21-09-2020 10:39 AM
بقلم : المحامي علاء مصلح الكايد
أشرت كما غيري مراراً وتكراراً لضرورة ضبط التصريحات منذ بداية أزمة كورونا وحصرها في إطارٍ مركزيّ منعاً للتشويش لا سيما وأن أبعاد المسألة خطيرة تؤثر في ردود الفعل الشعبي الذي ينعكس على مصالح المواطنين من جهة وثقتهم بالإجراءات والقائمين عليها من جهة أُخرى .
وما ذلك إلّا جزء يسير سبقه الكثير من الدعوات قبل الجائحة والتي إستجيب للعديد منها في عهد الحكومة الحالية وسابقتها ، ومن تلك ضرورة تأسيس منصة إلكترونية حكومية إنبثقت عنها ( حقك تعرف ) التي بدأت بداية جيدة لكنها تراجعت فيما بعد حتى إختفت عن المشهد تقريباً ، وكذلك الڤيديو الأسبوعيّ ثم الشهريّ الذان يعرضان أهم أعمال الحكومة وأبرز الإتجاهات التي تنتوي السير نحوها والّذان إختزلا بإطلالة أسبوعية للرئيس بدلاً من الشكل المقروء والمسموع - على غرار ما إستحدثه الديوان الملكي منذ حين - .
وكان من ضمن ما تقدمت به من نصح كذلك تأسيس دوائر لإتّخاذ القرار ودراسة الأثر حفاظاً على مبدأ إستقرار المعاملات ، لكن وللأسف فإن الظاهر لا يوحي بتفعيل تلك الوحدات التي إستحدثتها رئاسة الوزراء فعلاً منذ عام إذ إتخذت بعض القرارات على عجالة من الأمر - وما زالت - وتم الرجوع عنها بعد برهة قصيرة نظراً لعدم الإستفادة من تلك الوحدات التي تخصَّص بعضها بدعم القرار والآخر بالممارسات الفضلى .
إن الإهتمام بحصيلة المنصات الإلكترونية هو تطوّرٌ إداريّ يحسب لصانع القرار لكن ذلك يبقى منقوصاً ما لم تتعزّز الثقة تبعاً لذلك عبر شعور المواطن بأن القرارات تدرس بإمعان وتتدرج عند الحاجة وتطبّق بحزم ، فلن يثق المتلقّي بالقرار ونجاعته ما لم يثبت متّخذوه ثقتهم به أوّلاً .
هنالك الكثير من الأمور التي تعيبها المركزية وتبعدها عن المرونة والتكنوقراطية ، لكن وفي المقابل يتوجب أن يكون لقرار الدولة بُعداً سياسيّاً مركزيّاً يظهرها كوحدة مؤسسية واحدة متناغمة متّفقة ، وعكس ذلك بالغ الخطورة إذ أن التراجع يمسّ بالصرامة والإلزامية والحزم خصوصاً إذا تكرّر الرجوع المرّة تلو المرّة .
لا بأس بالإجتهاد والتراجع عند الشعور بالخطأ ، لكن التكرار يوحي بأن المشكلة دائمة مستمرّة لم تُعالَج كما يجب ، وما هذا بمقبول في دولة مؤسسات بلغت من العمر قرناً كاملاً .
والله من وراء القصد ..