حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الإثنين ,25 نوفمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 11373

الجريمة ( أسباب وآثار وحلول )

الجريمة ( أسباب وآثار وحلول )

الجريمة ( أسباب وآثار وحلول )

11-08-2020 10:37 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : سرهاب البسطامي

ممّا لا شكّ فيه أنَّ المجتمع الآمن هو مَطلَب الجَّميع، فالأَمان هو مصدَر بِناء الحَياة في أيّ مجتمع وتطوّره، والإنسان منذ ولادتِه تكون فطرته جيّدة ولا يعلم ما هو الإجرام أو الأذى، ولكن البيئة التي يَنشأ فيها هي ما قد تؤثِّر فيه، وتغرِس فيه سلوكيّات غير جيّدة، ممّا تجعله ينحرِف عن الطريق المستقيم الذي خلقه الله تعالى عليه، فكلّ شخص يلجأ إلى ارتكاب الأفعال غير المقبولة هو إنسانٌ غير سويّ، وينتج عنه الكثير من المشاكِل والمفاسِد في المجتمع.

تعريف الجَّريمَة : يختلِف مفهوم الجَّريمة حسب المَنظور الذي يتم من خلاله التعريف، ومنها:

الجَريمَة من الناحِية الاجتماعيّة: هي أيّ أفعالٍ تتعارَض مع القواعِد والأعراف والعادات الاجتماعية السائِدة في ذلك المجتمع.

الجَريمَة من الناحِية النفسيّة: هي أيّ أفعالٍ تتنافى مع الغرائِز الإنسانية السَّوية، وهي مُحاوَلة إشباع الغرائِز الشاذّة التي قد تنتج لدى بعض الناس.

الجَريمَة من الناحِية القانونيّة: هي جميع الأفعال الخارِجة عن القانون والمتّفق على حُرمتها ويُعاقِب عليها.

ولا يمكن الفَصل بين هذه التعريفات للجَريمَة وإنما تُجمع كلّها معاً، لأنّ المُّجتمع عبارة عن جميع هذه القواعِد معاً فتعريف الجَريمَة الشامِل هو:

أنها أيّ أفعالٍ خارجةٍ عن القانون، وتُنافي القيم والعادات الاجتماعيّة، والغرائِز الطبيعيّة السَّوية عند الإنسان. ويُسمّى الإنسان المقترف لهذه الأفعال بالمُجرِم، وتقع عليه العقوبة القانونيّة والاجتماعيّة، فالعادات والتقاليد تُعتبر من القواعِد التي حثَّ الإسلام على إتباع الصائِب منها.

تقسم أنواع الجرائم إلى عدة أقسام :

أولاً : جرائم اقتصادية .
ثانياً : جرائم جنسية .
ثالثاً : جرائم سياسية .
رابعاً : جرائم الانتقام .

وهناك تقسيم آخر للجرائم ومنها :

أولاً : جرائم ضد الأشخاص .
ثانياً : جرائم ضد الملكية .
ثالثاً : جرائم ضد الآداب .

أطراف الجريمة :

أولاً : الجاني : هو الشخص الذي قام بارتكاب الفعل الإجرامي أو السلوك المنحرف طبقاً للقانون .
ثانياً : المجني عليه : هو الشخص الذي يقع عليه فعل الجاني .


أسباب ارتكِاب الجَّريمَة : تختلف الأسباب التي تقبع خلف قِيام المُجرِم بفعلته ويمكن حصرها في نوعين :
1- أسباب عامة لجميع أفراد المجتمع .
2- وأسباب خاصة بالفرد العائد في جريمته .

أما الأسباب العامة فهي :

أولاً : أسباب اجتماعية: مثل الفقر والجهل والبطالة، فهذه الأمور عندما تجتمع لدى الفرد، أو عندما يوجد أحدها فإنّ النَّفس والشَّيطان يوسوسان له بالقِيام بما هو خاطئ للتخلّص منها أو للبحث عن الراحة.

ثانياً : أسباب اقتصادية : ترجع إلى الفقر وتقلبات الأسعار وشح المواد المعيشية وغير ذلك مما يمكن أن يكون سبباً في دفع المجرم إلى تكرار الجريمة عدة مرات. من أجل التغلب على هذه الأسباب الاقتصادية التي يعتقد المجرم أنه لا يستطيع تجاوزها إلا بتكرار الجريمة .

ثالثاً : أسباب ثقافية وإعلامية وحضارية : تؤدي إلى انفتاح المجتمع على المجتمعات الأخرى مما يكون سبباً في التأثير على الفرد فيما يراه ويسمعه من إجرام – خارجي – ليحاول تقليده والسير في ركب الجريمة بتكرارها وتنوعها .

وأما الأسباب الخاصة ومنها :

أولاً : انعدام الوازِع الدِّيني: والناتِج من عدم تثقيف الشَّخص بعلومِ الدِّين الإسلامي الصَّحيحة، فهناك الكثير من الأمور المُدخلَة على الدِّين وهو براء منها جميعها.

ثانياً : ما يرجع إلى الأسرة التي ينشأ فيها : فينطبع بعاداتها وقيمها بحيث تبقى آثار هذا الانطباع في جميع مراحل حياته فإذا كانت هذه الأسرة تحمل في قيمها وعاداتها ما يدعو إلى الجريمة ويرغّب فيها أو يسهّل ارتكابها فإن هذا الشخص يجد نفسه قريباً في الجريمة وراغباً فيها حال توفر ظروف ارتكابها بل ويعاودها مرات .

ثالثاً : ومنها ما يرجع إلى البيئة الاجتماعية التي يعيش فيها : الفرد – مثل بيئة الحي والمدرسة وبيئة العمل, والصداقة, وما يكون في هذه البيئات من خير وشر فإذا كانت البيئة الاجتماعية يغلب فيها طابع الشر والفساد فإن الفرد سيتأثر بذلك وسيدفعه لارتكاب الجريمة ويعود لها مرة تلو المرة .

رابعاً : أسباب اقتصادية خاصة بالفرد : تتمثل في الفقر الذي يدفعه لكسب المال بطرق غير سليمة أو الغنى الذي يدفعه للبحث عن الأموال بأسلوب الطمع والجشع. وكل ذلك يكون سبباً لارتكاب الجريمة عدة مرات .

خامساً : أسباب ثقافية : ترجع إلى المستوى العلمي والثقافي وإلى نوعية الثقافة التي حصل عليها الفرد فتدني المستوى الثقافي يجعل الإنسان جاهلاً بالأنظمة وبعواقب الجريمة فيقدم عليها بل ويكررها نتيجة لذلك الجهل – كما أن نوعية الثقافة لها دور أيضاً في التأثير الإيجابي أو السلبي في ارتكاب الجريمة فإذا كانت ثقافة الفرد ذات طابع إجرامي – نتيجة التأثر بالفكر الإجرامي – فإنه سيندفع لارتكاب الجريمة - عدة مرات - تحت تأثير هذه الثقافة .

سادساً : حب السيطرة وتحقيق الذات الشّاذة : فالبعض يظن أنّ بارتكابه الجرائِم يكون قويّاً، ويستطيع أن ُيخيف المحيطين به.

سابعاً : الكره والحقد : الذي يؤدّي بالشخص إلى الإجرام للانتقام من شخصِ ما لسببٍ معيّن.

ثامناً : حب الفُضول والمغامرة وتجربة الأمور غير الطبيعيّة : وهذا طبعاً منافٍ للغريزة الطبيعيّة .

نتائِج وآثار الجَّريمَة :

ممّا لا شكَّ فيه أنّ انتشار الجريمة في أي مجتمع ينتج عنها الكثير من المفاسد الأخلاقيّة، وانتشار الخوف وعدم الأمان لدى الأفراد، وتراجع الاقتصاد والمشاريع وغيرها الكثير من المشاكِل، وهذا كلّه يتنافى مع قواعِد بناء أي مجتمع، ومع استمرار هذه الأوضاع سينهار المجتمع ويختفي.

الوقاية والعلاج لوقاية المجتمع من الجريمة :

هنالك طرق عدة لوقاية المجتمع من الجريمة كوضع برامج متنوعة لعلاج المنحرفين مثل تحويل الرغبات والميول الخطرة عند الإنسان وعلاجها والعمل على الحد من حالات التعرض للإغراءات، ونشر الثقافة والوعي بين الناس والحد من استهلاك المشروبات الكحولية والمخدرات ومعالجة المدمنين وحل المشاكل الاجتماعية بشكل جذري وبالذات في حالات الطلاق بين الأزواج. بعض الجرائم تحدث نتيجة خلل اجتماعي أو تفكك أسري أو نتيجة مرض نفسي أو لأسباب اقتصادية نتيجة الفقر وبسبب التهميش الاجتماعي.

والوقاية من الجريمة تقوم على عنصرين أساسيين وهما:

الوقاية العامة : والتي تتناول وضع الخطط والبرامج الشاملة من قبل السلطات والهيئات المختصة والتي من شأنها القضاء على العوامل المؤدية إلى الإجرام أو الظروف المهيئة له .

والوقاية الخاصة : التي يعتمدها الأفراد بوسائلهم الخاصة من أجل الابتعاد عن الظروف التي يمكن أن تجعل منهم هدفا للاعتداء عليهم .

والوقاية العامة تشمل الأسرة والمدرسة ومؤسسات المجتمع والأجهزة الأمنية والإعلام في منع الجريمة :

أولاً : الأسرة : التي تعتبر الخلية الإنسانية الأولى، وهي التي يتربى في كنفها الفرد ويكتسب منها عاداتها وتقاليدها وثقافتها وهي تشكل الأساس الأول لبناء شخصيته، والتي تتأثر بكل ما يحيط بها من عوامل ايجابية أو سلبية والتي لا بد أن تؤثر على سلوكه في المستقبل. فالعائلة السليمة والمتماسكة تربي أجيالا قوية وسوية، بعيدا عن الجريمة، وأما العائلة المفككة والمخلخلة اجتماعيا فهي التي تربي الاجيال المنحرفة التي تؤدي الى الجريمة. ولأهمية العائلة يتعين على مؤسسات المجتمع وبالذات مكاتب الخدمات الإجتماعية دعمها بالمقومات الأزمة وحمايتها وإرشادها وعلاج مشاكلها للمحافظة على كيانها لإبعاد شبح الجريمة عن المجتمع. وعلى مكاتب الخدمات الاجتماعية في كل بلدة عربية متابعة القضايا الاجتماعية وحلها بشكل جذري، وحتى يتسنى لها ذلك يجب دعمها بالقوى العاملة والميزانيات لكي تأخذ دورا هاما وفعالا في علاج المشاكل الاجتماعية الصعبة والمتراكمة في المجتمع.

ثانياً : المدرسة : أما بالنسبة للمدرسة فلها دور كبير بعد الأسرة في منع الجريمة، لأن الفرد يمضي وقتا طويلا في المدرسة، فهي التي تربي وتعلم وتثقف وتبني شخصيته الاجتماعية، وتعلمه على السلوك القويم والمطابق للقوانين وتعالج تصرفاته إذا انحرف، وبإمكان المدرسة أن تحد وتمنع فرص حدوث الجريمة في المجتمع إذا قامت بدورها الطبيعي كما يجب.

ثالثاً : الأجهزة الأمنية : ولعل من أهم واجبات الأجهزة الأمنية هي منع الجريمة، واكتشافها، والقبض على مرتكبيها ، و تنفيذ العقوبة الصادرة بحقهم، و المحافظة على الأمن العام والآداب ، لذلك فإن أهم الواجبات الوظيفية للشرطة هي تحقيق الأمن والاستقرار لأفراد المجتمع .

رابعاً : الإعلام : هنالك أيضا دور هام للإعلام الذي يلعب دورا هاما في توجيه الرأي العام وتوعيته والتنبيه إلى مخاطر الجريمة والتحدث عنها وبإمكانه أن يلعب دورا مهما في منع الجريمة. ولا ننسى تأهيل الفرد لإكتساب مهنة يعتاش منه باحترام وكذلك منع البطالة، كل العوامل التي ذكرت أعلاه إذا طبقت تمنع وتقلص إلى حد كبير نسبة الجريمة في المجتمع. إن وقاية المجتمع من الجريمة ليست عملية سهلة المنال ولكنها ليست مستحيلة وتعتبر الوقاية العامة من أهم عناصر السياسة الجنائية المعاصرة لفاعليتها في مكافحة الجريمة.

أما الوقاية الخاصة في تعتمد : في جوهرها على الجهود الفردية والتي تضع الإنسان في موقع متحفظ مما يحيط به من مخاطر وبالتالي يعمل على تجنبها وهي تختلف باختلاف الأفراد وظروف المكان والزمان. تشتمل الوقاية الخاصة على الوسائل التي يتخذها الفرد من تلقاء نفسه والتي تمكنه من الابتعاد عن احتمالات التعرض للاعتداء عليه.

رسالة : علاج ظاهرة الجريمة لا يكون بالندوات والمؤتمرات والمظاهرات بل برسم خطه علاجيّة شافية، وهي إجراء مسح في كل قرية ومدينة للشباب المنحرف فيها ولمثيري الفوضى والمشاكل والمتعاطون لكل الممنوعات على أنواعها وعلاجهم وتأهيلهم وإرجاعهم إلى حضن المجتمع وليس إهمالهم ونبذهم، وكذلك علاج العائلات المفككة في كل بلد، والاهتمام بأولادهم حتى لا يخرجوا منحرفين في المستقبل وعلاجهم بواسطة مكاتب الخدمات الاجتماعية، وكذلك منع تسرب الطلاب في جيل صغير من مقاعد الدراسة لأنّ الأبحاث تشير إلى أنّ نسبة منهم ينقلب إلى مجرمين في المستقبل، فإذا طبق هذا البرنامج العلاجي في كل بلد، عندها سوف نقلص كثيرًا من ظاهرة العنف والجريمة في مجتمعنا.

* من كتاب قضايا ومشكلات اجتماعية معاصرة
* للكاتب - سرهاب البسطامي ( كاتب وباحث اجتماعي )








طباعة
  • المشاهدات: 11373
برأيك.. ما خيارات ترامب للتعامل مع إيران بعد فوزه بانتخابات الرئاسة الأمريكية؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم