قد يتابدر لأذنهاكم انني احد هوامير السوق أو أن لي علاقة مباشره مع مدير المؤسسة الإستهلاكية المدنية ، ولكن حقيقة الامر هو انني مواطن عادي تأثر بإرتفاع الاسعار فالبداية كانت من عنصر الحليب المدمنه عليه طفلتي وانتهاء بإيجار المنزل والذي قرر صاحبه زيادة ثلاثون ديناراً على الأجرة الشهرية ، واناكحالة منفردة يمكن تعميمها بشكل مباشر على المجتمع الذي نعيش فيه . وعلى سيرة المجتمع الذي نعيش فيه وكما نزعم اننا مسلمون وتثور ثائرتنا عند الإساءة للنبي الكريم صلى الله عليه وسلم او عندما نسمع احدهم يسب الذات الإلهية وننشط بعمل الخير في رمضان وتزدحم المساجد بالمصلين وينفض الغبار عن المصاحف التي تراكمت عليها من رمضان الفائت وننكر في سهراتنا العائلية حال الفتيات والشبان هذه الايام ونحن نتابع اغنية ماجنة لمراهقة راقصة تتمايل بجسدها امام اطفالنا ..... ومع كل ذلك لا بد من العثور على طفل لقيط عند تلك الحاوية وكأنه سقط من السماء ومباشره ننسب الامر لسيدة غير اردنية ولنزيد من البعد نحيلها لجنسية أسيوية .....وتجدنا نشكوا من ارتفاع الاسعار ...ثم جشع تجار مواد تموينية او ملابس اطفال ما انزل الله به من سلطان وكانه قرر ان يبني برج ينافس برج ايفل الفرنسي فقط خلال فترة اسبوع من موجة ارتفاع الاسعار ما زلنا نستمر في أكل حقوق العباد.....وتجدنا نشكوا من ارتفاع الاسعار وما زال موظف القطاع العام يتفنن بسرقة الموطن الغلبان فتجده يتقاعس عن العمل بحجة انه انجز معاملتين منذ الصباح وهي تعادل ما يتقاضاه من راتب او لانه ليس بمزاج يسمح له بالعمل .....وتجدنا نشكوا من ارتفاع الاسعار وصل الغش في بيعنا مواد تموينية انتهت فترة صلاحيتها او ختم عليها تاريخ انتاج لم نصل له بعد .....وتجدنا نشكوا من ارتفاع الاسعار اطباء في مستشفيتنا الحكومية يشخص مريضه من على بعد يكفي بطرح الاسئلة ولا يكلف نفسه عناء قياس الحرارة او حتى وضع الخشبة في فم المريض .....وتجدنا نشكوا من ارتفاع الاسعار سائقين يحملون تصاريح بالقتل وزيادة عدد ذوي الإحتياجات الخاصة في بلدنا ويحرمون ضرير من دليله للمسجد .....وتجدنا نشكوا من ارتفاع الاسعار . نتفاخر بحمل أفخر انواع الموبايلات وأهلها في بلادهم لا يحملونها .....وتجدنا نشكوا من ارتفاع الاسعار نسابق الصرعات إن لم نكن نحن من ينتجها ونتفنن بتقليد الغرب .....وتجدنا نشكوا من ارتفاع الاسعار اصبحنا نعيش ضمن شريعة الغاب حالة تشبه حالة السائقين على شوارعنا فأولوية المرور للأقوى والأشجع وصاحب (الزامور) الأضخم وكذلك كسب الرزق هذه الايام . وقد جعل الله لما يحصل أسباباً، وربط المسببات بأسبابها ، على مقتضى سنن وحكم له سبحانه وتعالى في خلقه، فمراعاة الأسباب والسنن التي جعلها الله في هذا الكون مقتضى شرعه ومن ذلك قوله تعالى: { إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ}(الرعد: 11)وما يقع من ارتفاع للأسعار والغلاء في المعيشة له أسبابه ومن أعظم الأسباب الذنوب والمعاصي التي يجاهر بها العباد وبخاصة منع الزكاة والتعامل بالربا والغش والتدليس في المعاملات وأكل أموال الناس بالباطل وغيرها من الذنوب المؤذنة بنزول العقوبات الشديدة وحصول الشدائد المديدة وذهاب البركات أو نقصها، قال الله تعالى : {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} (النحل:112) ، وقوله تعالى :{ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} (الروم:41) وفي المقابل قال الله تعالى: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَاراً} (نوح:10-12) . فمتى تصبح لغة التعامل والبيع والشراء هي لغة الدين متى نتخلص من مظاهرنا الخداعة غدا يأتي الصيف وسنشعل سماؤنا بالإلعاب النارية ونصم الآذان بالمكبرات الصوتيه .....وتجدنا نشكوا من ارتفاع الاسعار يقول أحد الصالحيـــن " والله ما أبالي لو أن حبة الشعير بدينار , فعلي أن أعبده كما أمرني وعليه أن يرزقني كما وعدني " قال الله سبحانه وتعالى (( مَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ{56} مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ{57} الذاريات ) قال الله سبحانه وتعالى ({وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْعَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى } طه132 ....وتجدنا نشكوا من ارتفاع الاسعار