17-08-2020 06:35 PM
بقلم : المحامي علاء مصلح الكايد
ليس الأمر بحاجة لرأي خبير بل أي مواطن عاديّ قادر على تقييم الخدمات الحكومية ، إبتداء من المتطلبات الواجب توافرها في المُنشأة وإنتهاء بلياقة الموظف وقدراته .
ولعل قلة بثّ الشكوى عائدة إلى سببين فئويّين ، الأول هو المراجع العابر الذي يتجاهل ويتناسى ما ألمّ به من ضياع للجهد والوقت وربما المال نتيجة البيروقراطية وضعف مستوى الخدمات لوجستيّاً ووظفيّاً ، والسبب الثاني أن فئة المراجع المتكرّر تتأثر بمخاوف صاحبها إذا بثّ شكواه إمّا خوفاً من تعطيلٍ مُتعَمَّدٍ بحقّه لاحقاً من قبل الإدارات المشكوّة أو طمعاً بالإبقاء على العلاقات الطيبة هناك لتسيير الأمور في المستقبل .
والحقيقة أن إداراتنا المختلفة تتفاوت بالكامل وفقاً للمسؤول الأوّل ، فقد تدخل مبنى جديداً لكنّه يفتقر لأدنى مستويات الخدمة وآخر قديم لكنه يوشك أن يكون مثاليّاً خدمة ومعاملة وتسهيلاً ، وينقلب الوضع من حال إلى آخر بمجرد تغيير الإدارة سلباً أو إيجاباً .
ولما ينعكس على المسيرة الحكومية نتيجة هذا التفاوت المزعج والتقصير الواضح ، من طرد لا للإستثمار وتعطيل لمصالح المواطنين وعكسه صورة سلبية عن الدولة ، بات من المهم إعادة إستحداث جسم حكوميٍّ يملك صلاحية الرقابة على الهيكل الحكوميّ بالكامل تماماً كما كان الحال في عهد دولة فيصل الفايز عام ٢٠٠٤ ، يتلقى الشكاوى ويطلق متسوقيه الخفيّين ويوجه ملاحظاته للوزارات ودوائرها التابعة ، أي جهة مركزية واحدة تتولى الأمر بدلاً من تشابك الإختصاصات وتداخلها ، تكون إداريّة بحتة منعاً لإشغال الهيئات الرقابية المستقلة بالشأن الإداريّ .
ولا بد لرأس هرم الجسم هذا من مستوى وزاريٍّ يستطيع ممارسة صلاحياته من خلاله ، ونتحدث هنا عن وزارة دولة تقوم بمهمتها عبر وزير وبضعة موظفين لا أكثر ، حيث العبرة بالصلاحيات النوعية والجدّيّة والحياد لا بالكمّ .
ولقد كان من بين توصيات المجلس الإقتصادي والإجتماعي للحكومة عام ( ٢٠١٨ ) إنشاء دائرة ترتبط بالرئيس تعنى بالرقابة على الأداء الحكومي ، لكن ذلك قد يخلق تشوهات إدارية ويبقي على العقبات المرجعية التي تستدعي تدخلاً رئاسيّاً في كثير من الأحيان ، ولن يفلح الجهد ما لم يحظى بالمرونة الحركية والسلطوية لغايات أداء المهمة بإقتدار .
إن مستوى الخدمات بتحسّن لكنه لا يرقى إلى الطموح ، وعلى هذه الشكاية أن تنتهي وينتهي معها كابوس مراجعة الدوائر الحكومية بالهدف البعيد نسبيّاً وهو الحكومة الإلكترونية بالكامل ، لكن ذلك لا يبرّر التراخي في إصلاح الوضع القائم ، كما أن المواطن يستحق الأفضل لمعيشته وكرامته كما في التوجيهات الملكية المستمرة إذ كان الملك أول من باشر التخفّي لمطالعة الوضع على الأرض .
وحتى تنجح الفكرة وتستمر الوزارة إذا ما أستحدثت فعلاً ، يلزمها قيادة حازمة لا تخشى في الحق لومة لائم ، لا تقبل التوسط ، ولا تخضع لأية حسابات فئوية أو جهوية أو ضغوطات نيابية ، لا تعترف بالمسكنات ، تسير نحو الهدف بلا إفراط ولا تفريط ، أي سيرة ذاتية يراهن عليها تكليفاً لا تشريفاً .
والله من وراء القصد