13-10-2020 08:55 AM
بقلم : الدكتور يعقوب ناصر الدين
رسم جلالة الملك خارطة الطريق أمام الحكومة الجديدة من خلال كتاب التكليف السامي للدكتور بشر الخصاونة، وهي طريق محفوفة بمخاطر الجائحة اللعينة، والتحديات التي لم نخرج منها قبل ان يأتي الوباء ليقلب كل شيء رأساً على عقب، إننا أشبه ما نكون وسط مساحة تأكلها النيران، والطريق هنا لا تعني الذهاب من مكان الى مكان آخر، وإنما الانتقال السريع حول دائرة الحريق لمحاصرته، والقضاء عليه بأقل الخسائر.
ليس على مستوى الحكومة وحسب ينبغي إعادة تشكيل الموقف الكلي للتعامل مع الأمر الواقع فالحالة الأردنية كلها بحاجة الى إعادة تشكيل بعد أن أدرك الجميع حجم المسؤولية التي يتحملها الفرد، بغض النظر عن عمره او موقعه في المجتمع، فالمعادلة فرضت تحولاً غير متوقع في القرارات والمسؤوليات والحقوق والواجبات، سواء على المستوى المؤسسي او الاجتماعي، حتى تحولت الدولة بسلطاتها ومؤسساتها ومواطنيها الى كيان واحد يمرض كله او يشفى كله!
نظرة على القطاعات جميعها، وفي مقدمتها التعليم بجميع مراحله ترينا كيف تحولت المنازل والمدارس والجامعات الى مساحة واحدة للتعليم عن بعد، وكذلك الحجر المنزلي بدل المؤسسي مؤشر اخر في هذه الحالة التي لم يسبق لها مثيل الا في حدود معينة، وماذا يمكننا ان نرى من آفاق الاقتصاد الوطني سوى إعادته الى حالته المرضية الأقل خطورة، واليوم لا يمكن للاقتصاد ان يتعافى الا إذا تعافت الدولة كلها.
لا بد من مواجهة الحقائق، وذلك الوضع الاستثنائي الذي تعيشه البشرية جمعاء يتفاعل كل يوم بطريقة يصعب فهمها أو استيعابها، وهي تزداد تفاقما كلما ازدادت الدول المتقدمة تباهيا بدواء أو لقاح لم يره أحد، وبالنسبة لكثير من الشركات العالمية الكبرى التي تتهاوى الواحدة تلو الأخرى فقد فات الوقت لكي تنفعها شركات الدواء، او منظمة الصحة العالمية، وكل ما يمكن التثبت منه حتى هذه اللحظة هو اننا امام مجهول يفضي الى مجهول!
نحن بلد مستقر في هذه المنطقة غير المستقرة من العالم، ان لم يكن لدينا الكثير مما يمكن خسارته، فلدينا القليل مما يمكن ان نحافظ عليه ونزيده، ولعل أفضل نصيحة يمكن تقديمها للحكومة الجديدة هي العمل على إعادة تشكيل العلاقة بينها وين المواطنين كشركاء في القرار والمصير، وان تتخلى قليلا عن فكرة التعالي في إدارة الشأن العام، فتتواضع للناس لأنهم شركاؤها في إطفاء لهيب الجائحة وكل ما ينجم عنها من اثار سلبيه على شؤون حياتهم المختلفة، وفي اعتقادي ان ذلك هو مفتاح نجاحها حين تجد الباب الذي يخرجنا جميعا من هذا الحصار المقيت! وتلك هي الحوكمه بأذرعها الثلاثة المشاركة، الشفافية المساءلة.