29-09-2020 10:06 AM
بقلم : د.باسم عيسى تليلان
بات في حكم المؤكد دستوريا رحيل الحكومة الحالية التي يرأسها الدكتور عمر الرزاز والتي جاءت بظروف استثنائية ونتيجة لغضب شعبي كبير على اقرار قانون الضريبة الذي روج له في حكومة د هاني الملقي و لم يقر و تم نفاذه في حكومة الرزاز بعد استكمال مراحله الدستورية بشكل اقسى مما كان عليه في حكومة الملقي و امتازت الحكومة بتوزير عدد من الاشخاص الذين تربطهم صداقات واسعة مع الرئيس او انه محسوب على احد الاصدقاء كوزراء جاءوا نيابة عن ابيهم او حماهم او باي وصف آخر مما شكل فريقا وزاريا غير قادر سياسيا على احراز تقدم ولو طفيف في اي مسألة معاصرة سواء اقليمية او محلية سياسية او اقتصادية او اجتماعية ومجددا صحية .
من المعروف ايضا ان الرئيس الراحل لا يستطيع اعادة تشكيل الحكومة وفق المادة 74/2 بحيث تلتزم الحكومة التي تُنسب للملك بحل مجلس النواب بتقديم استقالتها ويمنع رئيسها من تشكيل حكومة جديدة و ذلك ليعزز الضمانات الممنوحة لمجلس النواب لمنع العبث بحله جزافاً او على اثر خلافات بين السلطتين " التشريعية و التنفيذية " لكن المادة الدستورية بقيت عاجزة عن صناعة طيفا سياسيا جديدا اذ تكون اشمل لو انها حظرت جميع اعضاء الحكومة من المشاركة في الحكومة المقبلة او على الاقل بنسبة 90 % اذا انه يسمح دستوريا لرئيس الوزراء مثلا ان يعود وزيراً في الحكومة اللاحقة و_ان لم تحدث بالاردن _وان جميع مجلس الوزراء بدون تحديد من الممكن ان يتكرروا بالحكومة المقبلة .
وكأنه تعديل وزاري على مستوى رؤساء الحكومات و ابقاء معظم الطاقم متكررا .
على رئيس الحكومة المكلف ان يدرك ان المرحلة القادمة ليست مرحلة عادية او سهلة الاجتياز على كافة المستويات فالحكومات السابقة تركت تركة ثقيلة متهالكة للحكومة المقبلة محليا و ايضا اقليميا ودوليا الوضع ليس افضل بكثير فلا بد من حكومة تأتي تستطيع ان تدير ازمة التغيرات السياسية في الاقليم خصوصا مع التطورات المتسارعة في فلسطين و فرض الكيان الصهيوني نفسه كقوة اقليمية يستطيع من خلالها بناء التحالفات مع عدد من الدول التي اعلنت ذلك مؤخرا ورفض الاردن قيادة وشعبا ان تكون القدس عاصمة لغير فلسطين و ان حل الدولتين هو الحل الشامل والعادل الذي يتمسك فيه الاردن منذ زمن بعيد .
كما ولديها ملفات ساخنة جدا ابرزها المحاور الثلاثة الاقتصادي و الصحي و الاصلاح السياسي التي كانت الاشد وطأة في حكومة الرزاز و اشرت الاحصائيات والدراسات الى تراجع كبير في ادائها الايجابي مما يشكل دافعا حقيقيا امام الرئيس المكلف باختيار دقيق للوزراء دون ادنى مجاملات او محسوبيات يستطيعون ان يقدموا محاولة جادة لعبور المرحلة الصعبة جدا للتلك المحاور و ملفات اخرى اجتماعيا تمثلت بازدياد اعداد الانتحار و القتل و ارتفاع الجريمة المرتبط بتدني القيم الناتجه عن تفشي البطالة و زيادة نسبة الفقر و الجوع والعوز وكذلك التعليم العام و العالي وما رافقهما خلال ازمة كورونا من تعطيل او تضرر خصوصا لدى الطبقة الفقيرة والريفية من المجتمع الاردني
ان اختيار الوزراء يجب ان يكون بعيدا عن الهواة او رعاة التجارب الحدثية والخبرة الطارئة فالاردن الان ليس بحاجة الى اسماء و القاب بقدر ما هو بحاجة افعال و اعمال تنعكس على حياة كل مواطن لذك امام الحكومة ايضا مراجعة القوانين التي شكلت حالة غير جيدة من القبول في المجتمع الاردني كقانون الضريبة و العمل و الضمان الاجتماعي وقانون الانتخابات وعدد من القوانين الاخرى.
و على الحكومة المقبلة ايضا وبعد الازمة الصحية العالمية الكبرى ان تحمل بجد كبير مشروع الرعاية الصحية لكافة منتسبي الضمان و اسرهم لينعكس ذلك على تطوير القطاع الصحي بشكل عام و يؤدي بالنتيجة الى نتائج اجتماعية مقبولة .
اذا يمكننا القول ان امام الحكومة تحديات جسام وتركة ثقيلة جدا ليس من السهولة بمكان عبور المرحلة بنجاح دون اختيار سياسي دقيق للفريق الوزاري المقبل .
الدكتور باسم تليلان .
عضو الجمعية الاردنية للعلوم السياسة