19-08-2020 10:16 AM
بقلم : د. زيد سعد ابو جسار
البخل اساس لكل مساوئ الاخلاق ,يعري تستر الانسان منها,لصعوبة نفاق البخيل بكرم مكارم الاخلاق التي تتطلب نضوج العقل وقوة الهمم ,فسلوك الانسان في هذه الحياة مجرد مواقف اخلاقية انعكاس لحقيقة النفس, مواقف تحدد هوية الانسان بين الطيب واللئيم ,بين الشاكر والناكر ,وبالمجمل بين المؤمن والكافر(,( {أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ. فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ. وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ. فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ. الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ. الَّذِينَ هُمْ يُرَاؤُونَ. وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ} ),كون مجمل مقاصد رسالات الدين ,الهداية لحسن الخلق وهي من مكارم الخالق للانسان ,ليطهر النفس وينقيها بالاخلاص ويزكيها بروح من الله تعالى ,عن دنائة الدنيا ,ليرتقي الانسان لدرجة الايمان ,ويرتقي بها للاحسان قمة المكارم , دلالة على نضوج العقل وتواضع النفس ,فكان هذا هو نهج كل الانبياء والرسل ,وخاتمهم الذي بعث ليتمم مكارم الاخلاق ,فكان عليه وعلى جميع الرسل الصلاة والسلام , خلقه قرآن يسير في ارض الله(وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ).................
حقيقة ارتباط مفهوم البخل العام بالمال ,لطغيان حب المال في النفس البشرية , لكن حقيقة البخل هي ابعد من المتعارف عليه ,واخطر لتجاهل حقيقة المفهوم العام للبخل,كون الحياة السليمة تعمر بمكارم الاعمال الصالحة, ,تنمي جانب الخير في النفس البشرية ,وطمس جانب الشح في هوى النفس وانانيتها ,لهذا فان الكرم هو من غنى النفس ونضوج العقل البشري بفقه مفهوم الدين في حياة الانسان ..............
لقد عالج الله تعالى البخل في النفس البشرية,بان ركع حب الدنيا بحلاوة الايمان ,ليرتقي الانسان لمكنون الحب الحقيقي, باحياء كل انواع العواطف في النفس,والشعور بحلاوتها ,وكذلك تنمية جانب الاسترخاء والهدوء ونشوة الحكمة ,وكبح جانب التوتر في العقل البشري,فجعل الله تعالى الصدقة الواجبة اي الزكاة ركن من اركان بناء الاسلام في النفس لتهذيبها ,ومن اركان الايمان(الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3))لاحياء الضمير في الصدور,ورحمة القلوب ,وجعل من الصدقة كفارة لكثير من الذنوب من سوء الخلق ,كما عالج الله تعالى البخل في النفس البشرية ,بان جعل مفاتيح الرزق في مكارم الاستغفار من كل مساوئ الاخلاق , وجعل الصدقة مفتاح لتيسير الاعمال ,والبخل بها لتعسيرها (( وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى) ,واكثر من كل ذلك التوصل لدرجة الاحسان ,التي هي من تمام حسن الخلق في الصفح والعفو وكظم الغيظ,حيث ملك الانسان نفسه وسلم ناصية عقله لارادت خالقه , ولقد وكل الله تعالى ملكين من ملائكته الكرام ,احدها بدعاء الخلف لكل منفق والاخر بدعاء التلف لكل ممسك ...............
البخل من علامات استحواذ الشيطان على الانسان بتخويفه من الفقر وكل ما ياتي من مساوئ الاخلاق مثل الغش والكذب واكل الحقوق وقطع الارحام فصدقة البخيل مشروطة في نذره ,وكذلك كل ما ياتي من قلة الهمة (صفة البخيل),فليس للبخيل ان يتعوذ من الفقر كما يتعوذ بالله الفقير من الفقر ليغنيه الله تعالى ويجنبه مساوء الفقر ويرزقه كنوز القناعة والرضى (الغنى الحقيقي ) والسعادة التي لا تشترى بالمال ولا بالصحة ,انما هي من سلامة النفس ,فشتان بين من يخاف الفقر ومن يتعوذ منه .................
لقد من الله تعالى على عباده في كشف البخلاء وبيانهم , كما من في معالجة النفوس من البخل وكرهه ,فصفة البخيل قلة الهمة دافع للخير في النفس ,فالبخيل ليس بالصديق عند الضيق ,لئيم على اهله بخيل على من يعيل ,ولا نسب لمن لا يعز النسب ...............
د. زيد سعد ابو جسار