19-08-2020 10:20 AM
بقلم : د. نواف عواد بني عطية
العملية الانتخابية التزام ، فيقع على المرشحين الالتزام في حملاتهم الانتخابية، بعدم استخدام شعار الدولة الرسمي والصور الملكية في الاجتماعات والإعلانات والنشرات الانتخابية، وفي سائر أنواع الكتابات والرسوم والصور، التي تستخدم في الدعاية والحملات الانتخابية، وعدم إجراء الدعاية الانتخابية في الوزارات والدوائر الحكومية، والمؤسسات الرسمية، والعامة، والمؤسسات التعليمية، ودور العبادة، وعدم استخدام أي ممتلكات أو معدات تعود للدوائر والمؤسسات الحكومية، والعامة في الدعاية الانتخابية.
وفي ظل هذه الإلتزامات ، هناك محظورات في هذه العملية الانتخابية أوردها المشرع من أجل سلامة سيرها ونجاحها ، حيث جاء هذا الحظر بنص صريح في ( المادة 3 فقرة س ) من التعديلات المعدلة للتعليمات التنفيذية الخاصة بقواعد حملات الدعاية الانتخابية لسنة 2020 " عدم تشغيل الأطفال في الداعية الانتخابية أو استغلالهم في الأعمال التي من شأنها أن تشكل خطراً على سلامتهم وبما يتوافق مع أحكام قانون العمل النافذ المفعول " .
وتجدر الإشارة الى نص الفقرة قبل التعديل على الامتناع عن استغلال الاطفال أو تشغيلهم في الاعمال التي من شأنها أن تشكل خطرًا على سلامتهم فقط، دون الاشارة إلى الدعاية الانتخابية أو قانون العمل ، فالمشرع أورد هذا الحظر فيما يخص الأطفال واستغلالهم في الدعاية الإنتخابية للحفاظ عليهم وعلى سلامتهم .
وقد ظهر اتجاه معارض لهذا الأمر وهو حظر إشراك الطفل في الدعاية الانتخابية ؛ وذلك لما تحققه العملية من توعية وتثقيف للطفل بالممارسات الديمقراطية، وغرس روح الوطنية، على غرار العملية الإنتخابية التي تتم في المدارس ، كما ان اشتراك الأطفال وتفاعلهم مع العملية الانتخابية قد يُعدّ محورًا للتربية السياسية، وتثقيف الطفل بالممارسات الديمقراطية، وغرس الروح الوطنية، وتنمية احترامه للقيم الوطنية والديمقراطية ، وعلى الرغم من وجاهة أصحاب هذا الرأي الا ان النأي بالأطفال عن هذا الأمر هو الأفضل والأسلم حتى لا يكونوا عرضة للإستغلال في الإنتخابات لعدم وعيهم وادراكهم لهذا الأمر .
القانون الأردني في المادة رقم (73) من قانون العمل رقم (8) لسنة 1996ساري المفعول على "مراعاة الاحكام المتعلقة بالتدريب المهني حيث لا يجوز بأي حال تشغيل الحدث الذي لم يكمل السادسة عشرة من عمره بأي صورة من الصور ، وفي المادة (74) من نفس القانون نص على أنه "لا يجوز تشغيل الحدث الذي لم يكمل الثامنة عشرة من عمره في الاعمال الخطرة أو المرهقة أو المضرة بالصحة ، أما المادة (75) من ذات القانون فتحظر تشغيل الحدث لأكثر من ست ساعات في اليوم الواحد على ان يعطى فترة للراحة لا تقل عن ساعة واحدة بعد عمل أربع ساعات متصلة وان لا يعمل بين الساعة الثامنة مساءً والسادسة صباحًا ، ويحظر تشغيل الحدث في أيام الأعياد الدينية والعطل الرسمية وأيام العطل الأسبوعية.
أما مسودة قانون حقوق الطفل في الأردن لسنة 2020 في المادة الثالثة " للطفل الحق في التمتع بكافة الحقوق والحريات الواردة في هذا القانون دون أي نوع من أنواع التمييز" ، المادة الخامسة / أ " حق الطفل في الحياة حق أصيل لا يجوز المساس به إطلاقاً" ، المادة 15/هـ " منع الممارسات الضارة بصحة الطفل بما في ذلك عمل الطفل" ، كما جاءت المادة 42 و 43 حق الطفل في الحماية من كافة أشكال العنف وإساءة المعاملة والاستغلال .
وقد تناول الدستور الأردني حقوق الطفل بوصفها الحق الأساسِ من حقوق الإنسان ، بدلالة المادة (5) اكتساب الجنسية الاردنية بالتبعيه بأحكام القانون .. وكفل الدستور كذلك حقوق الطفل حيث جاءت المادة السادسة في الفقرة الرابعة " الأسرة أساس المجتمع قوامها الدين والأخلاق وحب الوطن، يحفظ القانون كيانها الشرعي ويقوي أواصره وقيمها " و في الفقرة الخامسة " يحمي القانون الأمومة والطفولة والشيخوخة ويرعى النشأ وذوي الإعاقات ويحميهم من الإساءة والاستغلال" . وفي شأن مرتبط، أصدرت المحكمة الابتدائية (بمدينة الكاف العاصمة التونسية) قرارًا قضائيًا فوريًا يمنع استغلال الأطفال في الحملات الانتخابية الرئاسية والبرلمانية، بأي شكل من الأشكال " حماية لسلامتهم المعنوية والبدنية، وللنأي بهم عن شتى التجاذبات السياسية والحزبية والتوظيف الآيديولوجي" .
وقد ناقش مجلس النواب البحريني بخصوص الاقتراح بقانون بتعديل المادة (60) من قانون الطفل الصادر بالقانون رقم (37) لسنة 2012، "يحظر استغلال الأطفال في التجمعات والمسيرات والمظاهرات التي يكون الغرض منها سياسياً، كما يحظر إشراكهم أو تشغيلهم في الدعاية الانتخابية أو في سائر إجراءات ومراحل انتخابات مجلس النواب والمجالس البلدية بكافة صورها وأشكالها إلا بموافقة ولي الطفل أو من يقوم مقامه قانونًا " .
يذكر ان الأردن وقع على مجموعة من الاتفاقيات الدولية والعربية المتعلقة بعمالة الاطفال نذكر منها اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم (138) ورقم (132) ، واتفاقية العمل العربية رقم (1) لسنة 1966 ، وكذلك إتفاقية حقوق الطفل وهي نافذة منذ 2006 .
ورغـم اعتمـاد اتفاقيـة حقـوق الطفـل لسـنة 1989 إلا الاهتمـام الـدولي بالطفـل بـدأ مـع إنشـاء عصــبة الأمــم ســنة 1919 وخاصــة حــين أقــر مــؤتمر عصــبة الأمــم فــي 26 ســبتمبر ســنة 1924 إعلان جنيف الخاص بحقوق الطفل، كما أكدت الأمم المتحدة اهتمامها بالطفـل علـى نحـو جعلهـا تسـير فـي الإعـلان العـالمي لحقـوق الإنسـان لسـنة 1948 إلـى حـق الطفولـة وقد تم اعتماد الإعلان العالمي لحقوق الطفل لسنة 1959 ، وجاء المبدأ التاسع من الاعلان : ..... كذلك يحظر بدء استخدام الطفل لامتهان حرفة أو عمل معين قبل بلوغه السن الملائمة " ، وكرس العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لعام 1966 ، حق الطفل إذ نصت المادة 10/3 منه على " وجوب اتخاذ تدابير حماية ومساعدة خاصة لصالح جميع الأطفال والمراهقين من الاستغلال الاقتصادي والاجتماعي " .
في الختام ، اطفالنا أكبادنا لنحافظ عليهم ونرعاهم وننأى بهم عن أي عمل قد يسيء الى براءتهم وطفولتهم ونحفظهم من أي استغلال ، لذا كان المشرع حريصًا على أن يوفر لهم الحماية الكاملة في نصوص الدستور والقانون والاتفاقيات الدولية وان يوفر لهم الحماية الكاملة ، فيتوجب على الأسرة رعايتهم لنخرج بجيل سليم ومجتمع قوي .