11-10-2020 09:38 AM
بقلم : عماد الشهاب
حسب تقرير منظمة الشفافية الدولية لعام 2018 يحتل الأردن المرتبة 58 من بين 180 دولة في مؤشرات الفساد، وهذا يعني أن الفساد واقعٌ ملموس يأتي إلى جانب واقعٍ مرير آخر هو أن الدولة الأردنيّة القابعة وسط منطقة ملتهبة، هي دولة محدودة الموارد خصوصاً الماء والطاقة وتعاني تحديات جيوسياسية واقتصادية جمّة، وبالتالي فالفساد بمثل هذه الظروف واستمراره هو خنجرٌ قاتل في خاصرة الوطن.
الأسئلة المهمّة هي : مَن يساهم في صناعة هذا الفساد؟ وهل الطبقة السياسية هي فقط المعنية به؟ وهل المجتمع يساهم في الفساد ؟
إن الفساد الكبير الذي يهدد الوطن اليوم هو فسادنا نحن، نعم "فساد الناخبين" أمام صندوق الاقتراع، لأن الناخب الذي قدم مصلحته الخاصة أمام صندوق الاقتراع واختار نائباً فاسداً أو غير كفؤ، لا يقل خطورة عن المتآمر أو السارق أو المارق، فلتكن بداية محاربتنا للفساد باختيار الأكفأ وإقصاء الفاسد والمتسلق والسمسار.
وتفيد نتائج انتخابات المجلس النيابي السابق(المنحل) أن مخرجاته فئوية جاءت على أساس رابط الدم والعلاقات الشخصية والمناطقية، إلى جانب المال الأسود، لذلك كان المجلس خالياً من الدسم السياسي باستثناء عددٍ محدود جداً من النواب لا يستطيعون التأثير تحت القبة .
وأكدت عددٌ من الدراسات أن الهيئة الناخبة في الأردن تتجه في اغلبها نحو المناطقية والعشائرية والمصالح الذاتية على الرغم من سلبية القانون، إلا أنني أجد الإرادة والوعي لدى الناخبين هي الأساس في افراز المجلس مهما كان القانون.
عندما نقدم اهواءنا ومصالحنا الفردية عند اختيار المرشح، فنحن بذلك نمارس شكلًا من اشكال " الفساد الانتخابي"، وهذا النوع من الفساد فاعله هو الناخب الذي قدم مصلحته الخاصة أمام صندوق الاقتراع، فاختار نائباً فاسداً أو نائباً غير مؤهل، وهنا تثبت مقولة : خلف كل نائب فاسد أو ضعيف ناخب فاسد أو جاهل"، لذلك لنجعل محاربتنا للفساد تبدأ بالاختيار الصحيح من بين المترشحين وإقصاء الفاسدين وغير المؤهلين، لنكون في الأيام القادمة أمام مجلس نيابي يرمم الكثير من الأخطاء على مستوى الدولة والاضطلاع بدورة السياسي والقانوني في كافة القطاعات.
إن محاربة الفساد تصرف طبيعي لأي فرد والسكوت عنه هو الأمر الشاذ، فالمواطن الواعي لا يقبل بأن يسرق أو يظلم، والوطنية ليست شعارات واهازيج، بل ممارسة حقيقية تسعى لتعظيم المنجز وحماية المكتسبات، فالفطرة الطبيعية للانسان تدفعه نحو الدفاع عن حقوقه وحقوق أبنائه، فكيف لنا أن ننتخحب شخصاً لا نثق بقدراته على التخطيط والتشريع لمستقبلنا !؟
من غير المقبول أن تكون المطالبة بمكافحة الفساد انتقائية حسب القرابة والمناطقية والمصلحة في الوقت الذي نعيش فيه نحن الناخبين في مواجهة حقيقية مع الفساد المالي والإداري الذي يجعلنا نميز بين الانتماء الاجتماعي الذي احترم وبين مصلحة الشعب والدولة والمستقبل.
يتذمر المواطنون من أداء الحكومة ومجلس النواب، والسؤال اليوم هل نحن جزء من ذلك الأداء الضعيف؟ هل نحن قادرين على تقديم ممثلين قادرين على مراقبة ومحاسبة الحكومة؟ ام سنقدم نواب يساومون الحكومة بمناقصات وعقود وتعيينات واعفاءات؟ وهل سنختار ممثلين نيام مكتومي الصوت والحيلة؟
عماد الشهاب
Emad.shehab123@gmail.com