حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
السبت ,23 نوفمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 1095

مدى قصور التشريعات الجزائية عن معالجة ظاهرة فارضي الآتاوات

مدى قصور التشريعات الجزائية عن معالجة ظاهرة فارضي الآتاوات

مدى قصور التشريعات الجزائية عن معالجة ظاهرة فارضي الآتاوات

20-10-2020 04:45 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : مشعل ظاهر الماضي
من وحي جرائم فرض الآتاوات والتشريعات الجزائية التي تتصدى لها ،نستطيع الوقوف على الكثير من المعوقات التشريعية في قانوني أصول المحاكمات الجزائية و العقوبات ، وتحليل عدم مواكبة نصوصها للتطورات المستجدة على طبيعة الجريمة و أدواتها في الوقت الحاضر .

حيث بنيت تلك القوانين وعناصرها الأساسية على ما يتفق وطبيعة كل من المجتمع الأردني و الجريمة في ستينات القرن الماضي (تاريخ صدور قانون العقوبات وقانون أصول المحاكمات الجزائية )، ولا زالت الكثير من تلك النصوص سارية المفعول ، و على الرغم من إجراء ما يقارب تسعة عشر تعديل عليها ، إلا إنها لا زالت عاجزة عن مواكبة التطور المشؤوم على اسلوب ارتكاب الجريمة من حيث أخطر أدواتها المتمثل بفهم المجرمين وعلمهم بجميع الثغرات القانونية في تلك القوانين ، و التي يستطيع من خلالها المجرم ارتكاب جريمته من تهديد و إيذاء و سرقة دون أن يتم مساءلته قانونا ، وذلك من خلال اساليب متعددة، منها تهديد المجني عليهم لمنعهم من التقدم بشكوى للجهات الأمنية و كذلك الشهود و أساليب اخرى متعددة .

كل ماسبق اعلاه يحول دون تمكن الأجهزة الأمنية المختصة و النيابة العامة من ملاحقة مرتكبي الجريمة و إيداعهم للقضاء .
اما الجرائم الأشد خطورة التي يخول القانون فيها النيابة العامة و مساعديهم ،ملاحقة المجرمين دون شكوى ، فإنهم يعملوا على استغلال افراد عصابتهم كشهود لنفي الجرائم التي تنسب إليهم ، وكذلك تهديد شهود الاثبات والمجني عليه للحصول على البراءة ، أو تقديم شكوى مقابلة، مرفقة بتقارير طبية لإجبار الخصم على التنازل ، وهكذا استمر الحال واستشرت الظاهرة الجرمية وتطورت ، حتى وصل الحال إلى جريمة تقطيع أوصال وفقء العيون .

كل ماسبق يجسد إستغلال المجرمون لثغرات لم يعالجها المشرع ، مما تسبب في عجز تشريعي جعل الأجهزة الأمنية المختصة والنيابة العامة والمحاكم غير قادرة على مواجهة هكذا جرائم ، فاستقوى اصحاب السوابق و وجدوا في الآتاوات وسيلة عيش مربحة ومريحة في نفس الوقت ، والسبب الرئيس لذلك هو قصور نصوص تشريعية استخدمت لزمان غير زمانها ،و لمجتمع تبدلت شخوصه واحوالهم وعاداتهم وتقاليدهم، اقتضب منها على سبيل المثال لا الحصر نصوص المواد المذكورة أدناه من قانون العقوبات الحالي رقم 16لسنة 1960 وتعديلاته، والتي لازالت سارية المفعول حتى يومنا هذا وكما يلي :

تنص المادة 459 منه (يعاقب بالغرامة حتى خمسة دنانير كل من تسبب في تخريب الساحات العامة والطرق )، وكذلك تنص المادة 460منه(يعاقب بالغرامة حتى خمسة دنانير كل من زحم الطريق العامة دون داع بوضعه أو تركه عليها أي شيء يمنع حرية المرور وسلامته ).

وبالعودة إلى كيفية معالجة المشرع الجزائي لظاهرة الآتاوات وجرائم الإيذاء البسيط والتهديد التي اصبحت ترتكب بشكل يومي اسوق اليكم الشواهد التالية :
أولا : يعتبر التهديد بالإيذاء الجسدي البسيط أو تحطيم الممتلكات أو سرقتها الخطوة الأولى في بدء ظاهرة الآتاوات، وقد تعامل معها المشرع كما يلي :

أ : اشترط قانون أصول المحاكمات الجزائية لملاحقة هكذا جرائم ، تقديم شكوى من صاحب الشأن من خلال المادة( 3/أ )منه ، وهنا وأمام سطوة اولئك المجرمون لن يستطيع المجني عليهم تقديم شكوى ، وعليه نرى أن يتم تعديل المادة أعلاه بما يخول الجهات المختصة ملاحقة هذه الجريمة بمجرد العلم بها، وأن يتم الأكتفاء بالتقرير (الضبط) المصدق من رجال الأمن العام ،وذلك في حالة كون الجاني من اصحاب السوابق الجرمية .

ب : لم يغلظ قانون العقوبات الحالي ، العقوبة على جرم التهديد الصادر من أصحاب السوابق حيث نصت المادة( 349الفقرة 1) على ما يلي :
من هدد آخر بشهر السلاح عليه عوقب بالحبس مدة لاتتجاوز ستة أشهر. ( بمعنى يستطيع القاضي الحكم على الجاني أسبوع سجن يستبدل بالغرامة بمبلغ دينارين عن كل يوم ).

ثانيا : إطلاق قانون العقوبات لمفهوم الحق العام على الجميع ، دون استثناء اصحاب السوابق الجرمية من ذلك، حيث يعّرف الحق العام بأنه هو الحق الذي تقتضيه الدولة من الجاني نيابةً عن المجتمع ككل كون الجرم الذي تم ارتكابه بحق الضحية قد أخل بأمن المجتمع وأستقراره .
و بالعودة إلى جرائم الزرقاء كمثال على تطبيق الحق العام ، هل قتل لبنى الكوشيه خلال عام 2014 من قبل جهاد الخالدي ( الذي كان يسعى لجلب قوته اليومي من خلال بسطة بضائع متواضعه ) ، يستوجب تطبيق عقوبة الحق العام بحقه ، ليبقى في السجن لمدة سبع سنوات ونصف ؟

هل تعرض أمن المجتمع وسلامته للخطر بقتل صاحبة السوابق لبنى الكوشية ، ام تخلص المجتمع من خطرها اليومي على ارواح وممتلكات البشر ؟
نترك الإجابة لمشرعنا الكريم .

ونتمنى على الحكومة الجديدة ، والسلطة التشريعية بنوابها القادمون إجراء مراجعة شاملة للتشريعات الجزائية ، والتعديل عليها بما يتلائم والمستجدات الإيجابية والسلبية على المجتمع الأردني ، وبما يعزز صلاحيات رجال الأمن العام والنيابة العامة عند تعاملهم مع أصحاب السوابق الجرمية، ويؤمن الحماية اللازمة لرجال القضاء ، وصولا إلى منظومة أمنية ،إدارية ،قضائية ، تشريعية، قادرة على حفظ وحماية حقوق الإنسان الأساسية .
مشعل ظاهر الماضي ~ البادية الشمالية.








طباعة
  • المشاهدات: 1095
برأيك.. ما خيارات ترامب للتعامل مع إيران بعد فوزه بانتخابات الرئاسة الأمريكية؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم