حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الخميس ,26 ديسمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 416427

ماذا نتوقع من الحكومة المنتظرة

ماذا نتوقع من الحكومة المنتظرة

ماذا نتوقع من الحكومة المنتظرة

04-10-2020 02:30 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : الدكتور جميل السعودي

عهدنا منذ زمن طويل أن الآمال تعقد على حكومات لطالما إجتهدت وقدمت ما لديها للتعامل مع شبكة من التعقيدات ، فمن الحكومات من قضى نحبه بعد ان زاد من عدد العقد في شبكة التنميه، ومنها من استطاع حل بعض العقد لكن تسبب في زيادة العقد الاخرى تعقيدا. تعودنا كشعب ان لا يعجبنا العجب نفسه نتيجة للمربع الاول الذي ارجع الوطن اليه من قبل كثير من الحكومات المتعاقبة التي اجتهدت وكان اجتهادها ليست بحجم الاستراتيجيات والتحديات، كما تعود الشعب الحكم مسبقا على اية حكومة بالفشل وهي في المخاض، مما عكس جميع معايير المنطق وتقييم الاداء وفسح المجال أمام كل المشمرين عن سواعدهم لتقديم ما يمكن تقديمه. المعلدله صعبه على الحكومة القادمة ، فكيف لها ان توازن بين استراتيجية التنمية وخارطة الطريق التي وضعها صاحب الجلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين حفظه الله وبين العشرات من الملفات الشائكة والمعقدة من جهة، ومن جهة اخرى بين رؤى الشعب وطموحاتهم وتقيمهم المسبق للحكومة حتى قبل ولادتها ورفض الشعب لأية طروحات أو أعباء تنموية يمكن أن تمس جيوبهم وأشير هنا الى الضرائب بنوعيها المباشر وغير المباشر.

إن إختيار الوزراء للحكومة القادمة يخضع الآن باعتقادي الى دراسة مستفيضة وتقييم حاد في مطبخ القرار. لكننا نأمل ان تكون هذه الحكومة على مستوى عال من فهم التحديات والملفات العالقة الشائكة التي تقع حجرة عثرة أمام مسيرة التنمية. كما أن فهم هذه الملفات وعوائق التنمية لا يكفي للوصول الى بر الآمان وإكمال المسيرة نحو النماء ؛ بل هي بحاجة الى وزراء لديهم المقدرة والعلم والخبرة والدافعية والايمان بالعمل الجاد من منطلق حب الوطن وتحمل المسؤولية تجاهه، كما ان أخذ الدروس من دول ثانية إقليمية ودولية أصبح أمر ضروري للخروج من صندوق الافكار التقليدية وروتين المسؤولية التي لم تقدم شيء بل أخرت الوطن لدرجات الجميع لا يستطيع نكرانها. لذلك فإن الأهمية والحاجة الى التغيير في المنهج والرؤية والنظر الى التحديات من خارج الصندوق الذي تعوّدت أن تنظر منه الحكومات السابقة، أصبح لا ملاذ عنه، وبخلاف ذلك سنعود للمربع الأول من جديد.

إن قاعدة هرم التطوير والتنمية مبنية على التغيير الاستراتيجي على مستوى السياسات والتوجهات الاقتصادية وخطط التنمية ، لكنني أرى ان أولوية التركيز يجب ان تبدأ بقطاع الصحة والتعليم بما فيه المعلم والتعليم عن بعد وتكنلوجيا التعليم ، وإدارة الأزمات وتكنولوجيا المعلومات، ووضع برامج خاصة لانقاذ قطاع الصناعة والمشاريع الصغيرة، ووضع استراتيجية جديده للنهوض من جديد بقطاع السياحة، ووضع برامج خاصة ومدروسة للتعامل مع مشكلة البطالة وجيوب الفقر التي أصبحت تعم كل المحافظات، وتحسين البنية التحتية لجميع قطاعات الاقتصاد وخصوصا الاستثمارات المحلية والاجنبية . كما ويجب إعادة النظر في تعديل بعض القوانين الضريبية وغعطاء حوافز ضريبية للصناعات الصغيرة والاستثمارات الاجنبية ضمن شروط يجب دراستها بعناية واخذ خبرات الدول الاخرى بهذا الشان.

اما بالنسبة للمشكلة الاقتصادية الحالية، فإنه لا يمكن أن تحل بعصى سحرية تمتلهكا الحكومة القادمة، بل لا بد من العمل على منظومة تصحيحية تحدد بعناية وشفافية أولويات العمل، بالاضافة الى مجموعة العوامل التي تؤثر على سد الفجوة بين عجز الموازنه من جهه وبين مخرجات الناتج المحلي ومستوى الدخل القومي من جهة اخرى، وإتخاذ إجراءات وسياسات اقتصادية بدء من السياسات المالية والنقدية والاستخدام الأفضل للكتلة النقدية المتوفرة في الجهاز المصرفي، وتوجيه وتثقيف الناس بضرورة تعزيز وتطوير المشاريع الصغيره، وعمل مؤسسات وجمعيات متخصصة تراقب اداء هذه المشاريع بدلا من التوجه الى القطاع العام بحثا عن الوظائف. كما ويجب النهوض بقطاع الخدمات وإيجاد أسواق جديده للمنتجات الأردنية بعد تطوير جودتها لترقى الى مستوى العالمية ، كما أن الحاجة أصبحت ضرورية الآن الى التقشف العام على مستوى كثير من مؤسسات الدولة والتخلص من مجموعة من الهيئات الحكومية أو دمجها للحد من الإنفاق غير المبرر أحيانا، وذلك كون مخرجات بعض هذه الهيئات متواضعة جدا مقارنة بالمدخلات بما فيها التكاليف.
ارى ان الحكومة سوف تصدم بمجموعة من الملفات الشائكة عند الانتهاء من فرحة تشكيلها، واقترح بناء مايلي للتعامل مع بعض هذه الملفات:-

أولا: ملف الفقر والبطالة - يمكن الحد من آثاره السلبية والتسريع في السيطرة عليه من خلال مايلي:
1. اعادة النظر في القوانين المرتبطة بالعمالة الوافدة والحد من العمالة الاجنبية أو العربية التي لا داعي لوجودها على ارض الوطن وفرض غرامات كبيرة جدا على كل من يوظف عامل وافد يحمل تأشيرة سياحية او غير مصرح له بالعمل، مع اعادة النظر في عملية السماح لكل من هب ودب في دخول الاردن دون سبب وجيه او الحصول مقدما على تاشيرة سياحية ضمن شروط معينة .
2. أصبح قطاع العمل في الاردن بمثابة متنزه لكثير من العمالة الوافدة، الذين يحصلون على تأشيرات وتصاريح عمل ويمضون في الاردن كل عام فقط ستة شهور والستة شهور الاخرى يمضونها في بلدانهم ، حيث يقومون باحلال زائرين من اقربائهم او اصدقائهم بدلا منهم خلال تواجدهم في بلدانهم ، الامر الذي يشكل أعباء اقتصادية واجتماعية وامنية كبيرة ، لذلك لا بد من اخذ خطوات واضحة ومعلنه بهذا الشأن.
3. اعادة النظر في قبولات الجامعات لكي لا يمتليء السوق بدرحات علمية تكون همّا امام حامليها، في الوقت الذي اصبحت قطاعاتنا تعتمد بشكل كبير جدا على العامل الوافد في معظم المهن والاعمال، لان بقاء شروط القبول في الجامعات على ما هي عليه، قد يحل بعض المشاكل المالية للجامعات، لكنه يتسبب في مشاكل اقتصادية وتنموية اكبر من حجم الحلول التي توفرها للجامعات.
4. عمل برامج استثمارية محلية خاصة وموجهة لقطاع الشباب، وذلك بالتركيز على الاقتصاديات الصغيرة وحاجة المحافظات والمناطق الأقل حظّا الى حزم استثمارية خاصة بمشاريع صغيرة ذات أفكار ريادية.
5. اغلاق ابواب تعينات المصالح المتبادلة وتعزيز المحسوبيات والتعينات المبنية على اغلاق العينين عن سوق الكفاءات الاردنية، وذلك بغض النظر عن اعذار دوائر اتخاذ القرار بتلك التعينات. حيث أن إيجاد الاعذار من قبل متخذي القرار تكون عادة أسهل من القرار نفسه وان لوحظ ان تلك التعينات تدور في فلك بعض العائلات والأسماء المعروفة لجميع الناس خاصة أن كثير من ممن بتم تعينهم يعرفهم الناس ويعرفون كفاءاتهم ويعرفون ما لديهم من امكانيات وبالتالي يصعب تصديق اسباب ونهج تلك التعينات، واخص بالذكر التعينات في السلك الدبلوماسي او التعينات في مؤسسات مؤثرة في الاقتصاد او في مفاصل الدولة.
6. تاجير الاراضي التابعة للحكومة في المحافظات لقطاع الشباب بأسعار رمزية ضمن شروط محددة ومنشورة في الصحف الرسمية ووسائل الاعلام من اجل القيام بمشاريع زراعية او صناعية في مناطقهم ضمن منظومة مدروسة تشترك في صياغتها دائرة تشجيع الاستثمار ودائرة ضريبة الدخل والضمان الاجتماعي وبنوك الاستثمار وغرف الصناعة والتجارة ووزارة التنمية ووزارة العمل .
7. توجيه البنوك وإعطائها حوافز من قبل البنك المركزي لتبنّي برامج تمويل خاصه بتكاليف وضمانات ميسرة لفئة الشباب غير العاملين على ان تكون تلك البرامج فقط لغرض الاستثمار كل ضمن محافظته.
8. تأسيس جهه حكومية متخصصة جدا للقيام بتقديم المشورة المجانية ودعم ومساعدة مشاريع الشباب خاصة الصناعية منها لايجاد ومتابعة اسواق اجنبية لمنتجاتهم.


ثانيا: إعادة تنشيط وتطوير قوانين واجراءات تأسيس الجمعيات التعاونية واعطائها فرص للنمو والتميز من خلال حوافز واعفاءات مدروسة وواقعية، مع منع تغلغل ايدي اصحاب الاموال والسياسين في امتلاك حصة الأسد لتلك الجمعيات، وذلك لكي لا تتحول تلك الى شركات خاصة تلبس ثوب الجمعية التعاونية لتحظى بالميزات والاعفاءات وبالتالي تصبح يد مسيطره او عصى سحرية لدى الاغنياء في التأثير على المجتمعات المحلية لتحقيق مصالح شخصية ضمن المناطق الفقيرة او الاقل حظا.
ثالثا: ملف المحسوبية بجميع اشكاله: المحسوبية هي الركيزة الاساسية لجائحة الفساد التي هي للاسف اكثر تأثيرا على بلدانها من الكورونا او الطاعون ، واقترح للقضاء على هذه الظاهرة قبل ان تتحول الى عادة القيام بمايلي:
1. اعادة النظر بالقوانين المعنية بمحاربة الفساد وتغليظ العقوبات على كل من يثبت تورطه بعملية فساد سواء بشكل مباشر او غير مباشر مهما كان حجمها، ونشر كل ما يخص حالات الفساد بعد الانتهاء من التحقق منها واتخاذ اللازم بشأنها لتكون درسا لمن يعقدون العزم على السير في هذا النهج.
2. تشديد الرقابة على تدفق الاموال وتحوبلاتها للخارج، مع تطبيق اجراءات الاجابة على سؤال من اين لك هذا، وعدم السماح بأية تحويلات مشبوهة الا بعد التأكد والتحقق من مصادرها .
3. اعادة دراسة سلّم الرواتب وتوحيده بعد تحديد منهجيته بكل حيادية وعدالة وفي كل مؤسسات الدولة، حيث انه من المؤسف جدا ان ترى موظفا لديه درجة البكالوريوس وعدد قليل من سنوات الخبرة يتم تعينه في مؤسسات الدولة براتب يزيد عن راتب استاذ جامعي لديه ما لديه من الشهادات والخبره والعمل والبحث العلمي، ويزيد ايضا عن راتب ضابط عسكري خدم في القوات المسلحة عشرات السنين ويحمل نفس الدرجة العلمية، كما ويزيد ايضا عن راتب خمسة معلمين في المتوسط لدى اقلهم خبرة تزيد بضعة سنين عن راتب الموظف الذي تم تعينه كونه يحمل درجة النبلاء .
4. التأكد من أسماء اصحاب التعينات قبل نشرها لانها ستصبح بلا شك محرجة جدا لمتخذي القرار والمسؤولين، وفي هذا السياق فإنني أؤكد على ضرورة نشر الشواغر الوظيفية في الصحف الرسمية والسماح لكل اردني التقديم لها واعطاء فرص اجراء المقابلات والامتحانات لمن يتم حصرهم بكل حيادية بشرط ان تجرى المقابلات والامتحانات من قبل جهات محايدة متخصصة وغير حكومية.
هذه بعض الملفات الساخنة والمقترحات المتواضعه للتعامل معها حال بدء التشمير عن السواعد، لذلك فإنني ادعوا الله عزوجل ان تكون الحكومة القادمة وطنية وصالحة وخبيرة وصاحبة كفاءات وتؤمن بالعمل الجاد واللامستحيل ولا مطامع لها ولا تحمل في جيوبها وريقات المصالح والاستغلال.
بقلم: الدكتور/ جميل سالم الزيدانين السعودي








طباعة
  • المشاهدات: 416427
لا يمكنك التصويت او مشاهدة النتائج

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم