20-10-2020 09:04 AM
بقلم : المحامي علاء مصلح الكايد
بكل أسف ، ما زالت تشريعاتنا الجزائية تغفل عن تأمين الحماية للمبلغين والشهود ، وقد إختزل قانون أصول المحاكمات الجزائية تلك الحماية بفئة معينة من الشهود وهم القُصَّر وذلك عبر إستخدام وسائل التقنيات الحديثة لدى سماع الشهادة فقط " .
ولا نقلل من شأن قانون منع الجرائم الذي تمارس عبره الحاكميات الإدارية والأمن العام مهام منع التعرّض والإحتياط من تعدِّ شخصٍ على آخر كما أن قانون العقوبات يجرّم أفعال التهديد والوعيد لكن تلك الوسائل غير تلقائية بس يقع العبء فيها على شخص جازف بكشف هويّته ليدرأ خطراً أو يكفّ شرّاً عن المجتمع بإكمله ، والمطلوب هو ضمان أكبر قدر من السرّيّة حول بلاغه أو شهادته بما يتناسب مع مقتضيات العدالة لا سيّما عند الإبلاغ عن فئة خارجة عن القانون وتحترف الإجرام بطريقة العصابات ، دون أن يتكبد الشخص عناء التقدم بالإستدعاءات والطلبات والمراجعات تحت الخوف والريبة .
ويحسب لقانون النزاهة ومكافحة الفساد عنايته بحماية المبلغين والشهود إذ صدر نظام خاصٌّ لهذه الغاية ، رغم أن هذا أصلٌ عامّ لا بد من توفيره في كافة القوانين ذات الصفة الجزائية تماشياً مع توصيات مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة والتي تؤكد الربط بين مقدرة الشاهد على الإدلاء بشهادته في محيط قضائي أو التعاون مع سلطات إنفاذ القوانين في التحقيقات مع توفر ضمانات تنأى به عن الخوف من الانتقام أو الترهيب ، كما تعدّ تلك الوظيفة من المعايير الأساسية في العهود الدولية المعنية بحقوق الإنسان .
إن الكثير من الممارسات السلبية محصنة نتيجة خشية المبلغ من التورط والمضايقة والإنتقام، ولا بد من الإستيثاق لتلك المسألة حتى لا يتوانى أي مواطن صالح عن التبليغ عن أي خطر أو ضرر قد يصيب المجتمع ، وقد تعرض العديدون فعلاً لردود أفعال سيئة نتيجة تقدمهم بالشكاوى والبلاغات .
وإن ظاهرة البلطجة على وجه الخصوص بحاجة إلى دراسة مستفيضة وحديث صريح بلا تحفظات ، فالتكرار وإمتهان الجريمة أدلة على عدم نجاح غاية التأهيل والإصلاح المرجوة ، ولا بد كذلك من إعادة النظر بطبيعة السجون وإمتزاج الموقوفين فيها وحتى المحكومين ، وتطوير البرامج التي أفرزت متشددين ومتعصبين وخارجين عن القانون في أروقتها خرجوا بحالات أسوأ من تلك التي دخلوا فيها .
وعلى الحكومة أن تستخدم صلاحياتها الواردة في قانون الجنسية الأردني بإسقاط الجنسية وسحبها من كل من أتى أو حاول أن يأتي عملاً يهدد أمن المجتمع وسلامته ، فآخر الدّواء الكَيّ .
لا شك بأن هذه الملفات المتداخلة بحاجة لورش عصف ذهني وتقييمات دقيقة وصريحة ، تتلوها إصلاحات تشريعية وقرارات إدارية صارمة ، فالفرصة الآن مواتية للخوض فيها لكن بلا قيود أو حدود قد تفقد الجهد زخمه الذي يحتاج .
حمى الله الأردن قيادة وشعبا
والله من وراء القصد