11-08-2020 10:23 AM
سرايا - تعيش عائلة السيد سليم في دولة تسكنها الحرب و ينتشر فيها الجوع. السيد سليم متزوج من السيدة هناء و لديه طفلان الطفلة الاولى تدعى رند و عمرها اثنتا عشر عاماً و هي تحب كتابة الشِعر و حلمها هو أن تصبح شاعرة و أخيها الأصغر اسمه عمر و قد ولد قبل ثلاث سنوات، وكانوا يعيشون بسعادة لولا الحرب التي دمرت حياة الجميع. وطالما حاولت رند أن تنشر شِعرها في الصحف و لكن الحظ لم يحالفها لانها لم تكن تملك الموهبة الكافية. حتى في صغرها كانت تطلب من والديها أن يقرأوا لها الشِعر دائماً ، وعندما كانت في المدرسة الأساسية كانت تحاول أن تحفظ الشِعر الذي كانت تسمعه من والديها لكي تلقيه أمام زميلاتها و لكن عندما فعلت، سخر الجميع منها إلا صديقتها الوحيدة لارا التي درست معها منذ طفولتها حتى عمر تسع سنوات، ولكنها الآن لا تعرف إن كانت لارا على قيد الحياة لأنها لم تذهب إلى المدرسة منذ ثلاث أعوام.
أكثر ما أحزنها عندما سمعت والديها يقولان أنه يجب أن ينتقلوا إلى مدينة أخرى لأن الحرب ستصل مدينتهم، و لأنهم لا يملكون المال الكافي ذهبوا لمكان سكنهم الجديد سيرًا على الأقدام، و مكان سكنهم هو بيت بالايجار. وفي الطريق سمعت رند صوت طفلة تناديهم و قد تبين لها بأنها تشبه صديقتها لارا و حتى والد رند قد أصابه شعور و كأنه مذنب و هو الآن يهرب من الشرطة لأن الطفلة كانت تخاطبهم بهذه الطريقة: أنتم أيها الهاربون أنتم تخافون من الحرب و من الجنود أليس كذلك أيها الضعفاء ؟ اما انا و والدي لن نتخلى عن بيتنا الذي اعيش فيه منذ نعومة أظافري و رددت بصوت مرتفع مع مجموعة من الأطفال الصغار : سينتصر الوطن و نحن لن نستسلم و قد بدا هذا الصوت لرند كالصراخ!
و عندما وصلوا إلى البيت الذي سيسكنون فيه، تبين لهم أنه قديم و متسخ. لقد نام اخو رند الصغير عمر من التعب، أما رند ووالديها فقد بدأوا بالتنظيف وعندما انتهوا ذهبت والدة رند لترى إن بقي شي ليأكلوه اليوم !
جلست رند تفكر و قد لاحظ والدها أنها غارقة في التفكير فقد نادى عليها و لم ترد إلى أن رفع صوته بهذه الطريقة ( رند ..... ألا تردين ؟) بمَ تفكرين؟ فردت عليه : أبي العزيز لقد تعبت !! لقد تعبت نفسيتي و أنا أرى أن أحلامي بدأت تتلاشى لا يوجد صحيفة لأنشر بها الشِعر الذي أكتبه بسبب الحرب! حتى مسابقة مدرسية لا يوجد فالمدارس مغلقة و قد قالت بنبرة حزينة : أرجوك أخبرني ما ذنب الأطفال بهذه الحرب ؟؟
قال الأب و هو يبتسم ابتسامة خفيفة: ابتسمي يا ابنتي فلعل الفرج قريب.
أما الأيام التي عاشتها أسرة السيد سليم في بيت الإيجار فلم تكن جميلة، فقد كانت الحياة تضيق بهم إلى أن أتى اليوم المشؤوم الذي تصل فيه الحرب إلى مدينتهم و ذلك يشكل خطراً كبيراً عليهم و على الآخرين فلقد اتفقوا على أن يرسلوا الأطفال الذين تجاوز عمرهم السابعة إلى أقاربهم الذين يسكنون خارج مناطق الحرب، أما رند اختار والداها أن تذهب إلى بيت خالها جلال الذي يسكن مع زوجته و ابنته الوحيدة رؤى البالغة من العمر تسع سنوات.
عاشت رند بأمان و قد كانت تحب اللعب مع رؤى وكانت تحب خالها و زوجته و لكنها كانت تشتاق لعائلتها و بعد عام كامل انتهت الحرب، انتهت بالتدمير والقتل والسرقة والخوف، انتهت بكل شيء سيء! عاد الجميع للبناء و عادت المدارس ولكن عاد كل طالب إلى الصف الذي توقف منه، فمثلاً رند عِوضاً عن أن تكون في الصف السابع عادت للصف الرابع و قد دخل عمر رياض الأطفال. حتى و إن كان كذلك فإن رند سعيدة لأنها التقت أصدقائها و ستكمل تعليمها و قد عادت المسابقات وعاشت حياة سعيدة .
أما عندما كبروا أصبحت رند شاعرة مشهورة أما عمر أصبح طبيباً.