حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الإثنين ,23 ديسمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 1675

حكومة خالية من الحسد

حكومة خالية من الحسد

حكومة خالية من الحسد

09-10-2020 06:02 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : المحامي علاء مصلح الكايد
ضرب من الجنون أن يُحسد الداخلون إلى الحكومة أو الباقين فيها العابرون من سابقتها ، فبين المهمات الجسام تاريخيّاً ، تواجه هذه الحكومة أجسمها وأعنفها ، داخليّاً وخارجيّاً .

فمن حُسن طالع أيّ حكومة جديدة أنّ سابقتها تحمل مع رحيلها المزاج العامّ الغاضب أو الناقد ليتصفّر العدّاد فيُمنحُ الخَلَفُ فسحة زمنيّة قبل إعادة تشكيل المزاج من جديد ، بينما في الظرف الرّاهن فالأزمة الوبائية وما يستتبعها من آثار باقية كتركة ثقيلة مستمرّة الأثر ليس بمقدور الحكومة الجديدة تلافيها أو محو الذاكرة الشعبية الممتعضة من التقصير المؤدّي لإستفحالها إلّا بالنجاح - الكامل لا النّسبيّ - المتواصل منذ اللحظة الأولى لمباشرة العمل .

ففي أدبيّات العمل السياسيّ المنظّم وحتى غير المنتظم ، يسترخي المنافسون والخصوم السياسيّون في المراحل الأولى لتشكيل الحكومة ثم يعاد تموضع تلك القوى الفردية والجماعية على حدٍّ سواء ، ويتحوّل بعضها إلى دور الإستشاريّ المتبرّع في البدايات قبل تشغيل رادارات النّقد الموجهة للأداء ، لكن الظرف الحاليّ بعفويّته وتعقيداته لا يعترف بهذه الأدبيّات إذ تواجه الحكومة مشاكسات موسميّة إنتخابيّة ثم نيابيّة وأُخرى شعبيّةٍ تطالع المشهد بحذرٍ وترقُّب وهدوءٍ وهميٍّ لن يرحمها أو يمنحها مساحة للتريُّث .

وعليه ، تواجه الحكومة مزاجاً موقوتاً يستدعي منها تغيير كلاسيكيات الخطاب الرسميّ من عموديٍّ إلى أفقيّ ، تشتبك معه إيجابيّاً وتمتصّه مقرّبة إيّاه إلى صفّها حتى يشترك معها في القرار أو يستسيغه على أقلّ تقدير ، ويستدعي هذا بعض الإزاحات للكوادر الحكوميّة - دون الوزاريّة - لإنهاء حالة الغيبوبة التي تعامل بعض المتأثرين بها مع الرأي العامّ كمتلقّي للتعليمات ومتفهِّمٍ للعثرات لا أكثر ، والأهمّ ، مصداقية نقل التغذية الراجعة بموضوعيّة
لا إنتقائيّة فهي المرآة الصادقة بما تعبّر عنه من شواخص تتحكّم بالمسارات ، رحابتها أو ضيقها ، وعلى رأس تلك المغذّيات الأدوات التقنيّة ، الأصدق والأدقّ .

كما يستتبع تجنّب الضجيج المبكّر تقديم وجوهٍ مقبولة واسعة الصّدور ، تخرج عن تقاليد الهرميّة السُّلطويّة لتثبت وجودها في الميدان ، تتمتّع بمجسّاتٍ قادرة على قراءة المشهد بدقّة وإستشعاره لتتخيّر من بين الأدوات ما يحقّق الغاية مع الوسيلة المناسبة والمقبولة ، تمتاز بقدرات التدخُّل السّريع لتنفيس الإحتقانات ومنع تشكّلها .

ولا بدّ لهذه الحكومة أن تبدأ بردم الهوّة التي فاقمتها الأيّام بين الحكومات وذخيرة الوطن - الأغلبيّة الشّبابيّة - وألّا تسلك ذات الطريق الذي يصنع رموزاً شمعيّة لتلك الفئة كما حدث مع غيرها ، فالصالونات لم تكن يوماً صديقاً لحكومة بل تلاعبت بالرأي العام وبثّت فيه من السّموم ما بثّت ، وكذلك حال دوائر النفوذ المناطقيّ والماليّ إذ إختزلت معظم الحكومات موازين الرّأي العام في هاتين الجهتين اللّتين جثمتا على صدر جيل المستقبل وشيّدت قلاعها عبر تجيير حصّته وصوته لصالحها فحالت بين الشباب وأحلامهم ، ولن يُحيي تلك الآمال المكبوتة بعد المليك سوى حكومته التي تمتلك وسيلة التغيير ووأد تلك النمطيّة إذا أجادت كسح المطبات الصناعيّة وخرجت من دائرة التسكين المحكوم بالمحسوبية والإسترضاء والشكليّة .

قد تبدو الملفات مستحيلة على حكومة واحدة إذا ما نظرنا إليها كوحدة واحدة ، لكن العناية بكلٍّ منها ضمن مسار منطقيٍّ يسترشد بالتعليمات الملكية ويهتدي بهديها ضمن ذات المنظور الذي تتعاطى فيه مع الشعب كفيلٌ بإحراز تقدم يصبّ في خانة الثقة التي ما لبثت أن بُعِثَت الرّوح فيها حتى عادت لغرفة الإنعاش ، فعمق الرّؤية يتنافر مع عقم الأدوات .

لا تُحسَد هذه الحكومة على حِملِها ، وعليها أن تخفّف من حمولتها نوعيّاً وكمّيّاً ، فالظرف الدقيق غير التقليديّ يفترض طريقة غير تقليدية في الإدارة ، تستغلّ تناغم الأجهزة الذي إمتدحه القائد للمرّة الأولى في حياته ، وتستمثر التفهُّم الشعبيّ الذي رافق بدايات الأزمة ولازم نجاحها المؤقت .

ورغم أن هذه الحكومات معفاة مرحليّاً - بموجب الدستور - من تقديم برنامج عمل نظراً لتشكّلها في ظلّ غياب مجلس النوّاب ، إلّا أن ذلك لا يعفيها من الإعتناء بشرح وتفصيل ما تنتوي إتخاذه من إجراءات بشكل عمليٍّ مُفصَّلٍ حتى تمنح نفسها أرضيّة شعبيّة متفهّمة لقرارات قد تكون صعبة تحتاج التوطئة والتهيئة لإستيعابها والتكيُّف معها .

لسنا فريقين بل فريق واحد ، شعبٌ ومؤسّسات ، فالرابح نحن جميعاً وكذلك الخاسر - لا قدر الله - ، ولسنا في وارد التصيُّد للحكومات أو أي سلطة من السُّلُطات ، لكنّ حرص رأس الهرم وقاعدته يوجبان الرقابة الشديدة على الحركات والسَّكَنات ، فالخطأ في حرم الأزمة بعشرة أمثاله ، وكذلك هو الصّواب .

نحن بلد المؤسسات والطاقات والخبرات ، الأَولى بالإزدهار والخيرات ، ولن نقبل بأزمة إدارة أن تستمرّ ، فالغطائين الملكيّ الأعلى والشعبيّ متوافرين لم ولن ينقطعا ، والغرم بالغنم ، والأجر على قدر المشقّة .

والله من وراء القصد

حمى الله الأردن قيادة وشعبا








طباعة
  • المشاهدات: 1675
لا يمكنك التصويت او مشاهدة النتائج

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم