24-09-2020 08:23 AM
بقلم : د. سعود فلاح الحربي
كما هو معلوم فإن جلالة الملك أصدر أمره بإجراء الانتخابات النيابية وفق احكام الدستور، وأصبح من المعلوم أيضا أن الهيئة المستقلة حددت تاريخ الانتخاب يوم ١٠ ١١ ٢٠٢٠ وفي ظل تزايد عدد الاصابات بفايروس كورونا برز تساؤل حول إمكانية تأجيل الانتخابات، نظراً للوضع الوبائي الذي سببه فايروس كورونا ومفاده: هل يمكن تأجيل الإنتخابات النيابية من الناحية الدستورية ام لا؟ وهل تملك الهيئة المستقلة وفق قانونها تأجيل الانتخابات ام لا؟ لا سيما وأن المشرع العادي منحها صلاحية تحديد موعد الاقتراع، وتأجيل انتخابات بعض الدوائر الانتخابية، وسكت عن صلاحيتها بالتأجيل العام لموعد الاقتراع. كذلك المشرع الدستوري منح جلالة الملك صلاحية الأمر بإجراء الانتخابات وسكت عن موضوع التأجيل.
قبل محاولة الإجابة عن الأسئلة مثار الإشكالية لا بد من التذكير بمبدأيين قانونيين هامين هما: مبدأ المشروعية الذي يعني أن يتم ممارسة الصلاحيات وفق النصوص القانونية التي تتيحها، والمبدأ الثاني هو نظرية الضرورة وهي إستثناء على أصل مبدأ المشروعية ويعمل بها في الظروف الاستثنائية على خلاف مبدأ المشروعية الذي نظم ممارسة الصلاحيات في ظل الظروف العادية، لكن ما علاقة هذا بتأجيل الانتخابات؟.
يعلم الجميع انه ومنذ بداية جائحة كورونا تم تفعيل قانون الدفاع لمكافحة هذا الجائحة، واذا ما ساء الوضع الوبائي لا قدر الله، فإن رئيس الوزراء معني تماما بموضوع الانتخابات استنادا للصلاحيات المخولة له بموجب قانون الدفاع وتحديدا مستهل الفقرة أ من المادة ٤ من قانون الدفاع الخاصة بوضع قيود على حرية الأشخاص في الإجتماع والانتقال ولا سيما إن رأى أن هناك خطر يهدد السلامة العامة اذا ما تم إجراء الانتخابات في الموعد المحدد من قبل الهيئة المستقلة، في ظل سكوت المشرع الدستوري عن موضوع تأجيل الانتخابات - وان كان لنا رأي في هذه المسألة ليس مكانه هنا - وسكوت المشرع العادي في قانون الهيئة عن تأجيل موعد الإقتراع المحدد من قبلها باستثناء بعض الدوائر الانتخابية كما أسلفنا.
وربطا للحيثيات الوارد ذكرها آنفا، وإعمالاً لقانون الدفاع فأني أرى أن بإمكان رئيس الوزراء اصدار أمر دفاع يؤجل فيه الانتخابات النيابية لحين تحسن الوضع الوبائي لكن لا بد أن نفرق بين حالتين:
الحالة الاولى: حل مجلس النواب الثامن عشر قبل ٢٧ ٩ ٢٠٢٠.
يملك رئيس الوزراء تأجيل الانتخاب - برأيي المتواضع -لان موعد الانتخاب حدد بموجب قانون الهيئة، ولان قانون الدفاع له الصدارة على القوانين العادية ومنها قانون الهيئة المستقلة، لكن بشرط أن لا يتجاوز موعد التأجيل المدد الدستورية في حالة حل مجلس النواب وهي أربعة اشهر؛ لان قانون الدفاع لا يعطل الدستور، بمعنى اذا حل مجلس النواب قبل ٢٧ ٩ ٢٠٢٠ وكان موعد الانتخاب ١٠ ١١ ٢٠٢٠ يستطيع رئيس الوزراء التأجيل حتى اليوم الأخير من انتهاء مده الأربعة شهور تقريبا بأواخر شهر يناير ١ ٢٠٢١.
الحالة الثانية: عودة مجلس النواب الثامن عشر.
في هذه الحالة وعلى فرض بقاء الوضع الوبائي لا يسمح بإجراء الانتخابات النيابية، يستطيع رئيس الوزراء ايضا التأجيل وبدون اية مدد دستورية هنا؛ لان المادة الدستورية اشارت الى عودة المجلس لحين أجراء الانتخابات. (مادة ٦٨ بند ٢ من الدستور).
وختاما نشير إلى أن خيار إجراء الإنتخابات في موعدها المحدد والمعلن من قبل الهيئة المستقلة قائم برغم توقع بقاء الوضع الوبائي وقانا الله وإياكم منه وجنب وطننا الغالي كل مكروه.