02-09-2020 10:03 AM
بقلم : الدكتور محمد علي صالح الرحاحله
هاهي قد مضت تسعة شهور منذ ان ظهرت اول حالة كورونا في العالم وحوالي خمسة شهور على ظهور اول حالة في الاردن وما تبعها من شهرين من الاغلاقات والحظر الشامل والجزئي، الا ان حالات الاصابة بالكورونا في زيادة وهي مستمرة في الظهور في العالم، وكذلك الحال في الاردن لاسباب معروفة وواضحة فهنالك مصدران رئيسان للفيروس في الاردن يتمثل الاول في المراكز الحدودية وطريقة التعامل فيها والثاني في العائدين من الخارج حيث تم تقليص الحجر عليهم ليصبح اسبوعا بدل من اسبوعينوهذا مكمن خطر كبير، اذ بعد خروج هؤلاء العائدين من الحجر، فانهم يختلطون بالناس وياتي الناس اليهم لكي يسلم عليهم او قد يقمون اعراسا او يحضروا جماعات ومناسات وحيث ان فترة الحجر المتعارف عليها لم تتنهي فان هذا يعتبر مصدرا لنقل العدوى الى الاخرين. اما فيما يتعلق بالحدود فلابد من الية مأمونة ومنطقية وغير ضارة بالاقتصاد الوطني.
وومن ناحية اخرى فان جميع التوقعات المتفائلة تشير الى ان الفيروس لن يذهب الا بعد اعوام ذلك ان عملية تطوير المصل المضاد لن يكون جهازا الا بعد نص سنة على الاقل، بالاخرى ان الكورونا ستظل بين ظهرانينا لفترات طويلة.
هذا كله يشير انه لا بد من التعايش مع الفيروس، فسياسية الاغلاقات والحظر الكلية والجزئية ليست سياسة ناحجة في وقف الفيروس وانتشارة، ودول فيها اصابات يومية بالالاف تسير فيها الحياة طبيعية ومطاراتها مفتوحة ومصانعها شعالة.
قد يغيب عن البعض ان الكثير من يعيش في عمان ان سكان البناية الواحد لا يعروفون بعضهم البعض وقد يكون تمر سنوات وهم جيران ولا يعروفون انهم جيران الا صدفة، فلا يوجد زيارات متبادلة ولا سهرات، اي انهم في تباعد اجتماعي كبير، حتى افراد الاسرة الواحدة الكل جالس في قرنه من المنزل وبطقطق على تلفونه وفي عزلة عن الجميع حتى اذا اراد الزوج ان يسال زوجته الجالسة امامه عن شئ يرسل اليها رسالة على الواتس اب او على وجة الكتاب (فيس بوك) او رسالة عادية.
فسياسات الحظر ومنع التجول غير مفيدة في وقف انتشار المرض فهي ذات كلفة اكبر بكثير من منافعها، لا بل هي سياسة ضار بالفرد والمجتمع والحكومة والبلد، فالبلد تخسر من كل ساعة اغلاق حوالي خمس ملاين دينار اذا كا قسمنا الناتج المحلي الاجمالي على عدد ساعات السنة كاملة. والحكومة في المقابل تخسر من كل ساعة تعطيل حوالي نص مليون دينار من ايراداتها المحلية، ناهيك عن الاثر المباشر للتراجع الاقتصادي في كافة القطاعات والذي ينعكس سالبا على الايرادات الحكومية فيكون الاثر مضاعفا. اما الفرد وحيث ان نسبة كبيرة من العاملين في القطاع الخاص لا يتقاضون رواتب كاملة فان ذلك مع الانخفاض في الناتج المحلي وبالتالي نصيب االفرد من الناتج المحلي يعني بكل بوضوع لاي شخص زيادة مستويات الفقر وسوء التغذية وغيرها من الامرا ض المجتمعية.
اما انتم يا متخذي القرارات فلابد ان تنظروا الى الصورة كاملة ومن كافة جوانبها لا ان تنظروا من زاوية صغيرة، فالفيروس لن يتم القضاء عليهم في يوم او يومين لا بل انه سوف يستمر ويستمر سنوات فهل تردون اغلاق البلد سنوات دهورت الاقتصاد، وقد تخلت جميع الدول عن هذه السياسة التي اثبتت فشلها.
اذا كنتم تتقاضون رواتب شهرية تكلفيهم ويزيد منها فتاكدوا ان هنالك الالاف المواطنيين ممن يعشيون على دخلهم اليومي فاذا لم يعملون فلن يستطيعوا ان ياكلوا هم وعائلاتهم ذلك اليوم، اضافة الى انهم سوف يستدينون لسداد المصاريف الشهرية المتكررة مثل ايجارات البيوت والكهرباء والانترنت هذا المصروف الزائد نتيجة التعليم عن بعد ذلك المخترع الذي لا ولن يؤدي الا لزيادة الامية في البلاد اقصد بذلك من لا يمكنهم قراءة المكتوب اما فهم المقروة فهذا امر كبير حيث ان نسبة كبيرة من طلبتنا المتخرجون من الثانوية او الجامعة لا يفهمون المقروء وان قراوا المكتوب فلن يفهموه.
وعلى الرغم ان هذا ليس من صلب الموضوع فيا وزارة التربية والتعليم يا من تتباهي بحصول مئات الطلبة على العلامة الكاملة في امتحان التوجيهي، هل فكرتم يوميا بعمل امتحانات لقراءة المكتوب وفهم المقروء.
اعتقد ان على الحكومة ان تنظر الى الامور بنظرة شمولية وتعدل خططها ومصفوفاتها، والتي هي ليست كتابا منزل، على ضوء ما يحدث في العالم وتطور المرض فيه والتعايش مع الفيروس، والا فاننا سوف نخسر الكثير الكثير فليس فقط ماديا على الرغم ان تعطيل ساعة واحدة يعني الملايين بل نخسر الانسان اغلى ما نملك نخسر الانسان الواعي المنتمى نخسر راسمال البشري.
التحدي الكبير لكم هو احداث نمو اقتصادي، فالمطلوب منكم يا صناع القرار امر بسيط جدا جدا الا وهو اعادة الحجر على العائدين لمدة اسبوعين، وكتابة تعهد بمنعهم من اي نشاط اجتماعي لمدة اسبوع اخر والا سوف يغرمون تكاليف علاج جميع الاصابات الناتجة عن ذلك النشاط الاجتماعي خاصة الاعراس.
وليتاكد الجميع ان الخير والشر والمرض والدواء والموت والحياة ثنائيات سوف تبقى ما دام يعيش انسان واحد على وجه الارض، والكورونا عائلة كبير كثير وبتتشكل وبتتطور ومستحيل القضاء عليها. فالحياة يجب ان لا تتوقف لا ليلا ولا نهارا وترك البلد تعيش حياة طبيعية وينمو اقتصادها والمواطن يعيش حياته الطبيعية والموازنة تعيش وبلا اغلاقات وبلا حظر لا يوم الجمعة ولا اي يوم. ترى في ناس بنطروا يوم الجمعة ليشاغلوا فيه ويعيشوا بقية الاسبوع من دخل يوم الجمعة وسوف يدعوا الكل لكم بطول العمر بالمنصب.
فالتحدي الحقيقي ان الاقتصاد الاردني قد نما بنسبة معينة على الرغم من انكماش اقتصاديات معظم الدول، فهل من يتصدى لهذا التحدي ينجح الاردن في هذا التحدي الحقيقي؟.