وشجرها وسماءها وبحرها قيمتها التي كاد إسمنت المدن وهوس العمل يخفيها نهائياً ثم أعطى للحياه معنى أقوى لدى الأفراد.
ثم تغيرت مفاهيم العائلة بالعائلة وتحديداً مسنيّها، فبعدما عادت العائلة كوحدة أساسية في تشكيل المجتمعات تذوي وتختفي في كثير من المجتمعات وعلى رأسها المجتمعات الصناعية،ها هم الأفراد يفتقدون إلى تلك العلاقات الحميمة بعدما ذاقوا طعم فقدانها وباتوا يعطون أهمية للمسنين في العائلات الذين حولهم الفيروس إلى الفئة الأكثر هشاشة والأكثر تضرراً منه.
الإيجابية الأهم هو عودة الأفراد إلى أنفسهم خلال انعزالهم عبر الوجود مع الذات والتعرف بها،بعدما عادت ساعات العمل اليومية الطويلة أن تقطع علاقة الشخص بنفسه الداخلية،وكذلك أدت إلى تقارب بين أفراد العائلة الصغيرة في المنزل أي آلام والأب والأولاد،وانتشرت طرائف كثيرة عن طلب الزوج الزواج من زوجته بعدما تعرف إليها خلال الحجر،أو اعجاب الأم والأب بأولادهما وذكائهم وهوياتهم خلال الحجر وكأنهم كانوا غرباء عنهما قبله.








طباعة
  • المشاهدات: 1731
برأيك.. ما خيارات ترامب للتعامل مع إيران بعد فوزه بانتخابات الرئاسة الأمريكية؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم